مُتسارعة؛ تدور عجلة الاستيطان وتكثيف البناء والسيطرة على ما تبقى من أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ضمن سياسية إسرائيلية متطرفة تسعى إلى ابتلاع وامتلاك الأرض باعتبارها أحقية يهودية لا تقبل القسمة على اثنان.
ويعزز تلك السياسة وزير الحرب الإسرائيلي(نفتالي بينيت)، الذي شرع مؤخرا في حملة لتكريس الضم الفعلي لمنطقة (ج) التي تشكل أكثر من 60 في المائة من الضفة الغربية؛ لصالح الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
وكشفت صحيفة (هآرتس) قبل يومين أن بينيت أعلن عن تشكيل جهاز أطلق عليه (المنتدى المسؤول عن الحرب على مستقبل منطقة ج)، والذي سيكون مسؤولاً عن منح المستوطنين تراخيص لشراء أراض في المنطقة بشكل خاص، وربط النقاط الاستيطانية التي دشنت من دون إذن الحكومة بشبكتي الكهرباء والمياه وعدم السماح بإخلاء المستوطنين من الأراضي الفلسطينية الخاصة التي سيطروا عليها.
وأوضحت الصحيفة أن السماح للمستوطنين بشراء أراضي في مناطق (ج) بشكل خاص ودون وساطة شركات يمثل تحولاً في المكانة القانونية لهذه الأراضي، مشيرة إلى أن هذا التحول يساعد على السيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن جهات قضائية إسرائيلية( قولها إن التجسيد الفعلي لبعض القرارات التي سيتخذها المنتدى الجديد يعني أن (إسرائيل) شرعت عملياً في ضم مناطق (ج) لإسرائيل).
وأشارت إلى أن بينيت أكد، عند إعلانه عن تشكيل المنتدى أن (مناطق (ج) تتبع (إسرائيل) وقد أبلغت الجهات المختصة منذ شهر أن السياسة الرسمية التي اعتمدها المستوى السياسي تتمثل في وجوب تمكين اليهود من البناء فيها).
حفاظ المصالح
ويرى د.عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية والقدس، أن عملية تهويد الضفة والسيطرة عليها بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، دون أن تطرح السلطة منذ اتفاق أوسلو أي رؤى أو برنامج لمواجهة فرض الاحتلال أمر واقع جديد على الضفة.
ويوضح قاسم في حديثه لـ"الرسالة نت" أن ما تبقى لقيادة السلطة هي مصالح شخصية تحاول الحفاظ عليها، وتمتنع من اتخاذ خطوات ضد الاستيطان بسببها، وترفض أن تُعيد النظر في اتفاق أوسلو الذي يشير بوضوح منذ توقيعه إلى وجود تخلي عن الحقوق الفلسطينية وتسلم بالاحتلال.
ويؤكد أن الهدف من السيطرة على مناطق (ج) وضمها يأتي كمقدمة لضم القرى ومحاصرة الشعب الفلسطيني في كانتونات؛ من أجل دفعه للهجرة بعد السيطرة على أرضه والتضييق عليه.
وعن الخطوات التي ستتخذها السلطة في ظل السيطرة على المزيد من الأرض، يعتقد قاسم أن القيادة الفلسطينية ليست معنية بتحرير أي جزء من فلسطين وتدعم بسياستها ما يريده الاحتلال، مبينا أن رئيس السلطة محمود عباس سيكتفي بالاستنكار والتباكي أمام العالم دون أن يطور رؤى وخطة لمواجهة الاعتداءات؛ كون ذلك يتعارض مع مصالح زمرته في مقاطعة رام الله.
شرعت بالضم
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. صالح النعامي أن (إسرائيل) شرعت بالفعل في ضم أراضي الضفة الغربية، بعد إعلان وزير الحرب بينت بدء خوض المعركة على مصير الأرض عبر تشريع شراء اليهود للأراضي الفلسطينية.
ويبين النعامي عبر صفحته الشخصية بالفيسبوك أن هذا الإعلان يحظر طرد المستوطنين من الأراضي التي سيطروا عليها عنوة.
ويشير إلى أن تلك الإجراءات تأتي تزامنا مع حالة الضياع الفلسطيني والتشظي العربي والتهافت على الشراكات مع الصهاينة والتي تؤجج جنون (إسرائيل).
جدير بالذكر أن اتفاقية (أوسلو) قسمت الضفة الغربية إلى 3 مناطق؛ هي (أ) و(ب) و(ج)، وتمثل المناطق (أ) نحو 18 في المائة من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًّا وإداريًّا، في حين تمثل المناطق (ب) 21 في المائة، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.
أما المناطق (ج)، التي تشكل 61 في المائة من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.