على استحياء؛ يأتي الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية، بطلب من السلطة الفلسطينية على ضوء الإعلان الأمريكي عن تفاصيل ما يُسمى بصفقة القرن الرامية إلى تسوية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني بالشرق الأوسط.
ولعل المواقف العربية الباهتة التي أعقبت الإعلان عن الصفقة الأمريكية وتبنيها ودعمها من بعض الدول وصمت آخرين؛ تعكس ما ستؤول إليه نتائج الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب والذي جاء بعد أربعة أيام من إعلان الصفقة!
ولم يقف الأمر لهذا الحد، بل وصل حد الاشمئزاز فيما كتبه وزير خارجية دولة الإمارات وهي إحدى الدول العربية الأبرز التي شاركت في حفل الإعلان عن الصفقة، عبد الله بن زايد في عنوان مقاله الذي روسه بعبارة: " لم يرفض الفلسطينيون شيئا إلا خسروه"، في إشارة إلى رفضهم صفقة القرن.
وتتضمن خطة ترامب التي أعلن عنها، الثلاثاء الماضي، ورفضها الفلسطينيون، إقامة دولة على شكل أرخبيل تربطه جسور وأنفاق. وتمنح الخطة (إسرائيل) الكثير مما سعت إليه طويلا، بما في ذلك الاعتراف بمستوطناتها غير الشرعية المقامة بالضفة الغربية وبالسيادة على غور الأردن وبأن القدس عاصمة (إسرائيل) وغير القابلة للتقسيم.
تقليدي ومُكرر
ويُقلل الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل من أهمية اجتماع وزراء الخارجية العرب، معتبرا أن ما سيصدر عن الاجتماع لن يتعدى أكثر من بيان تقليدي ومكرر يدعم القضية الفلسطينية ويخفي في باطنه أشياء أُخرى.
ويوضح عوكل في حديثه لـ"الرسالة نت" أن كل دولة عربية باتت تبحث عن مصالحها لوحدها، مبينا أن الدول التي أعلنت دعمها للصفقة ورحبت بها لن تغير موقفها من خلال الاجتماع العربي، والذي لا يتوحد لصالح القضية وإنما يتوحد لقضايا ثانوية.
ويبين أن الواقع العربي يعكس حصيلة مرحلة وتغيرات مختلفة لم يعد فيها الفلسطيني يركن إلى موقف عربي جاد وقوي يقدم الدعم له، وإنما باتت الدول تبحث عن مصالحها وأولياتها في ظل حالة الاختراق الواسعة من (إسرائيل) لتلك الدول.
ويشدد على أن الأجدر يكمن في البحث وتعزيز الموقف العربي الشعبي لضغطه الأكبر من أنظمته نفسها، وأن يسبقه توحيد الكيان السياسي الفلسطيني الداخلي وترتيب خطواته ثم البحث عن استناد لجبهة عربية.
تغير المبادئ
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف مع سابقه، مضيفا أن "الجامعة العربية قرئت عليها الفاتحة منذ سنوات وهذا الاجتماع لا يتعد أكثر من كونه اجتماعا روتينيا لما كان عليه في الماضي، وسيكون خيبة لمن ينتظر قرارا قد يرفض ما تريده أمريكا و(إسرائيل)".
ويتساءل الصواف لـ"الرسالة نت" قائلا: "ألم يقل العرب نحن مع ما يريده الفلسطينيون لماذا اليوم تغير هذا المبدأ وأصبحوا يوافقون على ما يرفضه الفلسطينيون".
ويستبعد أن يخرج العرب بموقف موحد لمواجهة صفقة القرن والتصدي لها ومساندة القضية الفلسطينية، مردفا "حتى الذي تتمناه السلطة لن يكون هناك اجماع على موقف عربي مؤيد".
ويبين أنه 4 دول رئيسية كالإمارات والسعودية وعمان وغيرها لم يرفضوا هذه الصفقة بدل دعموها؛ للحفاظ على مصالحهم وارتباطاتهم مع الولايات المتحدة و(إسرائيل)، معتبرا أن الموقف العربي لا يعول عليه كثيرا.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن اجتماع وزراء الخارجية العرب لن يتعدى كونه اجتماعا اعتياديا لحفظ ماء الوجه والخروج ببيان ظاهره غير باطنه.