غزة _أمل حبيب
بعد ان سرق "التوك توك" عمل الحمار وخطف منه الاضواء والانظار.. ظل الحمار حزينا ينادي ويستغيث في اسواق القطاع حتى لا يغرق في بحر البطالة , ولكن لا حياة لمن تنادي.. فانخفض سعر الحمار ورفيقه الحصان واصبح "سوقهم واقف".
ولأهمية الموضوع، وبسبب المكانة المتميزة التي يتمتع بها الحمار في مجتمعنا الفلسطيني لاسيما المزارعين, زارت "الرسالة" سوق "الحلال" الخاص بتجارة الدواب وخاصة الحمير والاحصنة شرق حي الشجاعية للتعرف على اسعارها ومدى تأثرها بعد غزو "التكاتك" للقطاع.
تربيته متعة
التاجر ابو عنتر 42 عاما من شمال القطاع يقول:" انخفض سعر الحصان والحمار وخصوصا بعد دخول التوك توك الى البلد عبر الانفاق ", وتابع حديثه للرسالة بعد تنهيدة طويلة :" السوق واقف , والبائعون أكثر من المشترين" , منوها الى ان سعر الحمار بلغ في الماضي 350 دينارا واصبح اليوم ب 270 , و الحصان كان ب 1000 دينار واصبح ب500 .
وعند سؤالنا له عن سبب الحزن المرسوم على وجهه اجاب :" بيع الدواب هو مصدر رزقي وتربية الحصان هو متعة بالنسبة لي , فعندما أطعمه أشعر بالسعادة وعندما يكبر أزداد فرحا وكانه أحد اولادي , ولكن ما يزعجني ان الحركة في السوق اصبحت قليلة ".
يذكر بان اقبال المواطنين في القطاع على شراء التوك توك ازداد في الاونة الاخيرة , فالمواطن أبو أسعد استبدل عربة الحمار الخاصة به بالتوك توك لنقل البضائع وتوزيعها بدلا من الحمار البطئ وعدم تحمله المشي لمسافات طويلة , موضحا بانه يتخذه وسيلة للرزق و للتنزه والرحلات مع افراد اسرته .
مواكبة التطور
بينما يرى أبو فهيم احد المتجولين في السوق بانه يجب مواكبة التطور والتقدم واستخدام الوسائل الاسهل والانظف , قائلا :" الحمير تجلب القاذورات للمكان والرائحة الكريهة تزعج الجيران ويحتاج الى التبن والشعير , بينما التوك توك لا يحتاج الا الى بنزين او سولار وهو متوفر في الاسواق ".
أما أبو محمد في العقد الخامس من العمر فهو مولع بالاحصنة والحمير منذ نعومة اظفاره, وذلك عندما كان يذهب مع والده لنقل الخضراوات من المزرعة الى السوق لبيعها , وقال :" لا أستطيع تخيل غزة من دون عربات الحمير , لان المزارعين لن يستطيعوا التخلي عن دوابهم حتى لو دخل التوك توك بكثرة ".
واوضح أبو محمد بان حمولة التوك توك القصوى هي 500 كيلو اما الحصان فتصل الى 2 طن , مما يعنى ان التوتوك معرض للخراب ويحتاج الى ترخيص للتصليح والصيانة اكثر من الدواب والتي وصفها بالاصيلة .
الجدير بالذكر بان التوك توك الاكثر استخداما في القطاع هو لنقل البضائع والذي يتكون من دراجة نارية بثلاث عجلات تجر عربة للحمولة .
يوم لك ويوم عليك
لم يكتف التوك توك الجديد لابو علي بمنافسة حماره بل طرده من سوق العمل باكمله , وذلك بعدما اتخذ ابو علي التوك توك لنقل الحصان عليه ليبيعه في سوق الحلال , ولسان حال التوك توك يقول للحمار المطرود: "يوم لك ويوم عليك".
وتحت اشعة الشمس الحارقة يقف ابو جميل 33 عاما عند مقر التموين التابع لوكالة الاونروا في مخيم الشاطىء ينتظر أحد زبونا ليحمل له "كبونته " على عربة الكارو , ولكن معظم المتواجدين في المكان فضلوا تحميل مؤنهم على التوك توك.
وقال وهو يتصبب عرقا: "كنت اعمل بسلام على توصيل كبونات التموين ومساعدات الاونروا الى المنازل على عربة الحمار واكسب مائة شيكل او اكثر في النهار , ولكن اليوم الناس بتفضل التوك توك ", واضاف: "فكرت ببيع الحمار واستبداله بالتوك توك ولكنني الخسران في كل الاحوال".
ويبقى السؤال: هل أصبحت حمير القطاع مهددة بالانقراض فعلا ؟ أم ان مستقبلها المهني في طي المجهول؟