أجلت فصائل منظمة التحرير زيارتها لقطاع غزة والتي كانت من المفترض أن تكون غدا الأربعاء بإيعاز من رئيسها محمود عباس لعقد لقاءات وطنية في قطاع غزة، للتشاور في كيفية مجابهة صفقة القرن التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية مؤخرا لتصفية القضية الفلسطينية.
وبرغم مرور أسبوع كامل على قرار عباس بإرسال الوفد إلا أنه أجل الزيارة بادعاء عدم إعطاء حماس موعداً للقاء، لكن على ارض الواقع لم يكن الوفد قد حدد الشخصيات المشاركة، وجدول الزيارة، وأهدافها، وطبيعة اللقاءات المقرر عقدها، بالإضافة إلى الإجابة على السؤال الكبير المتعلق بزيارة عباس لقطاع غزة في الفترة القريبة بناءً على حديثه خلال خطاب يوم إعلان الصفقة.
وثمة من يرى أن الزيارة كانت ستؤجل وإن صارت فإنها ستصطف إلى سلسلة الزيارات السابقة التي شهدتها غزة على مدار السنوات الماضية، دون تحقيق نتائج مرضية على أرض الواقع، في اتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية، أو ترتيب البيت الداخلي، أو الاتفاق على برنامج وطني لإنقاذ القضية من الظروف الصعبة التي تمر بها حاليا.
وهذا ما تدعمه صحيفة "الأخبار" اللبنانية بقولها إن زيارة الوفد الفتحاوي لقطاع غزة في الأيام القادمة، هي زيارة شكلية فقط، حيث نقلت عن مصادر أمنية في رام الله، قولها، إنه اتفُّق على تشكيلة الوفد الذي سيرأسه القيادي الفتحاوي عزام الأحمد.
وفي المقابل، فإن حساسية التوقيت تدفع البعض للتفاؤل نوعا ما بزيارة وفد المنظمة لغزة هذه المرة، خصوصا في ظل الاتصالات الثنائية التي تكررت بين الرئيس محمود عباس وإسماعيل هنية رئيس حركة حماس خلال الأيام الماضية، بالإضافة إلى المطلب الشعبي بضرورة اتخاذ مواقف وطنية موحدة في مواجهة الصفقة.
وفي التعقيب على ذلك في حال تمت الزيارة، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر الدكتور مخيمر أبو سعدة أن الوفد جاء بناءً على إيعاز رأس الهرم في السلطة محمود عباس وبالتالي فإنه لديه صلاحيات واسعة لعقد لقاءات متعددة في غزة، بهدف تحقيق نتائج ملموسة، تتعلق بالموقف الوطني للرد على صفقة القرن بالدرجة الأولى.
وأضاف أبو سعدة أن قرار إرسال الوفد في هذا الظرف الحساس يمثل خطوة إيجابية على طريق إنهاء الانقسام الفلسطيني، ويجب أن ينظر للزيارة بعين التفاؤل، خصوصا في ظل ترحيب الفصائل في غزة بقدوم الوفد وخصوصا حركة حماس التي ترى في الزيارة نافذة أمل لترتيب البيت الفلسطيني من جديد.
وبيّن أنه في حال صدقت النوايا لدى جميع الأطراف، سيكون لهذه الزيارة مردود إيجابي على الساحة الفلسطينية، وقد تؤسس لخطوات تاريخية أخرى منها زيارة الرئيس عباس لغزة خلال المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى أنها ستكون منطلقا لتفعيل ملف المصالحة المعطل منذ أشهر طويلة، دون أي جهد لإعادة تفعيله من جديد.
وفي المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن أن الزيارة في حال تمت ، قد تكون مثل سابقاتها، تحظى باهتمام اعلامي وفصائلي دون أي رصيد على أرض الواقع، برغم أن الحالة السياسية الفلسطينية بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى ترتيب الوضع وإنهاء الانقسام بما يمكن الفلسطينيين من مواجهة الصفقة.
وأوضح محيسن في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن إنهاء الانقسام الفلسطيني عنوان مواجهة صفقة القرن وغيرها من المخططات التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، وذلك يتطلب موقفا واضحا من عباس في اتجاه تحقيق المصالحة بشكل فوري، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على كل التفاصيل الأخرى في هذا التوقيت الحساس.
وفي نهاية المطاف، تبقى الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن نوايا الوفد الزائر في حال حطت أقدامه غزة، ومدى جدية حركة فتح في تحقيق المصالحة وتوحيد الموقف الفلسطيني في مواجهة المخاطر المحدقة بالقضية لا سيما ملف صفقة القرن الذي يهدف لتصفية القضية بشكل كامل.