كاتب ومحلل اقتصادي
في خطوة تعتبر مغايرة لما تبنته سياسة الاحتلال السابقة من خلق واقع فلسطيني متعايش معه عبر ما يسمى "بالسلام الاقتصادي" منح من خلاله آلاف التصاريح للعمل داخل الأراضي المحتلة؛ يطلُّ علينا وزير الحرب (الإسرائيلي) نفتالي بينيت بتهديد سحب التصاريح من الفلسطينيين ووقف عملهم.
يأتي التهديد بعد أيام قليلة من تنفيذ تهديده السابق بوقف استيراد المنتجات الزراعية من الفلسطينيين في الضفة، مما يعني أنّ توجها مرسوما لدى دولة الاحتلال لتصعيد الإجراءات بوجه الفلسطينيين.
وبالنظر إلى ما قد يتسبب به إنفاذ قرار وزير الحرب (الإسرائيلي)، نجد الآثار الكارثية التي قد يصاب بها الاقتصاد الفلسطيني.
فنحو أكثر من مئة ألف تصريح عمل يمتلك الفلسطينيين، قرابة 70% منها في قطاع التشييد والبناء علاوة على العمالة غير الرسمية التي تدخل الأراضي المحتلة؛ وإيقافها يعني تحول أكثر من مئة ألف عامل فلسطيني إلى صفوف البطالة ليرفع نسبتها في الضفة المحتلة من 17% إلى أكثر من 50% علاوة على خسارة الاقتصاد الفلسطيني لأكثر من 6 مليار شيكل سنوياً حسب تقديرات (إسرائيلية) رسمية أي ما نسبته حوالي 40% من الاقتصاد الفلسطيني الكلي.
علاوة على الخسارة الناتجة عن توقيف نحو 40 ألف عامل يعملون في الداخل المحتل بدون تصاريح وبإجراء حسبة لمقدار الخسارة من العمل غير الرسمي نجد أنها تقرب ال 2 مليار شيكل سنويا، أي أن مجموع ما قد يخسره الاقتصاد الفلسطيني من توقف التصاريح الرسمية وغير الرسمية يقدر ب 8 مليار شيكل أي ما نسبته حوالي 53% من الاقتصاد الفلسطيني الكلي.
وتقتضي الحقيقة القول إن تنفيذ هذا التهديد قد يؤثر بصورة مباشرة على (الإسرائيليين) الى جانب تدميره الاقتصاد الفلسطيني، حيث أنه يعني احتمالية كبيرة لتصعيد موجات العداء تجاه الكيان وتفجير الأوضاع في الضفة حيث بطالة الفلسطيني تعني بالضرورة توجيه طاقته بأعمال ضد الاحتلال؛ كما أن تنفيذ التهديد يعني خسارة الاقتصاد (الإسرائيلي) لأيدي عاملة فلسطينية ماهرة ورخيصة.
وبالنظر الى ما سبق يمكننا قراءة الأبعاد التي قد تكون دفعت وزير الحرب (الإسرائيلي) لإطلاق التهديد بالتالي:
- أن يكون هذا الإجراء وغيره جزء من مخطط تنفيذ صفقة القرن وتحقيق الانفكاك عن الفلسطينيين كما حدث سابقا مع قطاع غزة خصوصاً في ظل تزامن وقت التهديد مع إعلان الصفقة.
- أن تكون هذه الإجراءات والتهديدات بمثابة ورقة الضغط على السلطة للقبول بالأمر الواقع وإعادة تذكيرها بتبعيتها للاحتلال.
- أن يكون الإجراء عبارة عن خيار أمني نابع من النظرة الأمنية بعيداً عن النظر في المصالح الاقتصادية.
وتبعا لما سبق يمكننا القول ان (الإسرائيلي) يعمل بخطوات مرسومة لفرض أمر واقع جديد عبر الإجراءات الاقتصادية وصولا لتحقيق الهدف وتنفيذ صفقة القرن، خصوصا أنّ المتابع يلاحظ أن القرارات الاقتصادية تصدر عن وزير حرب! وهذا ما سيظهر بشكل أكثر وضوحا في الأيام القليلة المقبلة.