كان واضحا من مخرجات لقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بغزة يحيى السنوار بالسفير القطري محمد العمادي إثر التصعيد المستمر منذ أسابيع على حدود غزة، ما يشير إلى أن الاحتلال (الإسرائيلي) لا يمكن له السماح بالتسهيلات إلا تحت الضغط والنار.
وتأتي زيارة العمادي بعد أيام قليلة من زيارة الوفد الأمني المصري لقطاع غزة بعد غياب طال لعدة أشهر، بالإضافة إلى زيارات متكررة من نائب مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف، ما يشير إلى أن التصعيد المحسوب الذي جرى في الأسابيع الأخيرة كان له أثر في تحريك المياه الراكدة.
وكان الشباب الثائر على حدود غزة قد أطلق آلاف البالونات اتجاه مستوطنات غلاف غزة، بالإضافة إلى إطلاق بعض القذائف الصاروخية على المناطق القريبة من الحدود، فيما رد الاحتلال بشن غارات جوية وقصف مدفعي، بالتزامن مع سحب التسهيلات الأخيرة إلا أن ذلك كله لم يؤتِ ثماره في وقف الحراك الثوري المطالب بكسر الحصار عن غزة.
وفي تفاصيل اللقاء، قالت حركة حماس إنها اتفقت مع رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة السفير محمد العمادي على تنفيذ عدة مشاريع تخدم أهالي قطاع غزة، مضيفة ً أن وفدًا قياديًا برئاسة قائدها في غزة يحيى السنوار التقى العمادي أمس الجمعة في مكتبه في غزة، وناقشا سبل تحسين الأوضاع المعيشية، وتقديم مزيد من التسهيلات لأهالي القطاع.
واتفق الطرفان -بحسب البيان- على أن يتم صرف 12 مليون دولار بواقع 100 دولار لـ 120 ألف عائلة متعففة، ودعم زواج 500 من الشباب غير القادرين على الزواج والمتقدمين في السن بواقع مليوني دولار، كما اتفقا على تخصيص مليون دولار لترميم العديد من بيوت الفقراء، وتقديم مليون دولار لخريجي الجامعات لاستخراج شهاداتهم الجامعية، وفق البيان.
من جهته، قال السفير القطري إن رزمة المشاريع المعلنة سيتم تنفيذها بالتنسيق مع الوزارات المختصة في غزة، مشيرا إلى أن هذه المساعدات تهدف إلى تحسين الأوضاع الإنسانية وتحقيق مقومات الحياة الكريمة لسكان القطاع.
ولفت إلى أنه سيتم الإعلان قريبًا عن بدء تنفيذ مشروع إقامة المستشفى المركزي في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، بعد اكتمال الإجراءات المتعلقة بتنفيذ هذا المشروع بتكلفة نحو 24 مليون دولار. وأشار إلى أن دولة قطر تبذل جهودًا مع الأطراف كافة من أجل حل مشكلة الكهرباء بغزة، موضحًا أن هناك مؤشرات إيجابية للوصول لحلول جذرية لهذه المشكلة المعقدة، بالإضافة إلى إعفاء جزء من سكان مدينة حمد من دفع أقساط العام الجاري.
وحاول الاحتلال (الإسرائيلي) على مدار الأشهر الأخيرة التنصل من استكمال تفاهمات الهدوء التي جرت بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال برعاية من الوسيط المصري والقطري والأممي، برغم إيقاف مسيرات العودة وكسر الحصار مؤقتا، ما دفع الحراك الثوري إلى اتخاذ قرار بالتصعيد الميداني على مدار الأسابيع الماضية، إلى أن تمكن من نزع التسهيلات من الاحتلال عبر الوسطاء.
ومن أهم ما ركز عليه الاحتلال في متابعة اللقاء، هو الظهور العلني لرئيس حماس في غزة يحيى السنوار، برغم سيل التهديدات التي صدرت عن قادة الاحتلال بالاغتيال والملاحقة لقيادات حماس، خصوصا السنوار، والقائد العسكري في كتائب القسام مروان عيسى.
وفي التعقيب على ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد إن التطور الحاصل في الدعم القطري المستمر لقطاع غزة يأتي في ظل تراجع الاحتلال عن اشتراطاته أمام الدعم المفتوح لغزة، بعد أن كان يفرض شروطا على من يقدم المساعدات لغزة، ويسمح بالحد الأدنى منها.
وأوضح العقاد أن زيادة الدعم القطري لغزة بموافقة الاحتلال، يؤكد فشل سياسة العقوبات التي تمس الملفات الإنسانية في غزة، والتي استخدمها الاحتلال على مدار السنوات الماضية، بمشاركة أدوات فلسطينية وهنا الإشارة إلى سلطة حركة فتح، في ظل مواجهة الاحتلال لمقاومة راشدة ووازنة تتعامل بالفعل وليس ردات الفعل كما كان الحال سابقا.
ونبّه بأن التطورات الأخيرة تؤكد البدء في مرحلة جديدة في تحقيق إنجازات لكسر حلقات من الحصار المفروض على غزة، بالتزامن مع استمرار المقاومة بكل أشكالها الشعبية والمسلحة، ما شكل تراكمات أدت في نهاية المطاف إلى تلبية الاحتلال جزءا من مطالب المقاومة بغزة والتي يمثل السماح بالدعم القطري جزءًا منها.