أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" صالح العاروري، أن الحركة تعمل على مواجهة صفقة القرن عبر ثلاثة محاور ميدانيًا ووطنيًا وسياسيًا.
وطالب العاروري في لقاء مع قناة الأقصى اليوم السبت، بأن يكون هناك توافق فلسطيني كامل للقيام بالعمل في هذه المحاور الثلاثة للتصدي لصفقة القرن، داعيًا إلى ضرورة الذهاب إلى إجراءات عملية متفق عليها.
وأضاف: نحن جاهزون لأي لقاء من أي نوع مع كل القوى الفلسطينية من أجل بناء برنامج وطني حقيقي يتصدى لصفقة القرن.
وبيّن العاروري أن الصفقة القرن هي صفقة للمنطقة كلها، لكن الجزء المركزي فيها في فلسطين؛ لأنه ما لم تُصفَّ قضية فلسطين فإنه من الصعب المرور للمراحل الأخرى.
وشدد العاروري على أن الكل مجمع على رفض صفقة القرن، مشيرًا إلى أن كل مكونات الصفقة موبقات سياسية.
وتابع أن الصفقة بأدق تفاصيلها هي صياغة إسرائيلية، وتسويق أمريكي نظرًا لقدرة أمريكا على فرضها على المنطقة.
وبشأن تهديدات الاحتلال لغزة، شدد العاروري على أن هذه التهديدات لا تخفينا، ولا تحدث تغييرًا في سياستنا التي بنيت على أساس الاستعداد الدائم لمواجهة العدو والتصدي لعدوانه على شعبنا الفلسطيني.
المحور الأول: الشعبي الميداني
وقال العاروري إننا نعمل من أجل التصدي لهذه الصفقة بكل السبل على الأرض من خلال كل أشكال المقاومة الجماهيرية والشعبية والعسكرية وشبه العسكرية.
وأكد ضرورة ممارسة العمل النضالي حتى بالشكل الشعبي، فحينما يكون هناك زخم شديد للشكل الشعبي فإن الاحتلال سيعجز عن مواجهته.
وأوضح العاروري أننا نعول على حركة شعبية ميدانية تتصدى لصفقة القرن بكل أبعادها، في الاستيطان والتهويد والاقتلاع، مستدركًا: لكن الحقيقة أن شعبنا يحتاج إلى توافق القيادات الوطنية والسياسية لكي تقود هذا الحراك.
المحور الثاني: التوافق الوطني
وأكد العاروري جاهزية حركة حماس لكل لقاء من أي نوع مع كل القوى الفلسطينية من أجل بناء برنامج وطني حقيقي يتصدى لصفقة القرن.
وقال إننا واثقون من أن برنامجًا وطنيًا متفقًا عليه سيجد إسناداً هائلاً من كل أمتنا العربية والإسلامية.
وأضاف العاروري أنه لا يسع أحد يرفض صفقة القرن أن يتخلف عن التوافق الوطني، منوهًا بأن أفضل فترات سجل فيها شعبنا انتصارات على الاحتلال كانت في ظل توافق وطني.
ولفت إلى أن حركة حماس دعت منذ اليوم الأول وعلى لسان رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، الإخوة في قيادة منظمة التحرير وقيادة السلطة وحركة فتح إلى الاتفاق على برنامج وطني نواجه من خلاله الصفقة.
وأشار العاروري إلى أن أبو مازن أعلن في خطابه الأول حين إعلان الصفقة بقدومه إلى قطاع غزة، ورحبنا فورًا بقدوم أي وفد لغزة لنلتقي على صعيد واحد، ونتفق على البرنامج الوطني.
وأضاف أننا قادرون وشعبنا في الداخل والخارج على الوقوف في وجه الصفقة، ولا يمكن أن يُفرض علينا ما لا نريد، لافتًا إلى أنه حدث تردد وتأخير في زيارة أبو مازن بذريعة الترتيبات.
وقال العاروري إن موقفنا هو أن يأتي الجميع، نلتقي ونجلس جميعًا وليس ثنائيًا أو ثلاثيًا، لافتًا إلى أن كل القوى الفلسطينية معنية بالتصدي للصفقة، ونحن نريد أن يكون الجميع شركاء في تحمل هذه المسؤولية.
وأضاف: ما زلنا نأمل أن يتم هذا اللقاء، ويبنى عليه لقاء ينتج عنه برنامج وطني يومي لمواجهة الصفقة، منبهًا إلى أن حركة حماس دعت كذلك إلى أن يلتقي الأمناء العامون للفصائل، ويكون هناك ميثاق وطني لمواجهة الصفقة.
وشدد العاروري على أن حركة حماس حريصة على أن يبقي المزاج الوطني موحدًا في مواجهة هذا المشروع التصفوي.
المحور الثالث: المسار السياسي
وأكد العاروري أهمية المسار السياسي، مشددًا على أن حركة حماس تعتبره أساسيًا في العمل ضد صفقة القرن ومواجهتها.
وقال لا بد أن يكون لدينا كفلسطينيين توافق على رؤية سياسية بالحد الأدنى، ثم حشد المنظومة السياسية العربية والمنظومة الإسلامية، وكذلك المنظومة العالمية لرفض صفقة القرن.
وأضاف أنه في هذا الإطار نقوم بجهدنا، ونقوم بزيارات، وسنقوم بزيارات أخرى كذلك، ونشرح مخاطر الصفقة على المنطقة كلها، والتي تعمل ضد حقوق الإنسان، وضد التوازن الذي تعارف عليه العالم.
وأشار العاروري إلى أن أبو مازن ذهب أكثر في الاعتماد على المسار السياسي على حساب العمل الوطني والعمل الميداني، ونحن في هذا مختلفون.
وقال إن التجربة الطويلة من أوسلو حتى اليوم أثبتت أن العمل السياسي المرتكز فقط إلى ضمير العالم والشرعية الدولية غير قادرة أبدًا على ردع الاحتلال عن سلوكه الإجرامي بحق شعبنا.
وأكد العاروري أن المقاومة هي التي أثبتت أنها قادرة على تحقيق مصالح شعبنا، وهي التي نجحت في طرد الاحتلال من غزة دون قيد أو شرط أو تقديم تنازلات، ونجحت في طرد الاحتلال من جنوب لبنان.
وشدد على أن المقاومة قادرة على أن تفرض على الاحتلال التراجع والتقلص بشكل تدريجي إلى استراتيجي في الضفة، وهذا ما أثبته الواقع.
وأضاف العاروري: لذلك لا يعقل أن ندور في الحلقة المفرغة نفسها، لافتًا إلى أن العمل السياسي مطلوب، لكن لا يجب أن يكون هو الخط الاستراتيجي، مؤكدًا أن الخط الاستراتيجي هو المقاومة.
وأشار إلى أن حركة حماس تطرح رؤى ومشاريع من أجل توحيد الصف الوطني، وتعمل جاهدة من أجل ذلك، وفي الوقت ذاته لا تتوقف عن برامجها في مقاومة الاحتلال وتطوير القوة في كل المجالات.
وأضاف أننا بالمرصاد للعدو على كل الجبهات، ولا نتوقف عن العمل من أجل تفعيل المقاومة وتطويرها في كل الساحات وخاصة في القدس والضفة.
وأكد العاروري أن حركة حماس تدرك أهمية تجميع الجهد العالمي في مواجهة الاحتلال، منبهًا إلى ضرورة ألا يكون الموقف العالمي سياسيًا، وهو الرافعة الوحيدة لتحصيل حقوقنا.
ونبه العاروري إلى أن التعويل على الانتخابات الإسرائيلية والأمريكية عبث، فالانتظار هو مضيعة للوقت وكارثة تلحق بنا.
تهديدات الاحتلال لغزة
وبشأن تهديدات الاحتلال للمقاومة، قال العاروري إن هذه التهديدات لا نستخف بها، ولكن لا تخفينا ولا تحدث تغييرًا في سياستنا التي بنيت على أساس الاستعداد الدائم لمواجهة العدو والتصدي لعدوانه على شعبنا.
وأردف أن تجربة الاحتلال مع المقاومة خاسرة، لافتًا أن حماس لا تقبل بالعدوان على شعبنا.
العلاقة مع مصر
ووصف العاروري علاقة حركة حماس مع جمهورية مصر العربية بالحيوية والمهمة جدًا للقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الإخوة المصريين يعبرون عن رغبتهم الصادقة في استمرار العلاقة معنا واستقرارها، وبالذات مع غزة بحكم الجوار الجغرافي والاهتمامات المشتركة من تجارة وأمن قومي.
ولفت العاروري إلى أنه يجري إزالة كل ما يعكر العلاقة مع مصر بالحوار.
وبيّن أن مصر تشكل سندًا أساسيًا للشعب الفلسطيني عبر التاريخ.
وكشف العاروري أنه جرى خلال اللقاء الأخير بين قيادة حركة حماس والوفد الأمني المصري بحث موضوع التفاهمات والتهدئة في ظل تصاعد التوتر وما صاحبه من تهديدات إسرائيلية.
وأوضح أن الوفد المصري وجه دعوة لقيادة حركة حماس لزيارة القاهرة للبحث في هذه المسائل، مؤكدًا أن مصر تعد بمثابة البيت الثاني للحركة.
وقال العاروري إن التفاهمات والتهدئة موضوع كر وفر وضغوط مستمرة وألاعيب لا تنتهي من الاحتلال، ومعركة أعصاب طويلة، مضيفًا أننا نتقن هذه المعركة، وإلا فإن الاحتلال لن يقدم شيئًا.
الأنظمة العربية وصفقة القرن
وكشف العاروري عن أن بعض الدول العربية قد شاركت في صياغة صفقة القرن، ولم يقتصر موقفها على الموافقة عليها فقط.
وتابع العاروري أن هذه الدول مشاركة بفعالية في تمرير صفقة القرن، وقد حاولت فرضها حتى على القيادة الفلسطينية.
وأشار إلى أن جزءًا من صفقة القرن هو لفرض التطبيع على الأمة العربية، موضحًا أن هناك دولًا قد رتبت للقاء نتنياهو مع رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان.
وأوضح أنه هناك من يرغب في تطوير العلاقة بين "إسرائيل" والدول العربية، ولا تهمه قضية فلسطين والمسجد الأقصى.
وأعرب العاروري عن أسفه لنجاح الاحتلال في إحداث اختراقات في العلاقة مع بعض الدول العربية، مشيرًا إلى أن نتنياهو يكذب حول حجم هذه الاختراقات ومستواها بهدف إسقاط حالة الصمود، والجبهة النفسية الرافضة للتطبيع.
وأكد العاروري أن كل اختراق في الجبهة العربية مؤسف، ومضر جدًا بكل الأمة العربية.
الاستيطان
وأوضح العاروري أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة تزايد في عهد المفاوضات، مشيرًا إلى أنه في بداية التسعينيات لم يكن عدد المستوطنين يتجاوز 100 ألف مستوطن، بينما عددهم اليوم 700 ألف مستوطن.
وأكد العاروري أن الاستيطان هو السلاح الأكثر فتكًا بحق الشعب الفلسطيني، وقد انفلت من عقاله بعد إعلان صفقة ترمب واعترافه بشرعية الاستيطان، ولم يعد أحد يواجهه.
وذكر العاروري أنه في ذروة الانتفاضة الثانية وصلنا لمرحلة فرغت فيها المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وبات بعضها ثكنات عسكرية للجيش، وقد باتت الطرق التي يسلكها المستوطنون محرمة عليهم.
وتابع العاروري: لو توافقنا كفلسطينيين على مواجهة هذا المشروع داخل الضفة وبدعم من شعبنا في كل مكان فإن مشروع الاستيطان سيبدأ بالتراجع والتقلص، مشيرًا إلى أن الانسحاب الإسرائيلي من مستوطنات غزة وشمال الضفة الغربية كان على إثر ضربات المقاومة.
جولة هنية
وعن جولة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الخارجية المستمرة أشار العاروري إلى أنها جزء من الجهود السياسة لخدمة شعبنا وخدمة مقاومتنا ضد الاحتلال بكل الطرق بما فيها العمل السياسي.
وبيّن نائب رئيس المكتب السياسي أن جزءًا أساسيًا من جولة هنية الخارجية هو زيارة الدول العربية والإسلامية، والدول المعنية بحقوق شعبنا.
وأوضح أن محصلة هذه الجولة هو المزيد من المواقف والإسناد لشعبنا وقضيتنا داخل فلسطين وعلى المستوى العالمي.
وبين العاروري أن لقاءات قيادة حركة حماس المختلفة مع زعماء الدول تتركز حول مخاطر صفقة القرن على فلسطين وعلى كل المنطقة، ودعم صمود شعبنا بكل ما تستطيعه هذه الدول.
وكشف العاروري عن زيارة مرتقبة لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية لروسيا خلال الفترة القليلة القادمة.
لقاء لبنان
وبيّن العاروري أن اللقاء الذي جمع القوى والفصائل الفلسطينية كافة مؤخرًا في لبنان كان الهدف الأساسي منه هو مواجهة صفقة القرن.
وأكد أن كل القوى والفصائل متفقة على رفض الصفقة، مشيرًا إلى أن هناك اتفاقًا كاملًا وبرنامج عمل من أجل التصدي لها.
وكشف العاروري عن حديثه مع الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي أكد موقف الحزب الرافض لصفقة القرن، وأنها تمثل مؤامرة على المنطقة وفي القلب منها فلسطين والقدس.
وأشار إلى استعداد نصر الله لكل برنامج عملي للتصدي للصفقة.
وفي قضية الأسرى، قال العاروري إنه ما دام هناك أسرى في سجون الاحتلال فنحن نعترف بالتقصير، فواجبنا هو العمل على إطلاق سراح جميع الأسرى بكل الوسائل.
وعن تصاعد عمليات المقاومة بالضفة الغربية المحتلة أوضح العاروري أن الضفة لا تكف عن مواصلة المقاومة، مشيرًا إلى أن الإحصاءات التي يصدرها الاحتلال تشير إلى حجم المقاومة بكل أشكالها هناك.
وسجل العاروري إعجابه وفخره بحملة الفجر العظيم، وما يصاحبها من هتافات للمسجد الأقصى، مشيراً إلى أن هذا شكل من أشكال المقاومة لا ينبغي استصغاره.
ولفت إلى أن الاحتلال يعلم أن هذه الحشود توجه رسالة له أننا هنا ولن نتزحزح.
المعتقلون في السعودية
وعن مصير المعتقلين الفلسطينيين في السعودية أعرب العاروري عن أسفه من أنه سيُقدم جزء منهم للمحاكمة بتهمة العمل الخيري، وإغاثة أهلنا في غزة والقدس ومخيمات اللجوء والشتات.
وتابع: هذه أعمال إغاثية إنسانية يمكن القيام بها في أمريكا أو أوروبا، لكن للأسف لم نعد نعرف ما هي المعايير.
وبيّن أنه لا توجد أي جهة تسمع وتتعاطي مع جهود الإفراج عنهم.