بسبب التحذيرات الصادرة عن مجموعات التكنولوجيا وشركات صناعة السيارات وشركات الطيران؛ فإن التكهنات انتشرت منذ نحو عام في الأوساط الاقتصادية العالمية، في محاولة لتوقع السبب الذي سيثير اندلاع الأزمة الاقتصادية المقبلة، والآن جاء فيروس كورونا لينعش التوقعات، فهل هو الشرارة المنتظرة؟
ونشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية مقالا للمحللة آن دي غينييه قالت فيه إن الأزمة الاقتصادية القادمة المروعة والمتوقعة قد تكون بسبب هذا الفيروس الجديد، مشيرة إلى أن كل شيء يعتمد على تطور الوباء في الأسبوعين المقبلين، وعلى قدرة الدول على مواجهته.
ومع أن سنغافورة استطاعت الحد من مخاطر الفيروس في غضون أيام قليلة، مما يدعو للتفاؤل، ومع أن مسار المرض في أوروبا ضعيف، فمن المرجح أن يواجه الاقتصاد العالمي صدمة غير مسبوقة في العرض، كما ترى المحللة.
ومع أن البيانات لا تزال غير كافية لتقييم التأثير الكلي لتدابير الحجر الصحي على الطاقة الإنتاجية للشركات –حسب المحللة- فإن التحذيرات الواردة من مجموعات التكنولوجيا وشركات صناعة السيارات وشركات الطيران تعطي فكرة عن مدى خطورة الموقف، خاصة أن المصانع الصينية لا تزال متوقفة إلى حد كبير.
ورغم أوامر بكين من أجل إعادة التشغيل، فإن الاقتصاديين -بالنظر إلى عدد أيام العمل المفقودة والتأخير في إعادة التشغيل- لن يكونوا متفاجئين من انخفاض معدل النمو الصيني بنحو نقطتين في الربع الثاني.
حصة الصين من الطلب العالمي على السلع المصنعة ارتفعت إلى 25% (الأوروبية) |
تأثير سلبي مؤقت
ورأت المحللة أن هذا التباطؤ سيمتد إلى الاقتصاد العالمي من خلال عملاء الشركات الصينية، حيث يوجد ما يقرب من 51 ألف مجموعة أجنبية لها موارد مباشرة في الصين، خاصة في المناطق الأكثر تضررا من فيروس كورونا، بعد أن أصبحت البلاد مصنع العالم.
وارتفعت حصة القيمة المضافة الصينية في الطلب النهائي العالمي على السلع المصنعة من 9 إلى 25% تقريبا، مع اعتماد قطاعات النسيج والصلب والمعادن وتكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات والكيماويات الدوائية على الشركات الصينية.
ومع ذلك، فإن قياس تأثير هذه العقبات على النمو العالمي أمر معقد –كما تقول المحللة- لإن الاقتصاديين لا يعرفون الكثير عن تاريخ هذا النوع من صدمات العرض، حيث أصبحت سلاسل الإنتاج معولمة إلى حد كبير منذ تفشي وباء سارس الأخير عام 2003.
ولا تزال أزمة النفط عام 1973 أحد أبرز الأمثلة على أزمات العرض، إلا أن صدمة فيروس كورونا ينبغي أن تكون نظريا دون ذلك بكثير، حيث يمكن أن تقتصر على انخفاض بسيط في النشاط في الربع الأول يتم تعويضه في أعقاب أول انتعاش.
ويرى صندوق النقد الدولي أن هذا الوباء سيكون له تأثير كبير، ولكن ليس مزعجا على النمو العالمي بمقدار 0.1 نقطة، وهي تكلفة سارس نفسها، أما محافظ بنك فرنسا برونو لو مير فهو يتحدث عن "تأثير سلبي ولكنه مؤقت، يحد بشكل طفيف" من توقعات النمو الفرنسي لعام 2020.
وأشارت المحللة إلى أن هذه التوقعات المتفائلة يمكن أن تتناقض لسببين: أولهما احتمال ترافق صدمة العرض بضعف شديد في الطلب، أي انخفاض في الاستهلاك أو القوة الشرائية، وثانيهما فقدان الثقة لدى رواد الأعمال والأسر، وإن كانوا حافظوا على معنوياتهم الجيدة في أوروبا حتى الآن.
أما إذا استمر انتشار الفيروس وتحول إلى وباء، فإن آفاق جميع أصحاب المصلحة ستكون قاتمة، خاصة أن الأسواق المالية أظهرت بعض الضعف من دون أن تستسلم للذعر.
المصدر : لوفيغارو