يوقع في الدوحة، غداً السبت، برعاية قطرية، اتفاق السلام بين الولايات المتحدة الأميركية، وحركة "طالبان" الأفغانية، بحضور ممثلين عن 30 دولة ومنظمة دولية، بما فيها ممثلون عن الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي.
واتخذت في الدوحة، التي يزورها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، إحدى أهم الدول الفاعلة في الملف الأفغاني، الترتيبات النهائية لتوقيع الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بعد مفاوضات استمرت أكثر من عام خلف الأبواب المغلقة.
وسمح اتفاق خفض التصعيد (وقف العنف)، الذي أعلن عنه منتصف الشهر الجاري بين واشنطن وحركة "طالبان"، بالمضي قدما في توقيع اتفاق السلام، الذي سيتبعه مباشرة إجراء مفاوضات بين مختلف الأطراف الأفغانية، بما فيها الحكومة الأفغانية والحركة، لتحقيق المصالحة الوطنية، والاتفاق على مستقبل البلاد.
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" سهيل شاهين، لـ"العربي الجديد":"نحن راضون عن الالتزام باتفاق خفض العنف، حيث لم يسجل أي حادث كبير طوال الأسبوع الماضي، ما يعني، أن هناك موقفا موحدا وقيادة موحدة لحركة "طالبان"".
وأكد شاهين أن الحوار الأفغاني-الأفغاني سيبدأ بعد توقيع اتفاقية السلام، لكنه قال إنه "لم يجر تحديد مكان انعقاده حتى الآن".
وأضاف أن انسحاب القوات الأميركية سيبدأ بعد توقيع الاتفاقية، وسينتهي وفق الجدول الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين الطرفين، لكنه رفض تحديد موعده النهائي، أو عدد الجنود الذين سيجري سحبهم بعد إعلان الاتفاق، قائلا إن "ذلك سيتضح مع الإعلان عن توقيع الاتفاق".
وكان شاهين قد كشف لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق من هذا الشهر، أبرز ملامح الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وسيجري توقيعه السبت، والذي ينص "على بدء انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، مقابل التزام حركة "طالبان" بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة وحلفائها، بالإضافة إلى إطلاق سراح أسرى الحركة لدى الحكومة الأفغانية، يقابله إطلاق الحركة سراح جنود أفغان أسرى لديها"، مشيراً إلى "بدء إجراء الحوار الأفغاني ــ الأفغاني، عقب توقيع الاتفاق".
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي إن الحكومة الأفغانية ستقوم بالإفراج عن 5000 أسير من حركة "طالبان"، فيما ستقوم الحركة بالإفراج عن 1000 جندي أفغاني محتجز لديها.
ورعت الدوحة المفاوضات المغلقة، التي جرت بين مبعوث السلام الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، وفريق من وزارة الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات، وحركة "طالبان"، والتي مثلها في المفاوضات رئيس المكتب السياسي ونائب زعيم الحركة، الملا عبد الغني برادر، الذي كان معتقلا، وأعطى الإفراج عنه هو وأعضاء من المكتب السياسي لحركة "طالبان" زخما كبيرا للمفاوضات وسمح بإنجاحها.
ووضع الجانبان، في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي جرى خلال الجولة التاسعة من المفاوضات، وتضمّن سحب أكثر من 13 ألف جندي أميركي من أفغانستان، مع جدول زمني واضح، وهو المطلب الرئيس لحركة "طالبان"، وفي المقابل تلتزم "طالبان" عدمَ استخدام مقاتلين أجانب على أراضي أفغانستان.
ويتضمن الاتفاق أيضاً وقفاً لإطلاق النار بين الحركة والأميركيين، إلا أن المفاوضات فشلت حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في الشهر نفسه، أن "مفاوضات السلام مع حركة "طالبان" انتهت"، متهما الحركة بـ"إظهار سوء النية" بعد شنها هجوما في كابول أسفر عن مقتل جندي أميركي، و11 مواطنا أفغانياً، غير أن المفاوضات ما لبثت أن استؤنفت أواخر العام الماضي بين الطرفين، وقادتهما إلى الإعلان عن التوصل إلى اتفاق السلام الذي سيجري توقيعه السبت في الدوحة.
ووصفت "طالبان"، في بيان لها، التوقيع المرتقب على اتفاق السلام وانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بـ"النصر الكبير".
وقال البيان، الذي نشر على موقع "الإمارة الإسلامية" على" تويتر" الخميس: "اليوم يقف الشعب الأفغاني على مسرح النصر، بحيثُ يجني ثمار التضحيات الطاهرة التي بذلها المجاهدون في طريق الجهاد في سبيل الله، وإعادة السلام للبلاد"، وأن "الشعب الأفغاني يتطلع إلى إمضاء المعاهدة التاريخية، والتي ستعود بالخير على الشعب الفخور باستقلال البلاد".