استغل رئيس سلطة حركة فتح محمود عباس انتشار فايروس كورونا لمهاجمة إضراب نقابة الأطباء الفلسطينيين في الضفة للمطالبة بحقوقهم، واصفاً احتجاجاتهم وموقفهم بغير الأخلاقي وغير المسؤول وأنه "موقف حقير"، و"ما بستحوا".
وقال عباس، خلال لقائه بمقر الرئاسة بمدينة رام الله، أعضاء أقاليم حركة "فتح" "المنتخبين": "هناك بعض النقابات أعلنت الإضراب مثل الأطباء، والآن المهندسون وبعدها المحاسبون والمعلمون، كأننا نعيش في سويسرا"، متسائلاً: "لماذا يضربون؟ يريدون زيادات؟ ما عندي أعطيك الراتب الأصلي، كيف أعطيك زيادة؟".
وتابع، "رغم ذلك أخبرناهم إذا تيسرت الأمور علينا، من الممكن أن نتحدث بهذه الأمور، واستقبلت نقابة الأطباء ونقيبهم، ووعدوني ثم عادوا إلى إعلان الإضراب، يا أخي إضراب على إيش، معقول يضربوا وعندنا كورونا! الأصل أينما كانوا أن يأتوا، هذا موقف غير أخلاقي، وغير مسؤول، أن تعلنوا في هذا الوقت الاحتجاجات، وتوجد لدينا صفقة العصر والحصار الاقتصادي والمالي من جهة ثم الكورونا، هذا موقف حقير".
وأردف مخاطباً نقابة الأطباء "الأطباء يضربون بهذا الوقت العصيب، الذين هم أساساً أول من يجب أن يعملوا، ويريدون مالاً، بالوقت الذي توجد فيه لدينا أزمة مالية، لست قادراً على دفع 60% من الراتب، وأنت تريد زيادة 200 بالمائة، ما بيستحوا، هل هذا موقف إنساني مسؤول؟ وصدر قرار محكمة بوقف إضرابهم ومع ذلك أضربوا، بتصور هذا عيب".
وتجدر الإشارة إلى انها ليست المرة الأولى التي يتعدى فيها عباس على الأطباء والطواقم الطبية، وكان للعاملين في الفريق الطبي بقطاع غزة النصيب الأكبر، حيث تعرض العشرات منهم لوقف الرواتب بشكل كامل، والخضوع لسياسة التقاعد المالي في العامين السابقين، عدا عن خصم من الرواتب للجميع.
وفي وقت لاحق، ردّت نقابة الأطباء على تصريحات عباس قائلة في بيان لها: "لقد صُدمنا، بل صُعقنا مما سمعنا، وتأكدنا أن معركة تضليل الرأي العام لم تنته، ووصلت لأبعد من ذلك بكثير، بل تعدت كل الأساطير؛ لتضرب في صميم القلوب".
وأوضحت في رسالتها لعباس "أن من أوصل رسالتنا لكم خان الأمانة، وكذب في وضح النهار، وخطط في جنح الليالي السوداء، نقلوا لك ما أرادوا، وتركوا الحقائق، وأخفوها"، مضيفةً: "لم نتعود على الخيانة، ولن نقبل بها، لكم الله يا أطباء فلسطين، لكم العزة والشرف والأمانة، والخزي والعار لمن نقل الرسالة، وأوصلها مقطوعة ومبتورة، وأراد أن يوقع بيننا، وبين فخامتكم".
وأردفت: " لقد تسرعتم بحكمكم، وسمعتم من طرف لا يريد خيراً، ولم تسمعوا منا، لن تمر المؤامرة على الأطباء، ولن نقبل بتضليلكم، ونقل ما لم يكن لنفكر به حتى بأحلامنا، ما كنا لنخذل أبناء شعبنا في الرخاء، فكيف نخذله بالضراء، ليس هكذا تُورد الإبل".
ويبدو واضحا من بيان النقابة أنها باتت بين حدين الأول مطالبهم العادلة التي يقيمون من أجلها الاحتجاجات منذ أسابيع وباتت مرفوضة من كل مستويات السلطة بما فيها الرئيس عباس، والآخر الاستجابة للضرورة الصحية المتعلقة بفايروس كورونا من باب المصلحة الوطنية العليا.
وفي التعقيب على ذلك، قال الدكتور رمزي أبو اليمن المتحدث باسم نقابة الأطباء إن النقابة قررت عقد اجتماع عاجل لإدارتها مساء اليوم الإثنين لمناقشة ما جاء على لسان الرئيس عباس وخيارات الرد على ذلك.
وأضاف أبو اليمن في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن كل الأوضاع ستبقى على ما هي عليه إلى حين صدور نتائج الاجتماع، والتي ستحمل كل ما يتعلق بتوجهات النقابة في المرحلة المقبلة بما فيها العودة للاحتجاجات من عدمه، ضمن الرد على خطاب الرئيس، وكذلك توضيح للرأي العام موقف النقابة في حال تطور الموقف على صعيد انتشار كورونا.
يشار إلى أنّ النقابة قالت إنّ مطالبها تتمثّل بتعديل علاوة طبيعة العمل للأطباء العامين إلى 200 % بأثر رجعي، وإلغاء برنامج دكتور بصريات الذي أعلنت عنه الجامعة العربية الأمريكية، والذي اعتبرته تدخلا سافرا في طبيعة عمل اختصاصيي العيون.
كما تطالب بتعديل كادر الأطباء الحاصلين على البورد الفلسطيني والمثبتين كموظفين في وزارة الصحة، وتوقيع عقود الأطباء على برنامج الاختصاص والمستحقة منذ عام وذلك عن سنتي 2019و2020، ودفع المستحقات المالية للأطباء الذين قطعت رواتبهم دون وجه حق والذين قدمت قائمة بأسمائهم إلى رئيس الوزراء ووزيرة الصحة، ورفع علاوة القدس للأطباء العاملين في وزارة الصحة.