نشر موقع "باور أوف بوزيتفيتي" تقريرا تحدث فيه عن مدى تأثير الظلام على عقولنا وأجسادنا خلال الدورة اليومية للجسم.
وقال الموقع، في تقريره، إن العالم الفرنسي ميشيل سيفر أجرى سنة 1962 سلسلة مثيرة من التجارب، حيث أرسل الجيولوجي حالات دراسته إلى أماكن المظلمة لعدة أشهر.
وخلصت دراسته إلى أن الظلام له تأثير هائل على أجسادنا وعقولنا. كما اكتشف سيفر أن البشر يملكون ساعة بيولوجية تتمحور حول آثار النشاط الشمسي والقمري على الكائنات الحية.
النظم اليومي
وذكر الموقع أن النظام اليومي، الذي يعرف باسم"الساعة الداخلية"، أو "ساعة الجسم أو دورة النوم واليقظة"، تعتبر ظاهرة بيولوجية تتمحور حول التغيرات السلوكية والعقلية والجسدية خلال دورة يومية.
من المعتقد أن مصطلح "النظم اليومي" اكتشف لأوّل مرة في القرن الثامن عشر من قبل العالم الفرنسي جان جاك أرتوس دي ميران، الذي اكتشف وجود دورة النوم واليقظة الداخلية لدى النباتات.
يواصل العلماء دراسة النظم اليومي بشكل كبير، حيث فاز ثلاثة من علماء الأحياء بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء عن "اكتشافات الآليات الجزيئية التي تتحكم في إيقاع الساعة البيولوجية" في ذباب الفاكهة.
الظلام يجعل المزاج متعكرا
وأشار الموقع إلى أنه يعد من الشائع إلى حد ما أن نقص الضوء يؤثر على الحالات الذهنية. تؤثر "الاضطرابات العاطفية الموسمية على حوالي ستة بالمئة من سكان الولايات المتحدة أي حوالي 19.6 مليون شخص.
ويتنامى عدد حالات الإصابة بهذه الاضطرابات في أواخر الخريف وبداية أشهر الشتاء عندما يكون هناك القليل من ضوء الشمس نسبيًا.
تشمل الأعراض الشائعة للاضطرابات العاطفية الموسمية تغيرات في الشهية أو الوزن وصعوبة التركيز والشعور باليأس والذنب والأرق وانخفاض الطاقة وفقدان الاهتمام بممارسة الأنشطة، ناهيك عن تزايد أفكار الموت أو الانتحار.
حسب موقع "ويبمد" الأمريكي، يُعطل أي تغيير في أنماط ضوء الشمس عمل الساعة الداخلية للجسم، مما يقلل من مستويات السيروتونين ويثير أعراض الاكتئاب.
علاوة على ذلك، تتداخل أنماط الطقس هذه مع إنتاج الميلاتونين في الجسم، مما يؤثر على أنماط المزاج والنوم.
ونوه الموقع إلى أنه في دراسة أجريت سنة 2015 على العمال السويديين والبرازيليين، وجد الباحثون أن السويديين أكثر عرضة للمعاناة من الأرق والاكتئاب.
يفترض العلماء أن هذه النتيجة ناجمة عن تعرض السويديين المحدود نسبيا للضوء الطبيعي.
الظلام والصحة البدنية
وأوضح الموقع أن "متلازمة المباني المغلقة"، هو مصطلح صاغه المهندسون المعماريون لوصف التأثير الغريب الذي تتركه المباني المظلمة على الشخص (وغيرها من الهياكل التي لا يقع صيانتها بشكل جيد).
وتجعل هذه المتلازمة الشخص المصاب بها يشعر بوهن جسدي بشكل دائم. وتعتبر متلازمة المباني المغلقة ظاهرة معروفة لدى البعض في عالم الأعمال حيث يصاب العاملون في المكاتب الذين يجلسون في المناطق المظلمة بحالات مرض أكثر من الآخرين.
ويؤدي وجود الميكروبات في مجاري الهواء وبلاط السقف، وأي شق آخر إلى حد كبير إلى الإصابة بهذه المتلازمة.
ذلك أن البكتيريا تحتاج إلى الظلام لتعيش. تجدر الإشارة إلى أننا نميل إلى الشعور بالمرض في الليل نظرا لأن النظم اليومي لا ينظم ساعة نومنا فحسب، بل نظامنا المناعي.
في هذا السياق، أفاد أستاذ الهندسة الطبية الحيوية، مايكل سمولينسكي أنه "عندما يقع تنشيط الجهاز المناعي، فإن خلاياه المضادة للعدوى تطلق مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية التي تحفز الالتهابات".
وأكد الموقع أنه غالبًا ما يؤدي الالتهاب إلى تحفيز أو تفاقم الأعراض المتعددة للمرض، بما في ذلك الاحتقان والحمى والتهاب الحلق.
في هذا الصدد، أفاد سمولينسكي أن "هذا ما يفسر اشتداد أعراض المرض عندما يصل نظامك المناعي إلى أعلى مستويات نشاطه، الذي عادة ما يكون في الليل أثناء فترة النوم".
ما علاقة الظلام بالشفاء؟
وأردف الموقع أن أنولا سيفونيوس أمضت تسعة أيام في ظلام دامس كجزء من فترة تأمل علاجية.
وتقول إن البقاء في الظلام جعلها تنتج صورًا تنبع من العقل مثل أنماط هندسية وأنفاق مباني منحوتة ومزخرفة بعناية ورموز من تقاليد لا تعرفها ... أي أن العقل الباطني تمكن من القيام بعملية تفريغ خلال البقاء في الظلام.
ويعزو علماء النفس هذا التيار من الوعي إلى التدفق شبه المستمر للمحفزات البصرية التي نشهدها خلال حياتنا.
بعد الخروج من الظلام، كانت سيفونيوس بحاجة إلى الحصول على قدر أقل من النوم وكانت مفعمة بالطاقة أكثر، ناهيك عن أنه طرأت عليها تغييرات جسدية وعقلية صحية.
وهناك الكثير من الأبحاث التي تطرقت إلى فوائد خزان العزل التي تشمل تعزيز الإبداع والتركيز والتنسيق الحركي والاسترخاء فضلا عن تراجع مستوى التوتر.
الاعتبارات الختامية
في الختام، نوه الموقع إلى أن العلم يؤكد على أهمية التعرض للشمس والظلام على حد السواء. ذلك أن أشعة الشمس تعد عنصرا لا غنى عنه للحياة، ليس للبشر فحسب بل لجميع الكائنات. في المقابل، يعد الظلام ضروريا للصحة العقلية والجسدية.