لا يزال رئيس السلطة محمود عباس يتمسك بأهمية لجنة التواصل مع المجتمع (الإسرائيلي) رغم عدم ظهور أي نتائج إيجابية لها، وفقا لما أظهرته نتائج الانتخابات (الإسرائيلية) من تفوق لليمين المتطرف.
ورغم الأموال الطائلة التي صرفت كميزانيات للجنة خلال الفترة الماضية، إلا أنها لم تحقق أي إنجاز سياسي كما كان يتوقع أبو مازن، في حين أن كل الأطراف الفلسطينية وكذلك الجمهور لم يعطِ أي اهتمام للجنة بل انهال عليها بالسخرية والسخط.
وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد نقلت عن عدة مصادر في السلطة أن لجنة التواصل طلبت من عباس تخصيص مبلغ 15 مليون شيكل لصالح اللجنة لتسهيل متابعة الانتخابات (الإسرائيلية) ومحاولة التأثير في نتائجها من خلال التواصل مع مؤسسات وشخصيات (إسرائيلية) في إطار تقليل نسبة نجاح اليمين المتطرف.
واحتج الكثيرون على صرف المبالغ المالية لصالح لجنة التواصل في حين ألغت السلطة أوجه صرف أكثر أحقية بحجة الأزمة المالية التي تعيشها في الأشهر الأخيرة نتيجة أزمة المقاصة مع الاحتلال (الإسرائيلي).
وتصاعد الجدل فلسطينيا حول أنشطة اللجنة، عقب لقاء نظمته في (تل أبيب)، في 14 فبراير/ شباط الماضي، بمشاركة وزراء فلسطينيين سابقين، وأعضاء بلديات بالضفة الغربية، وممثلين عن أحزاب (إسرائيلية) وأعضاء بالكنيست، ووزراء (إسرائيليين) سابقين.
وبعد يومين من اللقاء في (تل أبيب)، نظمت لجنة التواصل اجتماعا آخر في رام الله، وسط الضفة، شارك فيه صحفيون ونشطاء إسرائيليون، للحوار مع قيادات فلسطينية حول حل الدولتين وتحقيق السلام وفق لرؤية اللجنة وما يصدر عنها.
وعبرت غالبية الأحزاب الفلسطينية إضافة لنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، عن رفضهم لعقد اللقاءين وطالبوا بحل اللجنة، فيما بررت حركة "فتح"، كبرى فصائل منظمة التحرير، تنظيم اللقاءين لـ"محاولة اختراق المجتمع (الإسرائيلي) واستقطاب أصوات تساند الحق الفلسطيني".
يذكر أن لجنة التواصل مع المجتمع (الإسرائيلي) شكلت بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عام 2012، وتعتبر من دوائر منظمة التحرير، ومهمتها كما تقول "التواصل مع المجتمع (الإسرائيلي) بهدف نقل الموقف الفلسطيني لهم".
وفي التعقيب على ذلك، يقول البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح إن مشروع إنشاء لجنة التواصل مع المجتمع (الإسرائيلي) فاشل من بدايته، في ظل حالة التمرد (الإسرائيلي) على كل القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية، والسعي الدائم لفرض المزيد من السيطرة الجغرافية والسياسية.
ويضيف قاسم في اتصال هاتفي مع "الرسالة" انه لا يمكن لعاقل أن يتوقع انجازا حقيقيا من وراء هكذا تواصل مع الاحتلال، الذي لا يرى للفلسطيني أي حق، وهذا ما ظهر في تفاصيل صفقة القرن التي التهمت أدنى درجات الحق الفلسطيني الذي كفلته القرارات الدولية على مدار العقود الماضية، فلا يمكن للجنة تواصل فلسطينية أن تحدث أي اختراق في هذه المفاهيم (الإسرائيلية) المتوارثة.
ومن الواجب ذكره أن لجنة التواصل التي أنشأتها السلطة لا تحظى بالاهتمام (الإسرائيلي) سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وهو ما يوضح أن ثمة خلل في توصيف المجتمع (الإسرائيلي) كيسار ويمين، وكأن أيا من الأطراف (الإسرائيلية) يمكنه دعم الحقوق الفلسطينية، أو الوقوف في وجه أي مشروع يخدم المصلحة (الإسرائيلية)، وبالتالي فإن انتظار المردود الإيجابي من أي جهة (إسرائيلية) يشبه اللهث وراء السراب.
وفي نهاية المطاف، تبقى سلطة حركة فتح تدور في حلقة مفرغة من النشاط السياسي الذي لن يؤتي ثماره طالما أنه نشاط لا يستند إلى الوحدة الوطنية القائمة على التمسك بالثوابت الفلسطينية والسماح بكل أشكال المقاومة للاحتلال (الإسرائيلي).