قائد الطوفان قائد الطوفان

موازنة الطوارئ.. تضع أموال السلطة في قبضة وزير المالية

محمد اشتية.JPG
محمد اشتية.JPG

الرسالة – أحمد أبو قمر

جدل وغموض يكتنف موازنة الطوارئ التي أعدتها السلطة لمواجهة فيروس كورونا، حيث لم تطلع أيا من الوزارات على حصتها وبقيت في استفراد وزارة المالية برام الله ورئاسة الوزراء فقط.

ورغم أنه لا يوجد في علم الموازنة مصطلح "موازنة الطوارئ" إلا أن بعض الحكومات تعتمدها في حالة الطوارئ ووجود حدث بحاجة لمواجهة والتصرف وفق حالة استثنائية.

ويستغل البعض حالة الطوارئ، وعدم وجود قانون موحد، لتمرير بعض الأجندات التي تخدم مصالحه من توظيف أو زيادة صرف أموال لفئة على حساب أخرى أو سحب قروض من بنوك بفوائد يكون البنك هو المستفيد الأول منها.

والمتتبع لقانون موازنة الطوارئ للسلطة يجد أنها مكونة من ثلاثة بنود، وهم الإيرادات والتي ستتقلص كثيرا مع حائجة كورونا، وأموال المقاصة التي تجبيها من البضائع الواردة لغزة والضفة، والبند الأخير المتعلق بالقروض والتي من المفترض أن ترتفع خلال هذه الفترة، والمساعدات والمنح.

 مآخذ وانتقادات

ووفق قانون موازنة الطوارئ، الذي اطلعت عليه "الرسالة"، فإن الموازنة ستكون تقشفية، أي إنفاق أكثر على القطاعات الحيوية والأكثر عملا خلال فترة الطوارئ كالصحة والأمن والشؤون الاجتماعية والأسر الفقيرة.

وكان رئيس الحكومة في رام الله محمد اشتية، أكد أنه سيتم العمل على موازنة طوارئ تقشفية لمواجهة وباء كورونا، وللحد من انتشاره، منوها إلى أنه سيتم الحفاظ على أربع فئات وهي الأمن والصحة والتعليم والموظفين والفقراء.

ولعل أفضل موازنات الطوارئ هي الأقل إنفاقا، ولكن الحديث في موازنة السلطة عن نفقات كبيرة لمواجهة كورونا والاقتراض من البنوك وما سيترتب عليه من فوائد وكذلك استغلال المنح والمساعدات والايرادات لتدعيم الميزانية.

ومن المفترض أن تكون موازنة الطوارئ بأقل المصاريف والنفقات، إلا أن موازنة بقيمة 17.8 مليون شيكل (5 مليون دولار)، لا تُعد تقشفية وتعتبر مصاريفها كبيرة، في وقت لم تفصح بعد عن باقي بنود المصاريف.

ويتساءل مراقبون: "كيف للسلطة أن تعمل بموازنة تقشفية، وهي في الأساس تعمل بها في غزة منذ قرابة الثلاثة أعوام، وتصرف لموظفيها في غزة (50–75)% من رواتبهم، وتعطي الأسر المستورة 3 شيكات خاصة بمساعدات الشؤون الاجتماعية سنويا مع أنه مخصص لهم 4 شيكات، وتقطع الرواتب عن الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى والمحررين.

ومع قرار السلطة بالعمل بخطة تقشفية، فيجب أن يكون توزيع الموارد لمواجهة فيروس كورونا بالتساوي بين غزة والضفة، لأن العمل بخطة الطوارئ لا يجب أن يفضّل محافظات على أخرى.

وتعمل السلطة بموازنة الطوارئ في وقت يشير فيه تقرير للبنك الدولي إلى أن أكثر من نصف سكان قطاع غزة فقراء، حيث تصل نسبة الفقر 53.3%، متوقعا أن تزداد نسبة الفقر والبطالة خلال الفترة المقبلة بسبب جائحة كورونا.

كما أن انتقاد موازنة الطوارئ بأن العمل بها يكون كل وحدة على حدة، وكل شهر بشهر وليس للعام بأكمله، وبالتالي يكون فيها ليونة كبيرة وتفضيل مراكز مالية على أخرى من ناحية الإيرادات والنفقات.

وهذه ليست المرة الأولى التي تُنفّذ بها السلطة موازنة طوارئ، حيث استغلت أزمة المقاصة العام الماضي وعملت بموازنة طوارئ، ورغم انتهاء الأزمة بشهر أغسطس العام الماضي، إلا أن الحكومة لم تفصح بعدها عن انهاء العمل بأزمة الطوارئ أو البقاء عليها.

ولعل عيوب موازنة الطوارئ لا تظهر في الوقت الحالي، ولكن العمل بها يعني أننا في العامين أو الثلاثة المقبلات سنكون أمام تراكم للديون ومصاريف كبيرة لم يتم تغطيتها بعد.

ويرى مراقبون أن العمل بموازنة طوارئ من عدمها يُبقي المصاريف كما هي، وهذه حقيقة مخجلة تبيّن لنا أن ممارسة الحكومة للإدارة المالية واحد بغض النظر عن الحال الذي تمر به السلطة.

ومن بين الانتقادات الأخرى لموازنة الطوارئ، أنها لم تأخذ بعين الاعتبار عدة سيناريوهات من الممكن أن تحصل، كتفشي وباء كورونا أو انحصاره، وبالتالي لا يوجد خطط بديلة للموازنة التي كانت بنسخة واحدة ولم تحسب للسيناريوهين المتفائل والمتشائم.

وبالتالي كان يجب على السلطة، إعداد موازنة وفق سيناريوهين، الأول: حال استمرت أزمة كورونا وقلة الإيرادات، والثاني: حال انحصار أزمة كورونا وزيادة الإيرادات، "لكنهم لم يعملوا ذلك على الإطلاق".

ولم تأخذ موازنة الطوارئ بعين الاعتبار القاعدة الضريبية التي تم توسيعها مؤخرا، وما هي الخطوات الواجب اتخاذها في ظل قلة دخل المواطنين وتوقف الكثير منهم عن العمل.

وليس غريبا لو أطلقنا على ما يحدث هو "إدارة لتدفقات نقدية يتم تسجيلها وفق الصادر والوارد، ولا ترتقي لأن يطلق عليها "موازنة طوارئ".

وأخيرا، لم تتطرق الموازنة لتفصيل في بنود المساعدات التي تلقتها السلطة من البنك الدولي وغيرها من المؤسسات لمواجهة جائحة كورونا، وكذلك لم تضف صندوق "وقفة عز" الذي من المقرر أن يضيف 27 مليون دولار لميزانيتها، واكتفت بإضافة بند المنح والمساعدات في موازنة الطوارئ بقيمة 1.5 مليون شيكل.

البث المباشر