دير البلح - محمد بلّور - الرسالة نت
تلقائيا تحتفل العيون الزائرة لذلك البستان بتلك الشجرة متوسطة الطول والتي تتدلى منها قطوف ذهبية.
تقف شجرة نخيل من نوع "البرحي" مثقلة بحملها الأصفر على فوهة بستان الأشتال التابع لمنزله في مدينة دير البلح .
عهده مع أشجار النخيل وتربية الفسائل يعود لعشرات السنين وخبرة أبا عن جد واليوم آن له أن يضيف لتجربة الأجداد وخبرة الآباء فيرعى أشتال شجرة حديثة نسبيا في قطاع غزة .
ثمار صفراء
أوعز السيد أبو رامي أبو سليم إلى شريكه في العمل عبد أبو هندي ليحضر بعض المقاعد البلاستيكية فوضعها بين الأشجار الصغيرة .
أبو رامي اتخذ موقعا مقابل الشجرة الأم الوحيدة في البستان وشرع في الحديث عن تجربته فيما تدلى حوله سعف الأشجار الصغيرة طربا بما يروي.
وأضاف: "هذا المشتل هو للنخل البرحي الأصفر وقد دخل القطاع قبل 3 سنوات ومصدره السعودية فأتيت به عبر الأنفاق مع مصر ونقلته لدير البلح أما هذه الشجرة-يشير بأصبعه- فهي الأم الوحيدة وعمرها 12 سنة ويزيد ثمنها عن 1200 دينار" .
صمت أبو رامي برهة ثم نفث دخان سيجارته ليضيف: النخل البرحي نموه سريع ويخرج ما معدله 8 فسائل بينما يبلغ ثمن الفسيلة الواحدة حسب تقديره أكثر من 200 دينار .
وأوضح أن مناخ البحر المتوسط ملائم جدا لهذا النوع من الأشجار وأن زراعته نجحت في بستانه وفي مناطق أخرى مشابهة المناخ.
هزّ أبو رامي رأسه مشيرا إلى أن اهتمامه الآن منصب على هذا النوع من النخيل وأنه هجر تربية النخيل "الحيّاني-بنت العيش وغيرها " .
هواية
مدّ أبو رامي عينيه أمام الأشجار الصغيرة التي لم يتجاوز طولها مترا ونصف وشد قامته مضيفا: "أنا غاوي بلح وأردت التجديد وهذا صنف جديد ولابد أن يزرع على مسافة 8 أمتار بين كل نخلة ليعطي إنتاجا أفضل يصل إلى 200 كجم" .
وعمل أبو رامي معلما لسنوات طويلة وناظرا لمدرسة خالد بن الوليد 20 سنة واليوم هو متفرغ تماما لزراعة النخيل والاهتمام بالنوع "البرحي" .
وأطلق نصيحة للمزارعين بأن يكون التلقيح في شهري مارس وإبريل بعد التاسعة صبحا حيث تكون الشمس واضحة ويستقبل الشجر اللقاح وعلى المزارع المشتكي من مشكلة اللقاح ليضع كيسا بلاستيكيا أبيضا عند اللقاح لمدة 2-3 أيام " .
ويبدو أبو رامي منشغلا بالمشتل المحاذي لمنزله وقد زينه بسبعين شتلة من النوع "البرحي" فيما يتابع باهتمام الشجيرات الصغيرة.
ناول أحدهم أبو رامي بعض الثمار ليثبت جودة وحلاوة الثمار للحاضرين وقد تناولتها بعض الأيدي وهزت برؤوسها بعض ثوان من تناولها إعجابا بها .
غذاء شامل
وحول تجربته الشخصية مع زراعة النخيل استدل بالحديث النبوي الشريف "إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها" رافعا رأسه بالقول: "انظر للنخيل فأنت تأكل منه طول العام وتصنع منه تمرا".
وقرب الأشجار حديثة العمر، حافظت ثمار 3 أشجار حمراء على لونها اثنتان النوع "الحيّاني" وأخرى من نوع "بنت العيش" أما في الجزء الغربي من المنزل فتدلت قطوف صفراء لنخلة أخرى من نوع "العامري" .
ونوه إلى أن أسعار البلح لهذا العام رخيصة جدا تأثرا بمشكلة انقطاع التيار الكهربي موضحا أن النخلة من النوع "البرحي" تعطي المزارع مبلغا صافيا قيمته 200 دينار حسب أسعار الثمار المشابهة الواردة من "إسرائيل".
وكان أبو رامي قد حاول جلب هذا النوع من النخيل أثناء احتلال قطاع غزة لكن الاحتلال رفض إدخال الفسائل مشيرا إلى أن النخيل البرحي موجود في منطقة الأغوار وبيسان وإيلات .
وقبل أسابيع عبثت أصابع أبو رامي على جهاز الكمبيوتر بحثا عن معلومات إضافية عن النخيل البرحي فتأكد أنه موجود في كاليفورنيا والسعودية والإمارات وأن مناخ البحر المتوسط يعد بيئة ملائمة لزراعته.
رعاية مستمرة
ويحتاج النخيل والفسائل، كما يقول أبو رامي، رعاية مستمرة طوال العام. فالفسائل تزرع في شهر إبريل والأشتال تزرع طوال السنة بشرط المحافظة على تربتها بينما تحتاج الأشجار دائما إلى السقاية والسماد وصولا إلى اللقاح في مارس.
وفي شهر تموز تربط القطوف للمحافظة على الثمار المتوقع نضجها شهري سبتمبر وأكتوبر .
وقف أبو رامي وشرع في جولة ميدانية مشيرا بذراعه إلى حجم وطبيعة الفسائل فأضاف: "أمامك هنا أشجار عمرها 3 سنوات ستبدأ بالإثمار وقد خرجت منها الفسائل وثمن كل واحدة 500 $ ولو كانت أكبر تكون أغلى وقد جلبت فسائل صغيرة عبر الأنفاق قيمة كل واحدة 300 $ .
وتتحمل شجرة النخيل الظروف الجوية المختلفة وتعيش على المياه المالحة ما دفع الكثير من المزارعين لزراعة النخيل مؤخرا .
وأكد عبد أبو هندي المزارع الخبير في النخيل وشريك أبو رامي في العمل أن العمل في زراعة النخيل هواية قد تصل لمرحلة الشغف.
وأشار إلى أن مزارعين ومواطنين كثر يبدون حبا في اقتناء الأشجار والاستفادة من ثمارها ومنظرها الجذاب في كل فصول السنة .
وامتدح الموسم الحالي محذرا من مشكلة "سوسة النخيل" وهي مرض يصيب الأشجار ضرب دولا مجاورة ويحظى محليا بمكافحة مستمرة .
وحول خبرته في الزراعة أجاب ضاحكا:"زرعت ربما مليون نخلة فلدي مشتل وعمال وأشرف على كثير من بساتين النخيل حتى تنمو وتثمر".
ويأمل أبو رامي أن ينجح مشتل النخيل البرحي الذي يفخر به ويبدأ المواطنون في اقتناء مثل هذا النوع من النخيل قصير القامة .