وسام عفيفه
لم يجد الجنود (الإسرائيليون) أفضل من روث الأسود ليحميهم من الرعب الذي يملأ قلوبهم في كل مرة تنطلق فيها صافرات الإنذار شمال فلسطين المحتلة، للتحذير من وقوع عمليات مقاومة ضد مواقعهم العسكرية المنتشرة فى هذه المنطقة.
الخبراء (الإسرائيليون) عكفوا على دراسة السبل التي تحول دون اقتراب الحيوانات من منظومة الإنذار المبكر, ولم يجدوا أفضل من روث الأسود لردع الحيوانات من الاقتراب، حيث تعتقد الحيوانات أن تواجد روث الأسود يعنى أن ملك الغابة قد عاد للمنطقة ليفرض سيطرته على الحيوانات.
المزارعون ومربو الأغنام في هذه المنطقة هم أكثر المتضررين بعد أن ارتفعت أسعار روث الأسود الذي كانوا يستخدمونه فى ترويع الثعالب و"الديابة" من الاقتراب من مزارعهم وأغنامهم.
في المقابل يرعب "روث" جيش الاحتلال القادة العرب, ويمنعهم مجرد التفكير بمضايقة "إسرائيل", وهو ما يفسر تصريح وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الذي قال خلال قمة سرت "لن نحشد الجيوش من اجل رفع الحصار عن غزة".
في المثل الشعبي قالوا : القوي عايب" وهو ينطبق على بنيامين نتنياهو -الذي رد على قرار العرب منحه مهلة شهر "لاستئناف المفاوضات"- "فتبرٌز" على طاولتهم, باشتراطه الاعتراف بيهودية الدولة مقابل بحث إمكانية تجميد الاستيطان لفترة محدودة.
"روث إيران النووي" يجعل الأمريكان والأوربيين يحسبون لها ألف حساب, كما أنه يثير حالة من الإرباك والخوف لدى "نعاج" المنطقة.
الأسد لا يكلف نفسه عناء الزئير أو إثارة الغبار حتى يرعب حيوانات الغابة ..يكفيه ان يترك روثه يقوم بالمهمة.. وهو نموذج لطريقة حكم القوي في قانون الغاب.
الولايات المتحدة تحاول تطبيق إستراتيجية الأسد, فهي تواصل دفع تكلفة الحرب في منطقتنا, وخصوصا في الخليج, وتفكر قبل أن تغادر العراق أن تترك بعض "روثها العسكري" على شكل قواعد عسكرية وصفقات سلاح.
"القوي العايب" يطارد كل من يرضى أن يكون مع الضعفاء.. فأمريكا تستقوي على العرب, (وإسرائيل) تستقوي على السلطة, والزوج على زوجته – او العكس, والمدير على الموظف, والحماة تستقوي على الكنة, والأب على أبنائه.
القوي العايب يضع شروطه العجيزية أمام الضعفاء, وقاعدته في ذلك "صْحيحْ لا تِقِسْم... ومَقْسومْ لا توكْل... وكُل تَــــــ تِنْسِطح!"
وإذا كان روث الأسد يحمي الحيوانات الأليفة في حظائر المزارعين من الحيوانات المتطفلة, فان الشاعر احمد مطر استحضر الحظيرة العربية في قصيدة قال فيها:
الثور فر من حظيرة البقر، الثور فر ،
فثارت العجول في الحظيرة ،
تبكي فرار قائد المسيرة ،
وشكلت على الأثر ،
محكمة ومؤتمر ،
فقائل قال : قضاء وقدر ،
وقائل : لقد كفر
وقائل : إلى سقـر ،
وبعضهم قال: امنحوه فرصة أخيرة ،
لعله يعود للحظيرة ؛
وفي ختام المؤتمر ،
تقاسموا مربطه، وجمدوا شعيره
وبعد عام وقعت حادثة مثيرة
لم يرجع الثور ، ولكن ذهبت وراءه الحظيرة.