وصلت السلطة الفلسطينية إلى مستوى من القمع والسطوة الأمنية لأن ترفض أي انتقاد لأدائها وسياساتها حتى ذلك الانتقاد المغلف بأسلوب فني ساخر.
وقد عمدت السلطة إلى حذف مقطع درامي ساخر ضمن برنامج وطن على وتر للفنان عماد فراجين ، ينتقد فيها سياسة السلطة وحكومة اشتية، ما دفع الفنان الفلسطيني عماد فراجين، للتعليق على ذلك
وقال فراجين في منشور له على صفحته الفيسبوك ناقدًا سياسة الحذف: "من الخطأ على رئيس الوزراء ووزارة الإعلام المطالبة بحذف الحلقة.. وأنت من أكد على حرية الرأي والإعلام".
وأضاف فراجين: "إنتقدنا الوضع الفلسطيني بوجود الرئيس الفلسطيني شخصيًا و تقبلها بكل صدر رحب ،ما زالت الحلقه موجوده...الحلقه إسمها درس أخو شلن.. أخي أبو إبراهيم إتحملو النقد احنا إخوان..للأسف تم حذف الحلقه".
كما ونفى الفراجين قيامه بحذف الفيديو شخصًيا، مؤكدًا على أن سبب الحذف جاء بسبب ضغوط على إدارة تلفزيون رؤيا.
وهي ليست المرة الأولى التي يوقف فيها مسلسل الفراجين فقد أُوقف المسلسل الساخر «وطن عَ وتر» بأمر من النائب العام للسلطة الفلسطينية أحمد المغني في العام 2011, بحجة أن مضمون الحلقات تخللتها «إساءات متكررة وركاكة في المضمون، وفي النص والتعبير، وتجريح مباشر لمقامات لا يجوز أبداً أن نسمح لأنفسنا بالتطاول عليها»
ورغم أن العمل بنى شعبيته معتمداً على نقده اللاذع، وتطرقه لقضايا شبه محرمة، إلا أنه لم يسلم من موجات احتجاج طوال فترات بثّه.
وقد تعددت هويات المحتجين لتشمل الفصائل الفلسطينية، والنقابات والهيئات الرسمية وغير الرسمية.
مقطع فراجين المصور الذي بث على قناة رؤيا الأردنية يحمل رسائل سياسية عدة وجهت للسلطة الفلسطينية وانتقدت طريقة تعاملها مع الملف السياسي والعلاقة مع الاحتلال, وما يعانيه المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية بشكل يومي.
ورغم ان الفراجين كان من الأشخاص المحسوبين على السلطة الفلسطينية وكان يتجنب كثيراً توجيه انتقادات لها, لكن يبدو أن مستوى الانحدار السياسي والميداني الذي وصلت له الاوضاع في الضفة نتيجة سياسات السلطة دفعت به لتوجيه هذا المقطع الساخر للسلطة.
وتجنب الفراجين توجيه الانتقاد لرأس السلطة محمود عباس واكتفى بالانتقاد الموجه لأداء رئيس الحكومة محمد اشتيه الذي يتصدر المشهد في الضفة منذ بدء أزمة كورونا على اعتبار ان الرئيس العجوز المريض يخضع لحجر صحي خوفاً على صحته المتدهورة أصلاً.
ورغم أن الفراجين ركز انتقاداته على الظهور الإعلامي لاشتيه حينما طلب من الناطق باسم الحكومة رفع يده من جيبه خلال مؤتمر صحفي, كما خرج ليخير المواطن الفلسطيني عبر قوله "بدكم وطن اكثر ولا فلوس أكثر" ، فيما رد الفراجين أن المواطن منذ اتفاق اوسلو لم يحصل لا على وطن ولا على المال.
المقطع الذي تضمنته حلقة أبو الفراجين تظهر تناقض تصريحات اشتية بحب الوطن والعمل من أجله اذا ما قورنت بممارساته على الارض, التي يغيب عنها الكثير من المهنية والعمل الوطني خاصة فيما يخص العلاقة مع الاحتلال واستمرار الصمت على اجراءات الاحتلال وتعميق التنسيق الأمني, بينما تستمر القبضة الامنية لمنع المقاومة في الضفة ورفض أي شكل من أشكال مقاومة المحتل ومخططاته للتهويد والضم.
وكان لافتا ان ابو الفراجين انتقد أيضاً بصراحة اتفاق أوسلو وقال في كلمة بثها عقب المقطع الساخر " أنه كان يجب التركيز على القضية الرئيسية والمركزية وهي القضية الفلسطينية", معلقاً على خطط الانفكاك الاقتصادي بالقول "في تاريخ نضالنا لم نكن أكثر التصاقاً بالاحتلال مثل الفترة الراهنة ومن بعد أوسلو".
ويمثل الانتقاد الذي وجهه الفراجين توجهات الكثير من المواطينين الفلسطينيين الذين يرون ان السلطة تعتمد الخطاب الاعلامي والتهديدات والشعارات في مواجهة الاحتلال بينما تعمق التواصل والتنسيق معه على كل المستويات.
ولم تكن الدراما المحسوبة على السلطة تجرؤ سابقا على هذه الملاحظات لكن خروجها للعلن، من ممثل له جمهور واسع يعني انه لا يمكن تجاهل ما تقوم به السلطة ، وترك صوت الناس الذين ضجو بالسلطة وسياستها.