غزة / ديانا طبيل
"مين ده لما يعرف دودو.. مين ده لي تعدا حدودو" هذه كلمات لإحدى الأغنيات التي توصف بأنها "أغاني شبابية " إذ يعمد الكثير من الشباب والفتيات بوضع احد مقاطع الأغنيات الشبابية كنغمة جوال ، في حين تستمع أغلبية لا باس بها من سائقي سيارات الأجرة و أصحاب المطاعم والكافيتريات إلى مثل هذه الأغنيات .
مزاج يومي
والغريب بالأمر أن الفتيات والشباب والمراهقين بصفة عامة هم أكثر الفئات تعلقاً بسماع هذه الأغنيات سواء عبر المحطات الفضائية المخصصة لها أو عبر الإذاعات المحلية التي تبث مثل هذه الأغنيات طيلة النهار ، أو عبر الجولات المحمولة والتي تمثل مكتبة فردية لكل متعلق بهذه الأغنيات ، فما السبب وراء تعلقهم بسماع مثل هذه الأغنيات التي لا تغنى ولا تطرب ، الرسالة تابعت القضية في التقرير التالي .
تقول سوزان صيام " 18 عاما " :" أنها تستمع إلى الاغانى طيلة النهار، فمنذ ساعات الصباح الأولى وفي وقت ارتداء ملابس المدرسة استمع من جهاز جوالي إلى باقة من أغنيات فيروز حتى ابدأ يومي بمزاج مرتاح على حد تعبيرها .
وتضيف:" فور عودتي من المدرسة أشاهد محطات غنائية هي المفضلة عندي ، مع الوقت أصبحت الاغانى جزء من يومي فانا أذاكر دورسى وأنا استمع إليها.وعن سبب تعلقها بالأغاني أرجأت ذلك إلى حبها للرومانسية والموسيقى.
أما شيماء سرور"22عاما " فتقول لـ" الرسالة ": أنا استمع بين الفينة والأخرى إلى بعض الأغنيات القديمة، حيث تشعرها بأصالة الكلمات وشاعريتها، في حين أن الأغاني الحديثة هابطة لا تحمل من معاني الرومانسية شيئاً_حسب تعبيرها_.
وتتابع سرور:" الكثير من صديقاتي يستمعن إلى مثل هذه الأغنيات، بل إن لديهن هوس بالمطربين والمطربات ويجملن صورهن إلى جانب أغنياتهم"، مبررات ذلك بأن الأغاني وسيلة لإضفاء "البهجة والفرح" للحياة.
وبدوره يؤكد الشاب حسام (25عاما) والذي أدهش من سؤالي على أن الأغاني الحديثة تافهة وكلماتها مكررة وأداء مغنيها ضعيف، معزيا ذلك إلى عدم تعبيرها على الإحساس بالفن والذوق العام.
وحمل حسام وسائل الإعلام المختلفة المسئولية الكاملة عن انتشار الأغاني الهابطة، حيث أنها تعمل على رفع أو خفض الذوق الفني للجمهور.
إقبال شديد
وفي نفس السياق عبر علاء مطر (22عاما) عن حبه للأغاني التي تلامس أفكاره ومشاعره بغض النظر عن مستواها الفني، قائلا:" أحب أغاني معينة لأنها تحاكي الحالة النفسية والعاطفية التي أمر فيها فقط, لكن بمجرد انتهاء هذه الحالة فإنني اعرض عن سماع هذه الأغنية واستعجب ما الذي كان يحببني فيها".
وبدوره أكد على سكيك " 30عاما " صاحب محل لبيع الكاسيت وال CD على أن هناك إقبالا شديدا على شراء كافة أغانى المطربين الشباب، مبينا ذلك بقوله :"ما أن تصدر أغنية جديدة حتى يبدأ الطلاب صغار السن بطلب اسطواناتها".
ويبين صاحب المحل أن هناك قسمين من الزبائن فمنهم من لديه هوس الاغانى ذاتها بغض النظر عن من يغنيها واصفا إياهم بـ"الجمهور دائم"، ومنهم من يتعلق بشدة بمطرب معين وبسماع ومتابعة أغنياته سواء كانت لائقة أو غير ذلك.
من جهته أوضح الأخصائي النفسي والاجتماعي أسامة خليفة أن بداية التعلق بالمطرب وأغنياته تأتى من الإعجاب ببعض أغنياته ثم يتطور الإعجاب بالصوت والموهبة إلى إعجاب بشخص المطرب وأفعاله وحركاته وطريقته في الملبس وقص الشعر وغير ذلك".
وأضاف :"هذا التعلق الشديد بالمطربين يظهر بوضوح عند المراهقين نتيجة لحساسية هذه المرحلة وما تتميز به من فرط الحساسية والاندفاع العاطفي، فيبتعد المراهق عن الواقعية ويصل إلى درجة العبادة لكل ما يخصه".
وأشار خليفة إلى أن المراهقين يتعلقون بالمطربين لأنهم يعتقدون أنهم يعبرون عن أفكارهم وطموحاتهم حتى يصبح هذا المطرب مثلا أعلى له.
لا يجتمعان
وفيما يتعلق بمساوئ هذه الحالة قال خليفة "مهما كانت النتيجة التي يصل إليها الإعجاب إلاّ أنها لا تذوب كفقاعة الصابون بل تترك أثراً على شخصية الإنسان"، مبينا ذلك عند ارتباط الشخص بعلاقة زواج أو صداقة ، فإنه يبحث عن صفات تشابه صفات الشخصية التي أعجب بها سابقاً (المطرب أو المطربة) وبذلك يفقد الموضوعية في الحكم والتقييم .
وأشار الأخصائي النفسي إلى أن هناك بعض الحالات التي تصل إلى درجة اللامعقول في حب المطرب ليتحول الإعجاب إلى هوس أعمى، مؤكدا على أن حياة المعجب تصبح لا معنى لها بعيدا عن المطرب الذي يحبه ".
وعزا خليفة سبب تعلق الفتيات بالمطربين أكثر من الشباب بقوله " إن الإناث أكثر اندفاعاً من الناحية العاطفية مقارنةً بالذكور، كما أن الفراغ الذي تعاني منه الإناث في مجتمعنا أكثر من الذكور، منوها إلى أن الإناث أكثر اهتماماً وتأثراً بتفاصيل أخبار النجوم وصورهم في وسائل الإعلام".
يبدو أن الكثير من الشباب في مجتمعنا قد وقع في شباك الأغاني الماجنة بحجج واهية، ولكن الحقيقة أمر وأصعب، ويكفي أن نقول لا يجتمع الغناء والقرآن في قلب واحد أبدا لما بينهما من تضاد.