قائمة الموقع

المصالحة ورقة يلوح بها عباس في الوقت الضائع

2020-06-07T11:43:00+03:00
عباس.jpg
الرسالة- شيماء مرزوق

ضمن حالة التضارب التي تعيشها قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، منذ إعلان الاحتلال عن سلسلة الإجراءات التي يهدف من خلالها إلى تصفية القضية وإنهاء الوجود الفلسطيني، جاءت تصريحات قيادات فتح بضرورة إنجاز المصالحة.

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، إن الرئيس محمود عباس أرسل رسالة إلى الفصائل الفلسطينية كافة، ومن ضمنها حركتا حماس والجهاد، لإنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية؛ لأنها شرط الانتصار على الاحتلال، وحركة فتح بانتظار رد الفصائل.

تصريح جاء في الوقت الضائع الذي باتت فيه القضية على المحك، فقد عطل الرئيس الثمانيني المصالحة لأكثر من عقد من الزمن حتى تمكن الاحتلال من تنفيذ جميع مخططاته الأمر الذي مهد الحالة السياسية في الأراضي الفلسطينية الأرض لتلك الإجراءات.

حديث عباس زكي رد عليه موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، بالقول "ردنا إيجابي، ولكننا في انتظار الرسالة"، في إشارة إلى أن حركة حماس لم تتسلم رسالة الرئيس التي تحدث عنها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي.

 

الحالة التي تتعامل بها السلطة وحركة فتح مع ملف المصالحة في الوقت الراهن لا تختلف كثيراً عن تلك المواجهة المفترضة التي تتحدث عنها لردع الاحتلال ومنعه من تنفيذ مخططات الضم، والتي لا تتعدى في الحالتين التصريحات الإعلامية البعيدة عن أرض الواقع.

ويمكن القول إن التصريح لم يكن موجها للفصائل الفلسطينية بالدرجة الأولى وإنما للاحتلال الإسرائيلي، حيث يحاول عباس اللعب على وتر المصالحة للضغط على الاحتلال بأنه في حال نفذ مخططاته واستمر في إجراءاته الاحادية ضد الضفة الغربية فإن السلطة ستتجه نحو المصالحة مع حركة حماس.

ولا يخفى على أحد أن (إسرائيل) تعمل وفق استراتيجية واضحة منذ العام 2002 قائمة على الفصل بين الضفة وغزة، وتضع فيتو على أي مصالحة باعتبارها تهديدا استراتيجيا بالنسبة للاحتلال.

من ناحية أخرى لم يتجه عباس من قبل نحو المصالحة بنوايا حقيقية أو بهدف اعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإنما استخدمها كورقة يلوح بها أمام الاحتلال.

وقد هدد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 2014 بعد اتفاق الشاطئ أنه عليه الاختيار بين المصالحة مع حركة حماس أو السلام مع (إسرائيل)، رغم عدم وجود تقدم في المحادثات مع الفلسطينيين ورفضه المطالب الفلسطينية للتقدم في هذه المفاوضات في ذلك الوقت.

وقد اتجه عباس للمصالحة حينها نتيجة تعثر المفاوضات ورفض (إسرائيل) اخراج الدفعة الرابعة من الأسرى والتي كانت ضمن "النوايا الحسنة" للتقدم بالمفاوضات برعاية الولايات المتحدة وبإشراف وزير الخارجية الامريكي الاسبق جون كيري.

لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي لجأ فيها عباس للمصالحة لتهديد الاحتلال بل السيناريو تكرر في أواخر عام 2007، واستؤنفت عملية المفاوضات عندما حضر عباس ورئيس وزراء الاحتلال انذاك إيهود أولمرت مؤتمر أنابوليس الذي رعته الولايات المتحدة في ولاية ماريلاند.

واختتم المؤتمر بالاتفاق على "تفاهم مشترك" على بدء مفاوضات مباشرة وإبرام معاهدة سلام بحلول نهاية عام 2008, ومع ذلك لم تؤد المحادثات لأي نتيجة.

وشن الاحتلال في كانون الأول/ ديسمبر 2008 عدواناً عسكرياً واسع النطاق على قطاع غزة، ومع ذلك حاولت السلطة استئناف عملية المفاوضات لكنها فشلت، فاتجهت نحو المصالحة وعقدت اتفاقيتي دمشق نهاية أيلول سبتمبر 2009، وغزة في نيسان 2010 بين حركتي فتح وحماس، ولكن سرعان ما انهارتا.

في نهاية تموز 2013، أطلق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مبادرة جديدة لاستئناف المفاوضات بين (إسرائيل) وفلسطين، على أن تستمر لمدة تسعة أشهر. ولكن رفض خلال هذه الفترة المفاوضون الإسرائيليون تقديم مواقف شاملة حول رؤية (إسرائيل) لحل الدولتين، ورفضوا أيضاً تقديم خارطة حدود (إسرائيل).

في نيسان 2014، وقبل أسابيع قليلة من انتهاء مهلة التسعة أشهر، غادرت حكومة الاحتلال طاولة المفاوضات، وأعلنت أن إعلان حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية أعاقت التعاون (الإسرائيلي) من أجل التفاوض، في ذلك الوقت لوح عباس في عدة خطابات له أنه سيتجه نحو المصالحة وبأنه لن يأبه بالفيتو الأميركي الاسرائيلي حول المصالحة وسيتحدى الجميع من أجل المصالحة واعادة ترتيب البيت الفلسطيني، لكن سرعان ما أفشلت السلطة الاتفاق الذي قدمت حماس الكثير من التنازلات لتمريره.

ربما استدعاء هذه النماذج مهم لتوضيح كيف تتعامل السلطة مع هذا الملف وتستغله للتلويح به ضد الاحتلال ومحاولة العودة للمفاوضات التي لم تتخل عنها حتى الآن.

اخبار ذات صلة