قائمة الموقع

المقاومة خارج حسابات السلطة.. وهدفها الحفاظ على الوضع الراهن

2020-06-10T12:37:00+03:00
المقاومة خارج حسابات السلطة.. وهدفها الحفاظ على الوضع الراهن
الرسالة نت - شيماء مرزوق 

 تصريحات حسين الشيخ رئيس الشئون المدنية في السلطة الفلسطينية: "سنعتقل أي شخص يخطط لتنفيذ عملية فدائية ضد الاحتلال، وفي حال نجح بالوصول إلى داخل (إسرائيل) سنجد طريقة لإيقافه"، أثارت غضب الشارع الفلسطيني الذي بات يلمس تضاربا بين مواقف السلطة الدعائية وبين سياستها على الأرض.

ففي الوقت الذي تدعي السلطة أنها أوقفت التنسيق الأمني مع الاحتلال وتخوض مواجهة شرسة لوقف مخططاته ضم الضفة والأغوار، تستمر على الأرض في تنفيذ التعهدات الأمنية التي التزمت بها منذ اتفاق أوسلو وهي حماية أمن الاحتلال ومنع أي أعمال مقاومة ضده، وهو الهدف الحقيقي من التنسيق الأمني.

ويمثل هنا الشيخ بتصريحاته الوجه الحقيقي للسلطة الفلسطينية ويعكس حجم الاستهتار بالشعب الفلسطيني الذي بات ضحية للتضارب والتخبط والتجبر والاستمرار في نهج المفاوضات إلى الأبد.

ومن الواضح أن قرار المقاومة والمواجهة بات خارج قاموس السلطة الفلسطينية التي ترفض أن تتخذ أي قرار يؤدي لقطع علاقات حقيقي مع الاحتلال او مواجهة فعلية معه، ومن ناحية أخرى تحارب كل من يفكر في ذلك رغم إقرار قادتها بفشل مشروع التسوية والمفاوضات، وانهيار حل الدولتين.

ويبدو أن أصحاب مشروع التنسيق الأكثر التصاقاً بالاحتلال تحديداً في المستويات الأمنية وفي الشئون المدنية، وهما حسين الشيخ ومدير المخابرات ماجد فرج والذين حظيا بقرب ونفوذ غير مسبوق خلال السنوات الماضية باتا أكثر وضوحاً من بعض قيادات السلطة وحركة فتح الذين يصدرون مواقف ليست دقيقة إلى حد كبير.

فقد صرح فرج أيضا خلال الأيام الماضية بأنه سيحافظ على التنسيق الأمني ويعمل على تطويره مستقبلاً، وأنه تم احباط 50 عملية واعتقال 70 فلسطينيا خلال الشهور الماضية، حفاظاً على أمن الاحتلال.

وتلعب المصالح الشخصية هنا الدور الأبرز والعامل المشترك بين جميع قادة السلطة الذين يرفضون المواجهة مع الاحتلال حفاظا على مصالحهم وامتيازاتهم، وهي ذات الأسباب التي دفعت معظمهم لرفض قرار الرئيس الراحل ياسر عرفات بالعودة للمقاومة ضد الاحتلال. بعدما فشلت مفاوضات كامب ديفيد عام 2000.

فقد ألغت "فتح" خيار المقاومة بعد أوسلو، ولكنها عادت إليه بعد فشل قمة كامب ديفيد العام 2000، والتي كان من المفترض أن تفضي إلى تسوية قضايا الحل النهائي وإقامة دولة فلسطينية لكن فشلها دفع عرفات لفتح مواجهة مع الاحتلال الأمر الذي أدى لاغتياله وتصفيته في وضح النهار وبتعاون وتواطؤ من المحيطين به في ذلك الوقت.

وهو الامر الذي يرفض الرئيس الحالي عباس القيام به لإدراكه أن (إسرائيل) التي أتت به إلى المقاطعة قادرة على اسقاطه في اللحظة التي تعتقد أنه قد يتجه لخطوات عرفات.

الكاتب البريطاني روبرت فيسك قال إن "الرئيس أبو مازن غير قلق بما يجري على الأرض من (إسرائيل)، خلافا لما يظهر في خطاباته المتكررة أنه يحارب مشروع قضم الأرض ومصادرتها، لأنه يعلم أن من جاء بحكمه هي (إسرائيل) بعد تخلصها من الراحل ياسر عرفات".

ويضيف فيسك في مقال له نشرته صحيفة الاندنبدنت أن أبو مازن لن يوقف التنسيق الأمني، بل يعمل على إعادة إنتاجه وجعل صيغته مقبولة للحفاظ على ديمومته، وأن ما يثار من معلومات حول قطع العلاقة مع (إسرائيل) مصدرها ماكنات الدعاية التابعة للسلطة".

ولفت إلى أنها تعمل بطريقة الأنظمة المستبدة المهترئة لتكريس سيطرتها على السكان وخداعهم لتجميل خطواتها وتعظيمها وإعطائها صبغة وطنية مغشوشة، عبر اللعب بالمصطلحات والعبارات المضللة لشعبها.

وشكلت اتفاقية أوسلو التي هندسها عباس ووقع عليها عرفات تمهيدا للإجراءات التي يتخذها الاحتلال اليوم بما فيها ضم الضفة، كما ان الاتفاقية تنص على قمع المقاومة واعتقال من يحمل سلاحا غير مرخص من (إسرائيل).

وفي حال توقف التنسيق الأمني فهذا يعني توقف دور السلطة ولذلك تتعامل (إسرائيل) مع السلطة كجهاز ثانوي من أجهزتها الأمنية.

وتراهن (إسرائيل) على أن وقف التنسيق الأمني يعني إنهاء السلطة ومؤسساتها، لذلك تتمسك الأخيرة ببقاء هذه المؤسسات خدمة لمصالح شخصية، وليس للقضية الوطنية.

وتعمل السلطة وفق سياسة تصعيد اعلامي بعيداً عن الواقع المفروض على الأرض، كما انها تتخذ إجراءات شكلية ودون أن تطرح أي خطة عمل بديلة، ففي الوقت الذي تتحدث عن وقف التنسيق لم توضح ما هي الخطوات التالية أو السياسة الجديدة التي ستعمل وفقها.

كما تدعي السلطة رفض استلام أموال المقاصة دون أن تشرح للمواطنين ما هي البدائل التي اتخذتها لمواجهة هذا السيناريو وهي حقيقة ترى أنها ليست بحاجة لأي خطط بديلة لأن أقصى ما تطمح إليه هو المحافظة على الوضع الراهن البائس.

اخبار ذات صلة