قالت الأمم المتحدة إن أطراف الصراع الليبي منخرطة في محادثات اللجنة العسكرية المشتركة. لكن ذلك لم يوقف التطورات الميدانية المتسارعة، حيث تصل تعزيزات من حكومة الوفاق الليبية إلى محيط مدينة سرت استعدادا لاقتحامها.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا -أمس الأربعاء- إن وفدي حكومة الوفاق وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر منخرطان بشكل كامل، عبر تقنية الفيديو، في الجولة الثالثة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5).
وأفادت البعثة في بيان أنها عقدت اجتماعين منفصلين مع الوفدين، مشيرة إلى أنهما كانا مثمرين، وأتاحا لها أن تتلقى ملاحظات الطرفين على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في فبراير/شباط الماضي بجنيف.
وعبرت البعثة عن قلقها من التقارير التي تفيد بالتصعيد والتحشيد في مدينة سرت وما حولها، مشيرة إلى أنها تحققت من مقتل 19 مدنيا على الأقل، بينهم نساء وأطفال، في الفترة ما بين الخامس والثامن من الشهر الجاري في ثلاثة مواقع على الأقل خارج سرت.
وكان مسؤولون في حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا أكدوا أنه لا عودة للمحادثات السياسية قبل السيطرة على مدينة سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس) وقاعدة الجفرة جنوبا، والتي قالت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا مؤخرا إن طائرات روسية هبطت فيها لدعم قوات حفتر.
حراك دولي
وعلي الصعيد الدولي، تتصاعد الضغوط لوقف القتال في ليبيا، وقد انضمت الولايات المتحدة للمنادين باستئناف المفاوضات السياسية، وطالبت بإنهاء تدخل روسيا، حيث دعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس الأربعاء إلى البدء في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة بشأن الأزمة في ليبيا، مطالبا روسيا وغيرها من الدول بوقف تدخلها في الأزمة.
وشدد بومبيو على أن وضع ليبيا على مسار التعافي الاقتصادي يعني حفظ منشآت النفط الليبي، وكان يلمح بذلك إلى قيام موالين للواء المتقاعد خليفة حفتر بغلق حقول نفطية في الجنوب الليبي، بعد أيام قليلة من استئناف العمل فيها عقب الانتصارات الأخيرة التي حققتها قوات حكومة الوفاق.
وبالتزامن، دعت السفارة الأميركية -في بيان- الأطراف الليبية لوقف التصعيد، وحذرت من الانخراط في أعمال انتقامية.
وجاءت التصريحات الأميركية بعد يوم من إصدار الاتحاد الأوروبي وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، بيانا مشتركا دعت فيه إلى وقف عاجل لإطلاق النار في ليبيا.
وفي السياق نفسه، بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأزمة الليبية في اتصال هاتفي.
وقالت الرئاسة الروسية إن بوتين شدد خلال الاتصال على أهمية وقف إطلاق النار في ليبيا بأسرع وقت، واستئناف الحوار على أساس مخرجات مؤتمر برلين الدولي، وأضافت أن الرئيسين أعربا عن قلقهما الشديد إزاء استمرار الاشتباكات في ليبيا وما خلفته من ضحايا.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن المبادرة التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السبت الماضي -والتي تتضمن وقفا لإطلاق النار في ليبيا- ولدت ميتة.
ونقلت صحيفة "حريت" التركية عن جاويش أوغلو أن الهدف من هذه المبادرة هو إنقاذ حفتر، بعد انتصارات حكومة الوفاق الأخيرة والتي مكنتها من السيطرة على الغرب الليبي برمته.
كما وصف الدعوة التي جاءت في ما سمي "إعلان القاهرة" لوقف إطلاق النار بغير الصادقة والتي لا يمكن الوثوق بها، مشيرا إلى أن حفتر هرب من توقيع وقف إطلاق النار في موسكو وبرلين، وأنه لا مكان له في أي اتفاق لحل سياسي مقبل.
تعزيزات غرب سرت
على الصعيد الميداني تواصل قوات حكومة الوفاق تقدمها شرقا وجنوبا بعدما تمكنت في الأيام الماضية من إنهاء وجود قوات حفتر على حدود العاصمة طرابلس وفي مدينة ترهونة.
ونقل مراسل الجزيرة عن مصدر عسكري في قوات حكومة الوفاق الليبية، تأكيده وصول تعزيزات عسكرية إلى محاور القتال غرب مدينة سرت الساحلية وسط ليبيا.
وأضاف المصدر أن أمراء المناطق العسكرية الوسطى وطرابلس والغربية، اتفقوا على دعم محاور قتال غرب سرت لشن هجوم على قوات حفتر بمختلف أنواع الأسلحة.
وكان الطيران الحربي والطيران المسير التابع لقوات حفتر قد حلق بشكل مكثف اليوم في أجواء منطقة أبو قرين شرق مدينة مصراتة، دون توجيه ضربات لمواقع قوات الوفاق في المنطقة.
وقبل ذلك، قصفت قوات الوفاق أهدافا عسكرية داخل سرت، وتحدثت مصادر محلية عن مقتل العشرات من الكتيبة 604 السلفية التابعة لحفتر جراء قصف صاروخي.
وكان أحمد المسماري المتحدث باسم قوات حفتر، أعلن أن قواتهم ستواصل العمليات حتى يتم القبول بالمبادرة المصرية التي تجاهلتها حكومة الوفاق الليبية.
جثث في ترهونة
في غضون ذلك، أعلنت الهيئة الوطنية الليبية للتعرف على المفقودين العثور على 15 جثة من أصل مئة تم التبليغ عنها، وذلك إثر عمليات انتشال جثث من مقابر جماعية في مدينة ترهونة جنوب شرق طرابلس.
وقال مصدر محلي في ترهونة لمراسل الجزيرة إن معظم القتلى من أهالي المدينة المعارضين للحرب على طرابلس.
واتهم المصدر مليشيا محمد الكاني أحد قادة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ترهونة، بتهجير عدد من أهالي المدينة وهدم مساكنهم إبان سيطرة تلك المليشيات على المدينة.
شرخ بين داعمي حفتر
في الأثناء، قال موقع إنتلجنس أونلاين الفرنسي إن هناك شرخا كبيرا وقع بين داعمي حفتر، ولا سيما الإمارات ومصر وفرنسا.
وكشف الموقع الذي يهتم بالشؤون الاستخبارية، أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد تعب من رؤية إنفاق أموال الإمارات على قوات حفتر دون جدوى.
وذكر أن أبناء حفتر يتولون صرف الأموال في الوقت الذي تواصل فيه قواته طلب مزيد من العتاد الحربي، مشيرا إلى أن الخلافات بين الضباط الإماراتيين وقادة قوات حفتر وصلت إلى حد الاشتباك الجسدي في الفترة الأخيرة.
المصدر : الجزيرة + وكالات