تواصل وسائل الاعلام العبرية الكشف عن المستور مما يجري من تنسيق أمنى تحت الطاولة خلف الغرف المغلقة، حتى بعد اعلان السلطة عن قرارها وقف التنسيق الأمني.
استمرار التنسيق الأمني تعبير عن تجذر العلاقة ومستوياتها بين ضباط الاحتلال والسلطة، إضافة الى تأكيد صعوبة السلطة من التحلل عن وظيفتها الرئيسية.
ومن بين شواهد التنسيق الأمني الأكثر بروزا في السنوات الأخيرة ما أعلن عنه عام 2018 عن تسلم السلطة شبكة تنصت على المكالمات، إضافة لاستجواب الشاباك معتقلين عبر الفيديو كونفرنس، بحسب شهادات للمنظمة العربية لحقوق الانسان.
وبرز تحقيق شخصيات اجنبية استجوبت معتقلين بالجنيد، إضافة الى الحكم على شخصيات ونواب لدى الاحتلال بناء على تقارير وملفات رفعت من السلطة وجرت مواجهتهم بها.
كما برز دور السلطة في الكشف عن خلايا أبرزها خلية الشهيد باسل الاعرج، بحسب افادة عائلته، إضافة لمراقبة قوى المقاومة بغزة أبرزهم الشهيد بهاء أبو العطا.
لا يزال مستمرا
أما شواهد استمراره، فيرصدها الخبير العسكري يوسف الشرقاوي، الذي أكدّ بدوره صعوبة خلاص السلطة الفلسطينية من التنسيق الأمني، "فقرار وقفه لا ينتهي بجرة قلم".
وقال الشرقاوي لـ"الرسالة ": "لا يمكن التخلص من الاتفاق دون تسليم السلاح الذي استلمته للسلطة بقرار )إسرائيلي( بعد توقيع اتفاق أوسلو".
وأشار إلى وجود فجوة بين الخطاب النظري والعملي، ما يرجح وجود بقايا تنسيق، خاصة وأن التنسيق الأمني مرتبط بملفات كالمقاصة وغيرها في ظل صعوبة إيجاد قنوات بديلة دائمة بالنسبة للسلطة.
وأضاف الشرقاوي: "التنسيق الأمني استمر لعشرات السنوات، والإسرائيلي تحدث سابقا عن تنسيق تحت السطح".
وذكر أن التنسيق الذي عدته قيادة السلطة في مرحلة ما بـ"المقدس"، "سيترك اثره لدى من آمن به من ضباط وجنود".
وتساءل: "ماذا لو عاد التنسيق الأمني بعد فترة وجيزة؟، فهل يكون هناك استسهال لوعي الناس؟"
وختم بالقول: "إن كانت الخطوة جدية فلا بد من ارجاع السلاح بيد الأمن والاهتمام فقط بالشرطة والدفاع المدني".
مبدأ وجود!
وأيده الخبير العسكري رامي أبو زبيدة، الذي أكد عدم جدية السلطة بوقف التنسيق الأمني، مستدلا بتصريحات مسؤولي السلطة المستمرة التي تنادي بوقف التنسيق.
وعزا ذلك إلى كون التنسيق أساس مهمة وجود السلطة وامتيازاتها، فوقفه يعني انتهاءها، وهو ما يشكل الهاجس الأساسي لديها.
وقال أبو زبيدة لـ"الرسالة نت": "إن مشروع السلطة سيثبت فشله أمام شعبنا، إذا ما تحرك الشعب الفلسطيني في فرض مشروع العمل الكفاحي الشعبي والمسلح، خاصة مع الخطر الحقيقي المحدق بالقضية من ضم وتصفية".
وذكر أن السلطة غير واثقة بالمقاومة وترى أن مشروعها بديل لها وانهاء لها، "وأن إعطاء أي فسحة للفصائل بالعمل في الضفة يعني انتهاء وجودها القائم على الأرض".
وعليه فإن ذلك يفرض على السلطة الاستمرار في محاربة مشروع المقاومة جهارا نهارا والاستمرار في التنسيق الأمني، واجهاض أي حراك مرتبط بالمقاومة الشعبية".
واكتفت السلطة ببعض الخطوات الإجرائية عقب الإعلان عن وقف التنسيق الأمني، من أبرزها الانسحاب من مناطق تخضع أمنيا للاحتلال، ووقف التحويلات الطبية، إضافة لوقف الاتصالات الخاصة بالتجار، والتلميح للتجار بالتواصل المباشر مع الاحتلال.
ويعتقد مراقبون أن تعمد السلطة وقف التنسيق المدني وربطه بالعسكري في محاولة للتأثير على الاحتياجات اليومية للسكان، وصولا لدفعهم للتظاهر او التواصل المباشر مع الإدارة المدنية وهو ما حصل فعلا في الخليل.
كما أن هذه الخطوة قد تدفع لتطبيق سيناريو استئناف التنسيق بذريعة احتياجات الناس.