قائمة الموقع

قانون "حماية الأسرة من العنف" انفجار اجتماعي يهدد الأسرة

2020-06-11T19:08:00+03:00
تعبيرية
غزة – مها شهوان 

أن تستغل أي حكومة انشغال مواطنيها بالأزمات لتمرير ما تريد من قوانين يعد انتهاكا صارخا، فكيف لو كان يتعلق بالأسرة كما فعلت السلطة الفلسطينية في رام الله حين استغلت جائحة كورونا وحالة الطوارئ التي تعيشها البلاد، وتداولت صفقة أعدتها جمعيات في الضفة الغربية لإقرار قانون ما يسمى حماية الأسرة

تلك الجمعيات التي تدعي حرصها على حماية الأسر من العنف، استغلت تغييب المجلس التشريعي، ولجأت إلى رئيس السلطة محمود عباس، والذي تم رفع مسودة من القانون له في محاولة لتمرير القانون الأخطر على الأسرة الفلسطينية، المبني على اتفاقية "سيداو" التي تنتهك تعاليم الإسلام والعادات التقاليد الفلسطينية.

وكان عباس قد صادق على اتفاقية "سيداو" مطلع تشرين الثاني الماضي بدون تحفظ على أي من بنودها، وغض الطرف عن نشرها في الجريدة الرسمية، وهو ما اعتبره مختصون، مخالفة للقانون الأساسي وأحكام الشريعة الإسلامية.

وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في عام 1979 اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، والتي تحتوي على مواد تتعلق بجواز الزنا ومثليي الجنس وزواج المسلمة من غير المسلم.

****** خطورة تمرير القانون

حالة من السخط سادت بين الحقوقيين ورجال الدين وكذلك المجتمع الفلسطيني بسبب القانون فهو مثير للجدل ومن شأنه أن يحدث انفجارا اجتماعيا، كونه يبيح الشذوذ الجنسي والزنا وزواج المسلمة من غير المسلم.

الحقوقي بهاء غانم، والذي اعتبر أن أخطر ما تضمنه القانون هو الاعتراف بالشذوذ الجنسي وجعله مشرعا ومباحا تحت مسمى المساواة "الجندرية"، والمطالبة بالحرية الجنسية للأطفال والمراهقين من البنات والشباب وجعل منعهم من أهلهم وذويهم عنفا يعاقب عليه الأب والأم.

ولفت غانم إلى أن القانون ينص على السماح لأي شخص سمع بالعنف الأسري تقديم شكوى ضد الزوجين، وهذا اعتداء على القانون، وجعل قوامة الرجل على بيته نوعا من أنواع العنف ليصبح بلا ولاية طبيعية، ولا سلطة تأديبية على بيته.

وبحسب المحامي فإن تلك القوانين تدل وفق رؤيته على حقد الجمعيات النسوية المرتبطة بأجندات خارجية.

من جانبه، حذر النائب بالمجلس التشريعي عبد الرحمن زيدان، حكومة اشتية من تمرير قانون مستنبط بالكامل من اتفاقية سيداو بشكل خفي حتى لا يثور المجتمع ضده.

ونبه زيدان من خطورة تمرير القانون لأنه يهدد كيان الأسرة، ويميع القيم التي تحفظ العلاقات الطبيعية التي فطر الله الناس عليها، وتهدم أسس الأسرة.

وطالب بحماية الأسرة عبر احترام ثقافة المجتمع وتراثه ومحاربة كل العادات الخاطئة المتوارثة التي تنتهك حقوق أفرادها، وألا تلطخ الحكومة سجلها بمثل هذه القوانين، وإجراء حوار مجتمعي عميق حول هذا الموضوع تشارك فيه كل مكونات المجتمع.

ووصف زيدان القانون بالخطيئة ومحاولة خسيسة تهدد السلم الأهلي لأنه من إفرازات اتفاقية سيداو، داعيًا حكومة "اشتية" لعدم تلطيخ سجلها بمثل هذه القوانين.

وأكد أن جهات مختلفة تحاول ضرب المجتمع الفلسطيني من بوابة الأسرة المكون الرئيسي للمجتمع، فتطبيق اتفاقية "سيداو"، وقانون حماية الأسرة سيوجد اختلال توازن كبير في المجتمع.

وأوضح أنّ الشخصيات النسائية والمؤسسات النسوية التي تطالب بتطبيق القانون هي من عاشت بدول الغرب، وتعتقد أن ما يتناسب مع الغرب يتناسب مع المجتمع الفلسطيني.

وشدد النائب زيدان على أنه في حال تم إقرار القانون فإن الجميع مطالب بوقفة جادة، مطالبا الجهات المعنية بضرورة الوقوف في وجه هذا القانون، وتوضيح مخاطره للمواطنين، كونه يعمل على تدمير الأسرة الفلسطينية.

***نتائج مدمرة

وفي ذات السياق ورد بيان وقع عليه عدد من علماء الدين الإسلامي في فلسطين، جاء فيه أن القانون يقضي على أساس العلاقات الأسرية؛ المتمثل في المودة والرحمة والإصلاح، ليقيمها على أساس صراعي خارجي تسلطي.

وأورد العلماء في البيان أنه يوجد مرونة تامة وفضفاضة في صياغة مواد القانون، وفي تعريف التعنيف الأسري والاقتصادي والنفسي، بما يَطال كل أشكال العلاقة وطرق التعامل، ويُخضعها للمحاكمات الخارجية والعلنية.

وشدد العلماء على "أن القانون يشكل انتهاكا للخصوصية الأسرية والعلاقات الخاصة بين الزوج وزوجته، والأب وأبنائه، ونقلها من النطاق الخاص إلى النطاق العام".

وذكروا أن في ذلك، "شَرعنة التدخل في تلك الشؤون بإعطاء الحق لكل أحدٍ في المجتمع بالشكوى لدى الدوائر المختصة والاعتراض على طبيعة العلاقة الأسرية أو الزوجية لغيره، مع ما يستتبعه ذلك من نتائج مدمرة، إضافة إلى تعزيز القِيَمِ الفردية والشخصية المتحررة من كل القيود الدينية والمجتمعية، في مواجهة القيم الأسرية الإسلامية والمجتمعية، والتحلل من كل الالتزامات الأسرية والزوجية والأبويّة، التي قررها الدين أو المجتمع".

وبحسب ما أورد في القانون، فإنه توعّد كل من يحدُّ من هذه الحرية، أو يُعارضها ولو بالكلام، وعدُّ تلك المعارضة جريمةً تستوجبُ الملاحقة والحبسَ والمعاقبةَ والتعنيف والعزل الأسري".

وينادي القانون بإلغاء الفروق الوظيفية بين الجنسين، والمساواة التامة بينهما في ذلك، وعدّ كل من يُخالف ذلك مرتكباً لجريمة التعنيف الأسري، المستوجبة للعقوبة والحبس والعزل.

كما أن فيه مصادمة واضحة وصارخة لأحكام الشريعة، الذي وإن كان قرر أصل المساواة بين الجنسين في الإنسانية وفي معظم التكاليف الدينية، إلا أنه مايز بينهما في بعض الجوانب ممايزةً وظيفية تهدفُ إلى التكامل بينهما في الدور والوظيفة".

وبيّن العلماء: "مطالبة القانون المذكور بإلغاء كل ما يتعارض معه في القوانين الأخرى، بما يشمل قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات، وفي ذلك إلغاء لأحكام شرعية قطعية، ومحادة لله ولرسوله، وتحريم لما أحل الله، وإحلال لما حرّم".

اخبار ذات صلة