في سابقة غير معهودة، رفضت السلطة الفلسطينية استلام شحنة المساعدات الطبية التي أرسلتها دولة الامارات العربية كمساعدة للشعب الفلسطيني في مواجهة جائحة فايروس كورونا، وهو ما أثار حالة من الجدل خلف دوافع السلطة من وراء هذا الرفض.
وخلال الأسابيع الماضية، حطت طائرتان إماراتيتان في مطار "بن غوريون" بمدينة "تل أبيب"، بزعم نقلهما مساعدات للفلسطينيين، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت تلقيها لعدم التنسيق معها مسبقا، وفق زعم قيادتها.
وقالت قناة "كان" العبرية الرسمية، إن إحدى الطائرتين حطت يوم الثلاثاء الماضي، في المطار )الإسرائيلي(، وكانت تحمل لأول مرة الشعار الرسمي لدولة الإمارات.
وكان رئيس وزراء حكومة رام الله محمد اشتية، قال إن دولة الإمارات، لم تُنسق مع حكومته، بشأن أي مساعدات محتملة، تحملها طائرة إماراتية، مضيفا أنه "لا علم لنا بالمساعدات الإماراتية، وقد سمعنا عنها من وسائل الإعلام، ولم ينسق معنا بشأنها".
وأضاف اشتية: "نُرحب بأي مساعدات دولية مقدمة لنا، لكن بعد التنسيق والحديث معنا مباشرة"، في إشارة إلى أن التنسيق يجب أن يكون مع فلسطين وليس مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي منتصف أيار/مايو الماضي، حطت طائرة إماراتية تابعة لشركة "الاتحاد للطيران"، قادمة في رحلة مباشرة وعلنية هي الأولى من نوعها، من أبو ظبي، وذلك بذريعة أنها محملة بمعدات طبية بغية تقديمها للسلطة الفلسطينية، لمساعدتها في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
وفي ظل حالة الرفض، بات السؤال المهم هو حول مصير تلك الشحنة من الأدوية التي وصلت مطار بن غوريون ورفضت السلطة استلامها، لا سيما وأن )إسرائيل( أكدت أنها أرسلت محتويات الطائرة السابقة لقطاع غزة.
وأفادت مصادر إعلامية أن دولة الامارات ستقوم بمنح هذه المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، أو لمؤسسة الإغاثة الإماراتية، لتخليصها من المطار الإسرائيلي، قبل مصادرتها أو بدء فرض غرامات ورسوم على بقائها في المطار.
من جهتها، ذكرت وكالة رويترز أن الأمم المتحدة نسقت شحنة "إمدادات طبية عاجلة" تزن 14 طنا من الإمارات للمساعدة في كبح تفشي فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية.
وسبق ذلك الإعلان بأيام اجتماع اشتية عبر تقنية زووم، يوم 18 مايو الشهر الجاري، مع لجنةَ الأمم المتحدة وتم التنسيق بينهما على استقبال السلطة الفلسطينية ١٦ طنا من المساعدات المختلفة من الهلال الاحمر الاماراتي مخصصة الى القطاع الصحي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ورجحت مصادر مُطلعة أن اشتية لم يطلع الرئيس عباس على اتفاقه مع مسؤولي الامم المتحدة بشأن تلك المساعدات، الأمر الذي اثار غضبه، واوعز لهم بإبلاغ اشتية والمسؤولين المقربين بعدم تسلمها.
استغلال التطبيع
ويقول وزير التنمية الاجتماعية في حكومة اشتية، أحمد المجدلاني، إن "الإمارات تمعن في التطبيع مع )إسرائيل(، في الوقت الذي يدعو العالم لمقاطعة الأخيرة وينتقدها ويهددها باتخاذ عقوبات في حال تنفيذ مخططها بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لسيادتها".
وأضاف المجدلاني في تصريح صحفي لوكالة الأناضول أن: " الإمارات أرسلت الطائرة الأولى قبل أسابيع دون تنسيق معنا، أو مع سفير فلسطين في أبو ظبي، تحت شعار مساعدات وقد رفضنا استقبالها".
وذهب المجدلاني، وهو أحد أبرز القيادات المقربة من رئيس السلطة محمود عباس، للقول إن "الإمارات تستخدم جائحة كورونا كجسر وقنطرة للتطبيع مع الاحتلال، وحكومته تحت شعار المساعدات"، مشددا على أن "من يقدم مساعدات لأي بلد ينسق مع قيادته ومن يمثلهم، وهذا ما لم تقم به الإمارات".
ورحب المجدلاني بأي مساعدات دولية لبلاده، لكنه قال: "أما بهذا الشكل والطريقة لن نقبل بها، ولن نكون مطية لأحد للوصول لأهدافه الخاصة".
لم تصل غزة
ويؤكد مدير عام الصيدلة بوزارة الصحة في قطاع غزة د. منير البرش، أنه لم يصلهم بوزارة الصحة في القطاع أي من المساعدات الإماراتية التي رفضت السلطة استلامها.
ويوضح البرش في حديثه لـ"الرسالة نت" أن منظمة الصحة العالمية تدخلت لاستلام تلك الشحنة بعد رفضها من قبل السلطة "ولكن نحن بغزة لم يتواصل معنا أحد ولم يصلنا منها شيئا"، على حد قوله.
ويبين أنه منذ جائحة فيروس كورونا حرم قطاع غزة من الكثير من المساعدات التي أعاقت السلطة وصولها للقطاع، ومنها منح سعودية وكويتية وإندونيسية ومساعدات من منظمات دولية، بسبب عقاب السلطة للقطاع وحرمنه من الأدوية.
ويشير إلى أنه لم يصلهم من جل تلك المساعدات إلا الفتات، والتي ضغط الدول المرسلة فيه على السلطة من أجل توصيلها لغزة كالمساعدات التركية، مردفا " للأسف الشديد نعامل بعنصرية شديدة من قبل السلطة في هذا الملف، ونحرم من حقنا في المساعدات".