لا تضيّع “إسرائيل” وقتاً ولا تراهن على شيء إلا على ما تقرر وتريد . هي ترى نفسها حرة وطليقة اليدين وخارج سرب المنظومة الدولية وما يعرف بالمجتمع الدولي . هي فوق الجميع والكل طوع بنانها . لذلك هي لا تأبه لكل ما يقال حول ما تفعل، وإن سمعت لوماً أو استنكاراً من هنا أو هناك، فلا تعيره اهتماماً .
هي تجاهر بعدائها للسلام، وتعلن للملأ أن كل ما يقدم من مبادرات، أو يصدر من قرارات لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وتعتبر المفاوضات مجرد “تسلية دبلوماسية” ما دام العالم يصّر عليها ويريدها مساراً للسلام .
هي تقول وتردد نهار مساء، أنتم تريدون السلام هذا شأنكم، وكأنها تقول، إذا استطعتم فلا تقصّروا، ولن تحصلوا بالسلم على ما خسرتمونه بالحرب .
لذلك تمارس “إسرائيل” التحدي كل يوم لإثبات وجهة نظرها، وما إغراق الضفة الغربية بآلاف الوحدات الاستيطانية وتوسيع الاستيطان والتهويد والعمل الدؤوب على نزع الهوية الدينية والتاريخية لمدينة القدس وانتهاج سياسة العدوان المتواصل، والعنصرية المتصاعدة في كل أشكال الممارسة ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع وفلسطين 1948 .
وما إعلان حكومة نتنياهو قبل يومين عن إقرار إقامة 187 ألف وحدة استيطانية في الضفة ومضاعفة ميزانية بناء منشآت يهودية في القدس المحتلة، إلا أحد أشكال التحدي للمضي قدماً في خطط الاستيطان والتهويد، وبالتالي إسقاط شعار “الدولة الفلسطينية” كهدف فلسطيني أو عربي أو دولي، لأنه مع استمرار عملية الاستيطان بهذه الوتيرة السريعة وعدم إضاعة الوقت في البحث عن تسوية أو مفاوضات، لن تبقى مساحة من الأرض يمكن إقامة هذه الدولة عليها .
الأمور واضحة بالنسبة للكيان الصهيوني، لكن المصيبة أن العرب، ومعهم السلطة الفلسطينية لا يريدون التصديق رغم أن التهويد يجري أمامهم على قدم وساق، مثلهم مثل النعامة التي تخفي رأسها في الرمال، اعتقاداً منها أن الصياد لن يراها .
“إسرائيل” تسابق الزمن ونحن فقدنا البوصلة ونسير عكس عقارب الساعة .