بين أبناء الشهداء وأبناء الذوات جملة استهلت بها حديثها عبر صفحتها، ثم أكملت: "نزلت بنت معاليه بوست من لندن شكراً كتير بابا على المرسيدس 2020 بمناسبة التخرج"، ليرد بتعليق ابن سعادته الذي يدرس الطب في أوكرانيا منحة على حساب الدولة: بابا صحيح ما اشترالي سيارة أعطاني سيارته القديمة لاندكروزر ٢٠١٩ لأنه رح يفتحلي عيادة اول ما ارجع هيك ماما حكتلي.
لترد بنت الشهيد مبروك تتهنو يا رب
وعندما سألها الشاب والفتاة شو جابلك ابوكي هدية؟
أجابت: ابوي أهداني وطن وابوكم سرقه
هذا ما كتبته إسراء، وإسراء لمن لا يعرفها هي ابنة الشهيد مروان زلوم، ومروان زلوم لمن لا يعرفه هو قائد كتائب شهداء الأقصى في الخليل وقد التحق بحركة فتح منذ ان كان عمره 18 عاما.
المقاوم العنيد الذي التحق بالثورة الفلسطينية وقاوم في لبنان وخدم في قيادة فصيل المدفعية وكتيبة الجرمق وكتيبة تنظيم 77 التي كان لها يد بارزة في قيادة الثورة. خرج مع قوات الثورة وتنقل بين سوريا ولبنان وتونس ولم يعد مع منظمة التحرير، ولكنه عاد مع اندلاع انتفاضة الأقصى ليشكل كتيبة مقاومة جديدة ويصبح قائد شهداء الأقصى في الخليل.
الشهيد زلوم كان مقاتلا عنيدا وقد تولى تدريب كوادر المقاومة والاشراف على إطلاق النار على البؤر الاستيطانية.
وفي 22 نيسان عام 2002 استهدفت سيارته وسط الخليل مع العقيد سمير التميمي وارتقيا شهيدين على أرض الخليل وهما اللذين طوتهما ذاكرة من يمسكون زمام الأمور في الضفة ولكن التاريخ خلدهما.
أما إسراء فقد طوتها ذاكرة السلطة الفلسطينية التي تحولت الى مؤسسة يمتلكها أصحاب رؤوس الأموال، فيوظفون أبناءهم ويشترون سيارات مرسيدس لأبنائهم الذين يدرسون في جامعات لندنية.
ورغم أن السلطة الفلسطينية قد أوصدت باب التعيينات منذ العام 2007 لكنه بقي مواربًا لتعيين أبناء المسؤولين وقيادات حركة فتح والعمل على ترقية آخرين منهم من تحت الطاولة؛ لتصبح الوظيفة العمومية "طابو" مخصصة لمسؤولي السلطة وابنائهم.
وقد حصلت صحيفة "الرسالة" على معلومات مؤكدة تشير إلى تعيين أبناء قيادات فتحاوية وقيادات أجهزة أمنية سابقين، اضافة لأبناء مسؤولين في فصائل "م. ت. ف" في السلك الحكومي للسلطة، وتحديدا في الجهاز الأمني، وتجري هذه التعيينات بعيداً عن القانون ودون إعلانات أو مسابقات.
أما إسراء التي تقدم تهنئتها بصمت لأبناء القادة، بعضهم كان رفيقا في الغربة، وبعضهم لا يعلم ما معنى أن يموت الشهيد بينما يكمل أبناؤه الكفاح دون مركز في السلطة يليق بتضحيات والدهم.
ولدت ابنة الشهيد في الأردن، وتنقلت مع عائلتها بين لبنان والأردن وتونس، حتى عادت معهم الى الخليل لأن والدها قرر أن يكمل مسيرته النضالية ويؤسس كتائب شهداء الأقصى في الضفة الغربية، ثم يرتقي شهيدا.
لم تكن إسراء طالبة عادية في جامعتها بوليتكنيك فلسطين، بل طالبة متفوقة انهت دراستها وعينت محاضرة في نفس الجامعة، ومثلت فلسطين في كثير من الدول بل استطاعت أن تكمل مسيرة والدها الوطنية وأصبحت عضوا فاعلا في اتحاد الطلبة الفلسطينيين وعضوا في منطقة إقليم حركة فتح في مدينة الخليل.