تمر الذكرى الـ14 على نجاح المقاومة الفلسطينية في أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط خلال عملية "الوهم المبدد" التي استهدفت موقعًا للجيش الإسرائيلي شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وقتل فيها عدد من الضباط والجنود الإسرائيليين.
ونجحت المقاومة بتلك العملية في تمريغ أنف الاحتلال على مدار خمس سنوات متواصلة بعد فشل كل جهوده الاستخبارية والأمنية وخر خاضعا لشروط المقاومة بإطلاق سراح أكثر من 1027 أسير فلسطيني جلهم من الأحكام العالية؛ مقابل الافراج عن الجندي شاليط.
ولم تكن تلك العملية الأخيرة للمقاومة التي قطعت العهد على نفسها بالاستمرار في ذلك الطريق حتى تبييض كافة السجون الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، فتمكن مجددا من أسر عدد من الجنود الإسرائيليين خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014.
وكانت كتائب القسام عرضت صور أربعة جنود إسرائيليين وهم: "شاؤول آرون" و"هادار جولدن" و"أباراهام منغستو" و"هاشم بدوي السيد"، رافضة الكشف عن أية تفاصيل تتعلق بهم دون ثمن.
وتشترط حركة حماس الإفراج عن محرري "صفقة شاليط" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم عام 2014 قبل الدخول في أي مفاوضات لإجراء صفقة تبادل أسرى جديدة.
رسائل مختلفة
وعلى مدار الست سنوات الماضية حاولت المقاومة الفلسطينية تحريك ملف الجنود الإسرائيليين المأسورين لديها في قطاع غزة، بعد سعي الاحتلال في إقناع ذويهم أنهم قتلى، فقبل عامين نشرت كتائب القسام نشرت رسالة إلى عائلات جنود الاحتلال المفقودين حملت عنوان " كيف تتلاعب قيادة العدو بعائلات الجنود الأسرى؟".
واستعرض الفيديو "تلاعب" حكومة الاحتلال مع عائلة الجندي الإسرائيلي من نخبة غولاني نحشون فاكسمان، والذي أسرته كتائب القسام عام 1994، إذ بين أنه قُتِل بأمر من القيادة الإسرائيلية لدى هجومها على منزل كان به مع الآسرين في قرية بير نبالا في القدس.
وفي ختام الفيديو، وضعت صورة تضم والدتي الجنديين الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة في غزة هدار غولدين وشاؤول آرون، وكُتب عليهما: "الحكومات الإسرائيلية تعتم مبدأ التلاعب بعائلات جنودها الأسرى، ولا زالت حتى الآن".
ومؤخرا أعلن رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار عن مبادرة في لقاءٍ متلفز، استعداد "حماس" تقديم "مقابل جزئي" لـ إسرائيل، في ملف جنود الاحتلال الأسرى لدى الحركة مقابل إفراجه عن الأسرى الفلسطينيين كبار السن والمرضى والنساء والأطفال، كمبادرة إنسانية في ظل أزمة فيروس كورونا".
وفي ظل ما سبق، وتزامنا مع الذكرى الرابعة عشر لأسرى الجندي شاليط، فإن السؤال المطروح، هل ترى صفقة وفاء الأحرار 2 النور قريبا على ضوء المعطيات السابقة؟
الأوراق لم تنضج
ويرى الكاتب والمختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، أن عملية الوهم المتبدد من أبرز العمليات العسكرية الفلسطينية التي انتقلت فيها المقاومة للعمل المبادر والهجومي واستطاعت أن الدخول لتحصينات العدو وأسر جنوده والعودة إلى قطاع غزة والتحفظ بالجندي الاسرائيلي شاليط لأكثر من خمسة أعوام ولم تفرج عنه الا بعدما أنجزت صفقة تبادل مشرفة أفرجت بموجبها عما يقارب 1027 أسير.
ويبين أن هذه العملية والاحتفاظ بشاليط والتفاوض مع الاحتلال على مدار خمسة أعوام لم تكن سهلة وحاول الاحتلال بكل جهده الاستخباري والأمني والضغط على قطاع غزة عبر عمليات التصعيد الحصول على معلومات أو إخراج الجندي من غزة ففشل وبالتالي لجأ للتفاوض وتحرير شاليط بعد دفع هذا الثمن الذي اعتبره الإسرائيليين ثمنا باهظا.
ويؤكد أبو زبيدة في حديثه لـ"الرسالة" أن اليوم ليس امام نتنياهو وقادة الاحتلال أي حل للإفراج عن جنودهم في قطاع غزة الا بالاستجابة لشروط المقاومة وهي واضحة وتتمثل بالإفراج عن الأسرى الذين أعيد اعتقالهم بعد الافراج عنهم في صفقة شاليط.
ويشير إلى أن العامل الداخلي في المجتمع الإسرائيلي والتعطل والأزمة السياسية وما افرزته الانتخابات لم تسمح بوجود حكومة قوية داخل المجتمع الإسرائيلي تستطيع تحمل تبعات هذه الصفقة، وهو ما يبرر عدم الوصول لصفقة تبادل حتى اللحظة، مشددا على أنه ليس أمام نتنياهو- غانتس إلا الاستجابة لشروط المقاومة.
وعن مبادرة المقاومة الأخيرة في ظل جائحة كورونا، يعتقد أبو زبيدة أن قادة الاحتلال ليسوا جاهزين للوصول لصفقة، لا سيما وأن الجبهة الداخلية غير ضاغطة عليهم على غرار ما كان يحدث أيام شاليط وبالتالي لم تنضج حتى الآن الأوراق كاملة لإتمام صفقة.
ويرجع المختص في الشأن العسكري ذلك إلى عملية التمويه والخداع التي يمارسها نتنياهو على المجتمع الإسرائيلي بان الجنود قد قتلوا وهم أشلاء.
وعلى ضوء ما سبق فإن قد تذهب المقاومة إلى قلب الطاولة في مرحلة من المراحل على رأس الاحتلال من خلال ما تملكه من معلومات وبعض التفاصيل التي تجعل الاحتلال قد يسرع في عملية التفاوض، بحسب أبو زبيدة.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن رهان قادة الاحتلال على المزيد من الوقت سيكون مصيره الفشل وسيذهب إلى الشروع في مفاوضات لعقد صفقة تبادل أسرى مع المقاومة مرغما، في ظل غياب الخيارات الأخرى.