لم يكن قرار رئيس أركان جيش الاحتلال (الإسرائيلي) أفيف كوخافي بتعيين ضابط برتبة عميد من قوات الاحتياط، ليكون مسؤولاً عن ملف "االتهدئة" بين حماس و(إسرائيل)، وعن المساعدات الإنسانية التي تنقل لقطاع غزة، قرارا عابرا، بقدر ما يعبر عن سياسة استراتيجية لجيش الاحتلال لضمان هدوء غزة.
وبحسب صحيفة هآرتس العبرية، فإن القرار الذي اتخذه كوخافي فيه تجاوز لوزارة الحرب، ولكن القصد منه كان السماح للجيش بالتقدم تجاه "التسوية" وتقديم المساعدة لغزة من خلال إجراءات مواجهة فيروس كورونا، دون التعرض لانتقادات من عوائل الأسرى والقتلى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، حسب زعمها
ووفقًا للصحيفة، فإن الضابط المعين هو العميد آشر بن لولو الذي تولى منصب قائد لواء كفير العسكري، وقد تم تعيينه بطلب من قائد المنطقة الجنوبية هيرتسي هليفي، الذي بدوره يرى أن ضباط لجنة "المنسق الحكومي" لا يعملون بشكل صحيح بشأن ما يتعلق بالتسوية مع حماس ونقل المساعدات الإنسانية، وفي كثير من الحالات لا ينقلون المعلومات ذات الصلة للقيادة الجنوبية، حسب قول الصحيفة.
وتشير المصادر ذاتها، إلى أن بن لولو لم يشارك حتى الآن في أي محادثات مع القطريين أو المصريين بشأن غزة، وذلك جزئيًا لأنه لا يتحدث العربية.
فيما قال مصدر أمني، إنه حضر اجتماعات أخرى والتقى مع نيكولاي ميلادينوف المبعوث الأممي للشرق الأوسط، عدة مرات، ولكن في إطار المحادثات الدورية ولم يكن هناك شيء ملموس.
وتقول مصادر أخرى، إن بن لولو تم تعيينه لمساعدة القيادة الجنوبية والمنسق، على تنفيذ القضايا الإنسانية في غزة المرتبطة بالمياه والصرف الصحي والكهرباء والأدوية والمعدات، وما شابه ذلك، كما أنه يتواصل مع المنظمات الدولية لمساعدة قطاع غزة في مواجهة فيروس كورونا.
وفي التعقيب على ذلك، يقول المختص في الشؤون (الإسرائيلية) سعيد بشارات إن كوخافي يريد ادخال المساعدات إلى غزة دون المرور بالطريق الرسمية المكلفة بذلك، ومن شأن ذلك أن يجنبه الانتقادات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، خصوصا عوائل الأسرى والمفقودين والمعارضة.
وأضاف بشارات في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن ملف إدخال المساعدات إلى غزة، حساس للغاية في (إسرائيل)؛ في ظل استمرار أسر حماس لعدد من الضباط والجنود منذ عدوان عام 2014، وطالما كان ملف تبادل الأسرى بعيد المنال ولن يحل قريباً، فإن كوخافي اتجه للبحث عن بدائل لإبقاء حالة الهدوء مع غزة ودون التعرض للانتقادات.
وأوضح أن الجيش لديه رغبة استراتيجية في تسكين جبهة غزة من خلال ادخال كافة المساعدات للحيلولة دون الدخول في مواجهة عسكرية، وفي نفس الوقت تجنب مواجهة مع المجتمع الإسرائيلي خصوصا عوائل الأسرى والمفقودين، وهذا ما يستدل عليه من القرار الأخير لكوخافي.
وأشار إلى أن لدى جيش الاحتلال أولويات في هذه المرحلة، تتمثل في هدوء غزة، بالتزامن مع الانشغال بملف مواجهة كورونا، والخطر الإيراني، بالإضافة إلى أن ميزانية الجيش ستقر قريبا، ولذلك لن تكون بالحجم الذي يتوقعه قادة الجيش.
وبيّن أن قرار كوخافي قد ينعكس إيجابيا على آلية وكمية المساعدات الواردة لغزة، في ظل أن الحكومة (الإسرائيلية) بات بمقدورها اتخاذ قرارات لصالح غزة نظرا لغياب بينت وليبرمان من الحكومة كما كان الحال سابقا.
وأكد أن ما سبق يأتي في سياق التفاهمات السابقة التي جرى التوصل إليها بين غزة والاحتلال، برعاية مصرية قطرية أممية، إثر مسيرات العودة والتصعيدات العسكرية المتكررة، والتي تأتي في ظل وجود غانتس على كرسي وزارة الحرب وهو الذي يملك طريقة مختلفة في التعامل مع غزة التي اكتوى بنارها خلال ترؤسه أركان الجيش.