قائد الطوفان قائد الطوفان

لماذا يتمسك الاحتلال بـ"وادي الأحلام المنهوب" ؟

لماذا يتمسك الاحتلال بـ"وادي الأحلام المنهوب" ؟
لماذا يتمسك الاحتلال بـ"وادي الأحلام المنهوب" ؟

الرسالة نت - شيماء مرزوق   

 

وادي الاحلام المنهوب.. مفتاح السلة الغذائية والمياه الجوفية الفلسطينية.. وأكبر ثروة زراعية في الأراضي الفلسطينية، أوصاف لم تطلق عبثاً على منطقة غور الأردن التي تشكل ممراً حيوياً بين شرق نهر الأردن وغربه، والمدى الجغرافي العربي الممتد من حوله، إضافة إلى أن الموقع الاستراتيجي لها أمنياً وزراعياً ومائياً يجعلها مفتاح حبس وتجويع وتعطيش الفلسطينيين والأردنيين معاً.

المنطقة التي يطمع بها الاحتلال أكثر من غيرها ويرفض أي حلول سياسية تتضمن التخلي عنها، تشكل 30% من مساحة الضفة الغربية وتقع في المنطقة "ج" التي تخضع للسيطرة الأمنية والإدارية (الإسرائيلية) باستثناء مدينة أريحا، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، رغم وجود قرابة 56 ألف مواطن بما فيها مدينة أريحا، وهو ما نسبته 2% من مجموع السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

قد يستغرب البعض من أسباب التمسك (الإسرائيلي) الكبير بهذه المنطقة ولماذا يرفض الاحتلال التخلي عنها ويصفها بأن منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة جداً، ليس كونها منطقة يطلق عليها سلة غذاء فلسطين فحسب.

لكن من أهم الأسباب كذلك وفق النظرية الأمنية فإنه من أجل تحقيق "حلم سلامة البلاد وإبقاء الدولة يهودية يجب فرض نهر الأردن كحدود شرقية للدولة اليهودية". وأكد نتانياهو في خطاب له أن السيطرة على غور الأردن تمنع تحول الضفة الغربية لقطاع غزة.

ونظرت الحكومات (الإسرائيلية) المتعاقبة إلى السيطرة على غور الأردن باعتباره رصيدا استراتيجيا لـ(إسرائيل)، إذ إنه يشكل حاجزا أمنيا أمام الحدود الشرقية، ويسمح للقوات الإسرائيلية بتطويق السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

مطامع الاحتلال بالسيطرة على منطقة الأغوار ليست حديثة فقد بدأت بعد احتلال الضفة الغربية، حيث تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نظرية السياسي السابق، يغآل آلون، بشأن إبقاء السيطرة على شريط غور الأردن شرقي الضفة الغربية.

وبحسب صحيفة "جيروزليم بوست" الإسرائيلية، فإن فكرة ضم غور الأردن ليست فكرة جديدة، مضيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اليساري، إسحاق رابين، الذي أطلق عملية السلام مع الفلسطينيين في التسعينيات، قال إن "الحدود الأمنية للدفاع عن (دولة إسرائيل) ستكون في وادي الأردن".

وتسيطر (إسرائيل) فعليا على 88% من مساحة الأغوار بعد أن زرعت عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية الصغيرة بين 27 قرية فلسطينية تتعرض لأنماط التهجير منذ احتلاله عام 1967.

وتكمن أهمية الأغوار العظمى في كونها منطقة طبيعية دافئة وخصبة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام، كما تتربع فوق أهم حوض مائي في فلسطين. وتشكل الأغوار ربع مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها نحو 50 ألف فلسطيني بما فيها مدينة أريحا، أي ما نسبته 2% من سكان الضفة الغربية.

وقُسّمت الأغوار حسب اتفاق أوسلو إلى مناطق تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية ومساحتها 85 كلم بنسبة 7.4% من مساحة الأغوار الكلية، ومناطق مشتركة بين السلطة و(إسرائيل) ومساحتها 50 كلم بنسبة 4.3%، ومناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة ومساحتها 1155 كلم، وتشكل الغالبية العظمى من منطقة الأغوار (بنسبة 88.3%).

وبمعنى أخر يمكن القول إن اتفاقية أوسلو منحت سلطات الاحتلال فرصةً تاريخيّةً لتثبيت مشروعها الذي بدأ مع خطة آلون عام 1967، من خلال تحكمه بحركة الفلسطينيّين وتسجيل الأراضي والتخطيط والبناء والطرق والأرض والمياه والسكن، وذلك في مقابل منحه امتيازات مهمة للمستوطنين اليهود في منطقة الأغوار للتوسع الاستيطانيّ واستغلال موارد المنطقة ونهبها.

ولتحقيق السيطرة على الأراضي اعتمدت )إسرائيل( آليةً بيروقراطيّةً "قانونيّة" مُعقّدة لسلب الأراضي، يتمثل عنصرها الرئيس في إعلان وتسجيل الأراضي الشاسعة في الأغوار على أنها "أراضي دولة"، وذلك من خلال ثلاث حُجج أساسيّة وهي؛ مصادرة الأرض لحاجةٍ عسكريّة، أو مصادرة الأرض لتأمين الاحتياجات العامّة، ومصادرة الأرض "المتروكة" من أصحابها الأصليين إبان النكبة، وذلك باستخدام "قانون أملاك الغائبين".

وبدأ استغلال هذه الأراضي لبناء القواعد العسكريّة الإسرائيليّة، أو بناء المستوطنات، في مقابل طرد الفلسطينيّ وإلغاء وجوده ووضع العقبات أمام بقائه فيها. وقد ظهر في حينه نوعان من المستوطنات في منطقة الأغوار، أولاً: المستوطنات العسكريّة؛ وهي عبارة عن مستوطنات تؤدي دوراً عسكريّاً بالأساس للدفاع عن (إسرائيل) من جهة الشرق، وتعمل على تكريس الهيمنة الأمنية، في مسعىً منها لتوفير الأمن والعمق الاستراتيجي للمحتل الإسرائيلي.

ثانياً: ما يُمكن تسميته "المستوطنات السكنية"؛ وهي المستوطنات السكنيّة والزراعيّة التي ظهرت في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، والمخصصة لتوطين المستوطنين اليهود في منطقة الأغوار، وتشجيعهم على الاستثمار الاقتصادي واستغلال موارد المنطقة.

السياسة الاستعمارية أدت للسيطرة على أكثر من 400 ألف دونم من أراضي الأغوار لأغراض عسكريّة، و330 ألف دونم أخرى لأغراض استيطانيّة زراعيّة، وآلاف الدونمات لمشاريع صناعيّة وسياحيّة في المنطقة نفسها، ما يعني استعمال أكثر من 60% من إجمالي مساحة منطقة الأغوار لغرض تثبيت المشروع الاستيطاني.

وقد وصل عدد مستوطنات الأغوار حتى نهاية عام 2015 نحو 38 مستوطنة، يسكن فيها أكثر من 10 آلاف مستوطن.

وتشير البيانات الرسمية الفلسطينية إلى أن الاحتلال هَجَّر ما يزيد عن 50 ألفًا من سكان الأغوار منذ عام 1967، بالإضافة إلى تجمعات سكانية كاملة بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، كأهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية.

وتحتوي منطقة الأغوار الجنوبية على 91 بئرا، والأغوار الوسطى على 68 بئرا، أما الأغوار الشمالية فتحتوي على 10 آبار. وحفرت 60% من هذه الآبار في العهد الأردني، وسيطرت (إسرائيل) على معظمها.

البث المباشر