عن قويات الإرادة، قويات الأكتاف رغم الحمل، عن نوارس البحر الحزين، وصاحبات مريم العذراء، مقدسيات بامتياز، يسرن فوق الوجع على أرض ملؤها حجارة قديمة لبيت من بيوت الله انتهكها المحتل وكان للمرأة المقدسية نصيب من هذا الانتهاك.
في ستة أشهر منذ بداية العام وصل عدد النساء الفلسطينيات المعتقلات لدى المحتل الى 69 امرأة، معظمهن من مدينة القدس، وكأن اعتقال المرأة المقدسية جزءا من الخطة المحبوكة لتهويد المدينة.
هنا وجه امرأة يقف بين القضبان وجدران الزنزانة لا جمال يشبه جمال ابتسامة سيدة فلسطينية عنيدة، عصية على الانكسار وهي ترفع راية النصر من خلف القضبان، نساء قاصرات، جامعيات، أمهات شهداء، أصحاب بيوت مستهدفة من المحتل، اعتقلن لأجل الحفاظ على الهوية.
الرقم المذكور نشره المركز الفلسطيني لدراسات الأسرى حيث قال الناطق الإعلامي للمركز رياض الأشقر: إن الاحتلال يستهدف النساء والفتيات الفلسطينيات بالاعتقالات والاستدعاءات، ولم يستثنِ القاصرات منهن، والطاعنات في السن، والمريضات والجريحات، مذكرا أن عدد الأسيرات المحكومات في سجون الاحتلال قد وصل لـ 41 أسيرة، غالبيتهن في سجن الدامون، إضافة إلى عدد آخر في مراكز التوقيف والعزل.
أمهات يخضع 25 منهن لأحكام مختلفة، ثمانية منهن وصلت أحكامهن لأكثر من عشر سنوات، وأغلبهن تحت الاعتقال الإداري ينتظرن توجيه حكم أو تهمة رسمية لشيء مجهول لم يفعلنه.
فدوى حمادة وجيهان حشيمة أسيرتان معزولتان منذ 41 يوما ورغم إصابة جيهان إصابة بالغة أثناء الاعتقال الا أنهن ما زلن محتجزات ومعزولات ومعتقلات إداريا، كنهج لا يطبق في أي مكان في العالم سوى في (إسرائيل).
وفي ظل غفلة العالم منعت الزيارات للأسرى منذ أكثر من سبعة أشهر بحجة تفشي وباء كورونا.
أما عن الاستدعاءات والابعاد عن الأقصى من نساء بعينهن بتن يشكلن كابوسا مرعبا في عين الجندي الإسرائيلي فحدث ولا حرج، وقد قمنا في سياق اعداد التقرير بمهاتفة الناشطة المقدسية هنادي حلواني للتعليق على كثرة الاعتقالات بين النساء، فوجدناها قيد الاعتقال والاحتجاز للمرة الثالثة منذ بداية العام.
كما نستذكر آية أبو ناب الصبية المقدسية التي تتعرض للاعتقال والسحل أكثر من مرة خلال العام حيث تعرضت ل 13 اعتقالا كان آخرها بتهمة التكبير في باحات الأقصى !
وقد أصدرت مخابرات الاحتلال قبل اعوام قائمة تضم أسماء نحو (20) مرابطة من النساء المقدسيات من مرابطات ورائدات المسجد الأقصى اللواتي يتصدين بشكل يومي لاقتحامات المستوطنين الصهاينة المتكررة للمسجد الأقصى، والتي بدأت منذ ذلك الحين معاناتهن جميعهن من الاعتقال والاحتجاز المتكرر والتحقيق بدون تهمة واضحة.
خالد زبارقة المحامي المطلع على قضايا اعتقال النساء خاصة في القدس يعتقد أن ازدياد حالات الاعتقالات في صفوف النساء خاصة في القدس هو تطبيق لفكرة يظنها الاحتلال مجدية وهي اعتباره أن الاعتقال هو الطريقة المثلى لتغيير ثقافات وأفكار المعتقلين.
فالمحتل يروج من خلال الاعتقال لأفكاره ويعتقد أنه ينجح في ذلك وهذا ما يفسر الاعتقال المتكرر لشخصيات نسوية بعينها أكثر من مرة وبشكل لافت خلال عام واحد، فهو يريد أن يدخل لجيل كامل من خلال بوابة الأم التي خاضت تجربة المعتقل.
ويرى زبارقة أن هذه الطريقة لم تقدم ولم تؤخر وعلى الاحتلال أن يعي ذلك وهو يستعمل أدوات الاعتقال دون سبب ولا مخالفة قام بها المعتقل، وانما أداة قمع وبطش غير مبررة، لافتا الى أن المرأة الفلسطينية ظلت ثابتة طوال سنوات من القمع وبأن المحتل مخطئ إذا اعتقد بأن خطته قد تنجح، كما قال زبارقة.
وفي السياق ذاته، أعلن ملتقى "كلنا مريم" الدولي الذي تشكل العام الماضي كنوع من أنواع الدعم للمرأة المقدسية، أعلن عن تشكيله للجنة قانونية تضم خبراء وخبيرات في القانون وحقوق الانسان حول العالم للتصدي للهجمة الشرسة من الاعتقالات المتزايدة للمرأة الفلسطينية وخاصة المقدسية.
وقالت رئيسة الملتقى هند المطوع إن الهدف الأول من هذه اللجنة هو ملاحقة جرائم جيش الاحتلال واعتداءاته المتكررة بحق النساء المقدسيات.