زيارات عربية وصمت فلسطيني.. هل يجرى الاعداد لصفقة في الخفاء؟

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-شيماء مرزوق

صمت مفاجئ خيم على الموقف الفلسطيني الرسمي والمقصود به السلطة الفلسطينية حيال قضية فرض السيادة على الضفة الغربية والأغوار، خاصة بعد تأجيل الموعد الذي حددته حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ خطة الضم.

الصمت المريب صاحبته عدة معطيات تشير إلى وجود صفقة في الخفاء او محاولات لتمرير صفقة سياسية تعود بموجبها السلطة الفلسطينية للمفاوضات مقابل تجميد الضم أو ربما تنفيذه على مراحل وهو موقف قبلت به السلطة سلفاً، حينما قدم الرئيس محمود عباس خطة سياسية ورؤية جديدة "للسلام" في مقابل صفقة ترامب.

آخر تلك المعطيات الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى رام الله، والتقى خلالها الرئيس عباس واطلعه على أخر المستجدات على صعيد القضية الفلسطينية، إضافة للجهود المبذولة سياسياً ودبلوماسياً لحشد الدعم الدولي للموقف الفلسطيني، الهادف إلى منع قيام (إسرائيل) بتنفيذ خطط الضم.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ "الشرق الأوسط" اللندنية، إن شكري جاء لتأكيد دعم مصر للموقف الفلسطيني لجهة إعادة إحياء العملية السياسية، وضد ضم أي شبر من الأراضي الفلسطينية، ولقطع الطريق على أي مشكك بالموقف المصري.

المصادر تحدثت بوضوح أن إعادة إحياء العملية السياسية برعاية الرباعية الدولية، ووفق مرجعية مبادرة السلام العربية، كانت على طاولة المباحثات بين الرئيس والوزير المصري.

وكان عباس قد أبلغ شكري الاستعداد للعودة للمفاوضات، وفق الشرعية الدولية، "وطلب من مصر استخدام كل نفوذها الممكن من أجل ردع (إسرائيل) عن عملية الضم، والمساعدة في إطلاق عملية مفاوضات جديدة".

ويتضح من موقف السلطة أنها أمام حالة تراجع كبير فبعد أن كانت تطالب المفاوضات مقابل تجميد الاستيطان تجاوزت الان هذه المرحلة وبدأت تتعامل مع الامر الواقع الذي يفرضه الاحتلال وتقبل به من خلال الحديث عن وقف الضم مقابل المفاوضات.

ان العودة للمفاوضات بحد ذاتها ليس منحة او هدفا وإنما قد يكون فخا جديدا للفلسطينيين في حال قبل الاحتلال به من خلال التأجيل والمماطلة في القضية الفلسطينية إلى حين انتهاء الاحتلال من تنفيذ مخططاته بالكامل كما جرى منذ توقيع اتفاق أوسلو.

الخطير ليس فقط ما تم عرضه من مقترحات على السلطة تقايض بين وقف تنفيذ الضم، مقابل الموافقة على الذهاب إلى مفاوضات بدون مرجعية واضحة أو إطار سياسي، ولكن الأهم أن السلطة ذاتها قدمت مقترحا يتبنى المفاوضات ويقبل العودة اليها مقابل تجميد الضم وهو موقف يحمل الكثير من التراجع والضعف في الموقف الفلسطيني.

من ناحية أخرى فإن الحديث عن خطة الضم صاحبه الكثير من المقترحات المماثلة سواء من جهات أممية ودولية أو حتى عربية، والأخطر ان المقترحات تتحدث عن مفاوضات دون مرجعيات فهي تدعو إلى تجاوز المرجعية القانونية التي أقرتها الأمم المتحدة وتعطي الأولوية لميزان القوى، وعلى أساس ما تدعيه (إسرائيل) من أن هذه الأرض متنازع عليها.

إن موافقة السلطة على أي مقترح يدعو للعودة للمفاوضات بغض النظر عن تفاصيله بالتزامن مع الصمت المطبق حيال قضية الضم من السلطة تفتح الباب أمام تخوفات وتكهنات بوجود صفقة سياسية في الخفاء، يجري عقدها برعاية أطراف عربية تتمتع بعلاقات قوية مع الجانبين الأمريكي والإسرائيلي.

إن الوضع العربي والإقليمي الحالي يعتبر أحد أهم محفزات الاحتلال الإسرائيلي لتمرير مخطط الضم، حيث يرى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو أنه أمام فرصة تاريخية ربما لن تتكرر لتحقيق أهدافه وتنفيذ المخططات الإسرائيلية دون أن يخشى رد فعل عربي واقليمي قوي، وفي ظل مسيرة التطبيع التي انطلقت ولا يبدو أن مخطط الضم سيؤثر عليها.

وقد صاحبت خطة الضم الإسرائيلية التي تسعى للسيطرة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، حالة صمت عربي ملحوظ يساهم في تمرير الخطة، وسط موجة تطبيع كبيرة من بعض الدول وانشغال البعض الآخر بقضاياه الداخلية.

والأخطر أن جامعة الدول العربية التي اجتمع وزراء خارجيتها في 30 أبريل المنصرم لبحث خطة الضم، ما زالت تتمسك بمبادرة السلام العربية التي ولدت ميتة منذ 18 عاماً.

فقد دعت في بيانها الختامي إلى عقد اجتماع عاجل لإنقاذ فرص السلام وحلّ الدولتين، واتخاذ موقف دولي منسجم مع القرارات الدولية ومرجعيات عملية السلام، بما فيها خريطة الطريق ومبادرة السلام العربية.

ففي الوقت الذي يتقدم فيه الاحتلال خطوات للأمام على صعيد تصفية القضية وإنهاء أي أفق او إمكانية لقيام دولة فلسطينية ما زال العرب يتحدثون عن خطط سياسية بالية لم يقبل بها الاحتلال في حينه فكيف يمكن التعامل معها او تكون مرجعية لأي صفقة سياسية في الوقت الراهن؟

البث المباشر