لطالما استغل الاحتلال الأوقات التي ينشغل فيها الفلسطينيون خاصة والعالم بشكل عام بمناسباته السنوية ليزيد من عنجهيته تجاه المقدسيين والأماكن المقدسة، فكانت أيام العيد الأربعة فرصة ليثبت ذلك في أكثر من مشهد.
في يوم عرفة اقتحم أكثر من 900 مستوطن على دفعات المسجد الأقصى بينما فتش الجنود كل من يدخل لحماية المستوطنين.
ويسعى الاحتلال دوما الى تقييد حرية عبادة المسلمين في بيوتهم المقدسة ولقد كان لافتا ذلك العدد الهائل للمستوطنين والذي تزامن مع اعداد المسلمين الهائل أيضا بمناسبة يوم عرفة.
ولأن الاقتحام الصهيوني يجب أن يحضر له بإتقان فقد بدأت قوات الاحتلال بحملة اعتقالات ما قبل يوم عرفة ومنعت الكثير من النشطاء وسدنة الأقصى وحراسه من الدخول، كما أبعدت الناشطة هنادي حلواني كالعادة بعد اقتحام منزلها والعبث بمحتوياته.
واقتحم جنود الاحتلالشارع الواد في مدينة القدس، واعتقلوا الشاب عبد الرحمن البشيتي، بعد دهم وتفتيش منزله، والشاب المقدسي محمود سليم نجيب، ومصطفى الترهوني من سكان شارع الواد، الذي استدعي للتحقيق في مركز المخابرات ما قبل يوم عرفة أيضا، وأفرجت عن الشاب بسام عليان بشرط الابعاد عن القدس لخمسة أيام، وقد بلغ عدد المعتقلين 28 معتقلا مقدسيا من النشطاء الشباب خلال يوم عرفة وحده.
وباتت سياسة الاعتقال الممنهجة التي تنفذها سلطات الاحتلال بشكل لافت في القدس سياسة معروفة الهدف وهو ابعاد كل متضامن عن الأقصى بل واخفاء الشهود من الساحات والباحات حتى لا تنقل الصورة بحذافيرها للعالم العربي المنشغل بإعداد موائد العيد.
واستغل المستوطنون هذه الحملة على المصلين في يوم عرفة وانبطحت أجسادهم في ساحات الأقصى يؤدون ما يسمونه طقوسا تلمودية بمناسبة عبرية ما ويرفعون علم (إسرائيل) على أشجار السنديان في الباحات الطاهرة.
ورغم كل الاحتياطات التي أخذت بسبب وباء كورونا الا أن الأقصى قد استقبل عددا كبيرا من المصلين الأمر الذي جعل الخطة الاحتفالية للمستوطنين بمناسبة ما يسمونه خراب الهيكل تتراجع، مع وصول عدد المصلين في يوم عرفة الى أكثر من خمس وعشرين ألف مصل.
وبينما كان هنا جندي يعتقل كان هناك جندي يشرف على عملية هدم البيوت المقدسية حيث أفاد مركز "معلومات وادي حلوة" عبر صفحته على "فيسبوك" أن بلدية الاحتلال الإسرائيلي أجبرت عائلات فلسطينية من "القاق" و"أبو صبيح" على هدم ثلاثة منازل في بلدة "سلوان"، بدعوى عدم وجود ترخيص.
وهدمت البيوت بيد أصحابها مضطرين مجبرين كالعادة، لأنهم لو لم يفعلوا فسيعاقبهم القانون (الإسرائيلي) على ذلك ويكلفهم أضعافا مضاعفة تدفع من أجل آليات المحتل التي ستتكفل بالجريمة.
ولأنها سياسة تطهير عرقي ممنهجة تواجهها المدينة المقدسة وحدها فقد أخطر الاحتلال ثلاثين بيتا مقدسيا بالهدم خلال الأسبوع الماضي فقط كما أصدرت أوامر بإخلاء 22منزلا في حي باب السلسلة، والتي يدعي الاحتلال بأنها متصدعة وقابلة للانهيار.
في المقابل تقول الرواية الحقيقية بأن هذه البيوت تصدعت بفعل الحفريات الاستيطانية أسفلها، وسيؤدي هذا الهدم لهذه السلسلة من البيوت القديمة لعائلات كبيرة ممتدة الى تشريد أكثر من 200 شخص سيصبحون فجأة بلا مأوى.
سياسة الاعتقال في القدس وهدم المنازل، وتكميم الأفواه، ومواربة الصورة حتى لا تظهر الحقيقة أمام العالم، وادعاء العالم بالانشغال ما أمكن أن ينشغل، كل ذلك قد يكون ضوءا أخضر وعملا من عوامل نجاح العنصرية (الإسرائيلية) إلا أنه في القدس أهل وجنود قادرون على المواجهة وحدهم في كلعيد.