حملت الأسابيع الأخيرة تصعيدا متدحرجاعلى الحدود الشمالية بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، خاصة بعد عدة أحداث ومناوشات على الحدود تصاعدت معها الخشية أن تتدحرج نحو تصعيد خطير بين الطرفين.
وقد توجس الاحتلال من إمكانية ان تنفجر الأوضاع الأمنية على الجبهة الشمالية ما دفعه لمراجعة أوضاع الجبهة الداخلية لديه، حيث كشف تقرير لمراقب الكيان عن عيوب خطيرة في القدرة على حماية الجبهة الداخلية والمواقع الحساسة من الصواريخ وغيرها من التهديدات الجوية.
وبحسب التقرير لا تتوفر ملاجئ صالحة قرب المنازل لـ 2,6 مليون مستوطن بينهم أكثر من 200,000 في منطقة الحدود الشمالية، كما أن 2,494 من أصل 12,601 من الملاجئ العامة غير مؤهلة.
كما يذكر التقرير أن 231,650 مستوطنا يعيشون على مسافة 40 كيلومترًا من حدود قطاع غزة لا يتمتعون بحماية جيدة، بالإضافة إلى 50,000 يعيشون على مسافة 9 كيلومترات من الحدود الشمالية - كما لم يتم استكمال خطط الإخلاء لحوالي 50,000 مستوطن في سديروت جنوبا وكريات شمونة شمالا، ولا يوجد مكان يلجأ إليه سكان 17 منطقة بالقرب من السياج في حال الحاجة لإخلائهم.
وقد كان الاحتلال يتحدث عن سيناريوهات للتصعيد في الشمال غير ان الانفجار الضخم الذي جرى في مرفأ بيروت ودمر أجزاء واسعة من المدينة، غيّر مجرى الأحداث وبات الجيش الإسرائيلي يتابع باهتمام التقارير الصادرة في بيروت، لكنه لا يخفض مستوى الاستنفار عند الحدود" تحسبا من هجوم انتقامي ينفذه حزب الله بعد مقتل أحد عناصره في دمشق، قبل أسبوعين.
ووصف المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، الانفجار بأنه "حدث يقلب الواقع" وأن "اتضاح تبعاته الكاملة ما زال بعيدا".
وفيما اعترفت (إسرائيل) في حالات كثيرة بمسؤوليتها عن تفجيرات في إيران وسوريا والعراق وتكتمت عن مسؤوليتها عن انفجارات أخرى، سارع مسؤولون (إسرائيليون) أمس إلى الإعلان أن لا علاقة لهم بانفجار مرفأ بيروت.
ويرى المحللون أن الحدث سيقلب الموازين في لبنان بما فيها حسابات حزب الله الذي كانت تتحدث تقارير انه بصدد تنفيذ هجوم على الحدود رداً على مقتل أحد عناصره، لكن حساباته الان تتغير بالكامل فقد جاء الانفجار المهول في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من أزمات شديدة اقتصادياً وصحياً وسياسياً.
كما ان الكارثة التي لا يعرف بعد تبعاتها وتأثيراتها على الأوضاع المنهارة في لبنان ستشكل كابحا لحزب الله من تنفيذ أي عمليات خشية انجرار البلد لتصعيد او حرب لا أحد يرغب بها بمن فيهم الحزب نفسه.
وحول سيناريوهات التصعيد على الحدود الشمالية بعد حدث مرفأ بيروت توقع المحلل الإسرائيلي في القناة 12 العبرية، نير دفوريسيناريوهين محتملين على المحك، بعيد حادث الانفجار الضخم الذي هز مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت.
وقال المحلل في هذه المرحلة، هناك سيناريوهان، ومن الصعب تقدير أيهما سيتحقق، الأول هو أن الكارثة الضخمة التي ألحقت خسائر فادحة بالدولة اللبنانية لن تسمح "لحزب الله" بتنفيذ تهديداته للانتقام من (إسرائيل) والمخاطرة بمواجهة عسكرية.
أما السيناريو الثاني -وفق دفوري- هو أن مثل هذا الحدث المأساوي قد يزيد بشكل كبير من عدم الاستقرار في لبنان، ويمكن أن ينعكس عدم الاستقرار هذا على (إسرائيل) - بدءًا من "حزب الله" الذي سيحاول صرف الانتباه عن الكارثة وتحويل الموجة نحو (إسرائيل)، أوالمواطنين اللبنانيين الذين سيصلون إلى الحدود مع (إسرائيل) ويطلبون المساعدة.
الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة تساءل في مقال له هل كان الصهاينة يعلمون أن الأمر يتعلق فقط بنترات الأمونيوم، أم أن لديهم معلومات استخبارية خاطئة حول وجود صواريخ دقيقة في المكان؟
وقال:"الحق أن دقة معلوماتهم بشأن حقيقة ما هو موجود في المخازن، لا يغير موقفنا من ترجيح مسؤوليتهم عن التفجير، لا سيما أن الأمر لا يتطلب أكثر من تسريب قنبلة موقوتة عبر عميل ما إلى المخزن المذكور".
واعتبر أن الهدف الأساس لدولة الاحتلال من تفجير الميناء لا يتوقف عند فرض امتلاك حزب الله لهذه المواد وما يمثله من خطر محدق على الكيان الصهيوني، بل لأن هناك عاملا آخر بالغ الأهمية، يتمثل في توريط حزب الله في معركة داخلية ستضطره إلى إعادة حساباته برمتها في لبنان، وربما في سوريا، ومعه إيران أيضا.
من يتابع الشأن السياسي الصهيوني من مداولات وتصريحات وتقديرات وأحاديث إعلامية، يدرك أنه ما من شيء يقلق الكيان في المرحلة الأخيرة أكثر من الصواريخ الدقيقة التي تمتلكها إيران وتزود بها حزب الله، لأنها ببساطة تكسر ميزان القوى مع الكيان أكثر من النووي الذي يملك الكيان منه ما يكفي لتدمير قارة.