صفر خيارات للسلطة وسببان لتراجعها تجاه الاحتلال  

صفر خيارات للسلطة وسببان لتراجعها تجاه الاحتلال  
صفر خيارات للسلطة وسببان لتراجعها تجاه الاحتلال  

 الرسالة نت - شيماء مرزوق 

سلسلة التنازلات والعروض السياسية التي تحاول السلطة الفلسطينية تقديمها للاحتلال الإسرائيلي مقابل وقف خطته لفرض السيطرة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن، تعكس عمق الأزمة لدى السلطة والخيارات الصفرية التي تعمل وفقها.

وبعد عدة عروض قدمتها السلطة لجهات دولية وعربية تذكر فيها ما سمته رؤيتها السياسية للمرحلة المقبلة والتي تتضمن التمسك بالمبادرة العربية التي عفا عليها الزمن والعودة للمفاوضات مقابل تجميد مخطط الضم، بدأت السلطة تعود لنهجها الأساس الذي تراه الأنجع والمتمثل في التعامل المباشر مع الاحتلال.

صحيفة هآرتس كشفت أن محادثات مغلقة جرت مؤخرًا في أوساط القيادة الفلسطينية، وبحثت إمكانية عودة التنسيق الأمني بشرط أن يعلن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بشكل علني وقف خطة الضم.

وقال الصحيفة إنّ "هناك تقديرات لدى كبار المسؤولين الفلسطينيين، بأن فرص تنفيذ خطة الضم من الحكومة (الإسرائيلية)، ستقل مع مرور الوقت، وخاصةً بعد شهر سبتمبر المقبل. فيما ترى مصادر (إسرائيلية)، أن تنفيذ مخطط الضم سيحدث وفقًا للتطورات السياسية لكل من نتنياهو، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصةً مع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

ما كشفته الصحيفة العبرية ليس مفاجئا في ظل النهج السياسي المتعارف عليه لدى السلطة، والذي بناء عليه قدر المراقبون أن عودة التنسيق الأمني الذي لم يتوقف بالكامل مسألة وقت.

السلطة الفلسطينية كانت ومازالت ترى أن الوضع القائم في الضفة قبل الحديث عن مخطط الضم هو المثالي وكل سياساتها ونهجها تتركز في المحافظة عليه كما هو دون تغيير، وبناء عليه بدأت تجتهد في تقديم التنازلات لإقناع الاحتلال المحافظة من جانبه على هذا الوضع.

وليس سراً أن السلطة منزعجة أكثر من الاحتلال ذاته بوقف التنسيق الأمني وهناك ضغوط داخلية كبيرة من جنرالاتها لعودة العلاقات الأمنية لسابق عهدها.

وهنا يجب الإشارة إلى صحة التقديرات (الإسرائيلية) الاستراتيجية والتي تملك خبرة واسعة في التعامل مع قادة المقاطعة، حيث رأت أنه من المبكر الحكم على موقف السلطة الفلسطينية بشأن وقف التنسيق الأمني، وأنه وفقا للتجارب السابقة فإن تراجع السلطة عن مواقفها مسألة وقت فقط.

وتقوم تقديرات الاحتلال على أن موقف السلطة مرتبط بموقف حكومة الاحتلال وأن أي مرونة من الأخيرة سيقابله تراجع كبير من السلطة الفلسطينية، التي ترى أن فرض حكومة الاحتلال كل الوقائع والمعطيات على الأرض ومن طرف واحد دون أي مفاوضات أو مشاورات يضعها في موقف صعب على الصعيد السياسي والرسمي والشعبي.

وقد حاولت السلطة إبداء مرونة حتى في مسألة ضم الأراضي منذ سنوات حيث قبلت بمبدأ تبادل الأراضي في بعض المناطق النائية مقابل احتفاظ الاحتلال بالتجمعات الاستيطانية الكبرى وهو في مضمونة قبول بفكرة الضم.

ما سبق يعنى أن السلطة لا تعترض على فكرة ضم الأراضي التي تخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية بالكامل والمصنفة "ج" وفق اتفاقية أوسلو، وإنما مشكلتها الحقيقية هي الخطوات الأحادية (الإسرائيلية) التي ترى فيها تجاهلا لدورها ووجودها السياسي.

ومن ناحية أخرى هناك سببان رئيسيان يدفعان السلطة للتراجع عن قطع العلاقات مع (إسرائيل):

الأول: أن خيارات السلطة صفرية وأن زعيم المقاطعة يدرك أن بقاء السلطة ومصيرها مرهون بالرضى (الإسرائيلي)، حيث أن الجانب الإسرائيلي يتفهم إلى حد كبير موقف السلطة وأن قرار وقف العلاقات بما فيها الأمنية لا يعد تغييرا استراتيجيا تقدم عليه وانما خطوة أجبرت عليها السلطة لرفع الحرج عن نفسها أمام شعبها.

الثاني: أن وجود وبقاء السلطة وقبضتها الأمنية في الضفة الغربية مرتبط بقوة التنسيق مع الاحتلال، وانفكاكها عنه يضعفها في المناطق، حيث يوجد مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية وخاصة قادة الأجهزة الأمنية لديها توجهات مختلفة تدعم المحافظة على التنسيق الأمني مع الاحتلال.

ووفق المعطيات السابقة فقد تشهد الفترة المقبلة المزيد من العروض كي تخرج السلطة من مأزقها وقد كشف نائب رئيس حركة فتح محمود العالول أن أطرافا، لم يسمها، تتواصل مع القيادة الفلسطينية و(إسرائيل) والإدارة الأمريكية لإعادة عملية السلام المتوقفة بين الجانبين منذ عام 2014.

وقال العالول للصحفيين في رام الله إن "هناك الكثير من الساعين الذين يتواصلون معنا ومع الجانبين الأمريكي والإسرائيلي من أجل إيجاد حلول"، مؤكداً استعداد الجانب الفلسطيني "للجلوس مع أي كان".

البث المباشر