كاتب ومحلل اقتصادي
يعاني قطاع غزة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً حصاراً خانقاً طال كل قطاعات الحياة الخدماتية والإنتاجية، ويعد أكثر القطاعات تأثراً وتأثيراً قطاع الكهرباء كونه تعرض لاجراءات الاحتلال، ويتصل مباشرة بحياة الناس.
هذا القطاع بات لا يستغني عن خدماته أي بيت، لذا كثرت المحاولات لإيجاد حلول بديلة تساعد في التخفيف من آثار تضرر هذا القطاع وما يترتب عليه من قلة في عدد ساعات الوصل للتيار الكهربائي التي باتت في بعض الأحيان لا تزيد في اليوم الواحد عن 6 ساعات.
ومن رحم المعاناة خرجت فكرة المولدات البديلة أو ما يعرف باسم "مولدات الشوارع"؛ صحيح أن هذه الفكرة عملت على التخفيف من حدة انقطاع التيار الكهربائي إلا أن تكلفة وصلها للمواطن مرتفعة جداً مما أرهق جيبه المرهق أصلاً جراء نسب الرواتب المتدنية التي يتلقاها والخصومات التي يتعرض لها سواء كان يتقاضى راتبه من غزة أو من السلطة في رام الله.
هذه التكلفة المرتفعة التي تصل إلى 4 شواكل للكيلو الواحد بحد أدنى للدفع 50 شيكل شهرياً حتى لو لم يستهلك المواطن بهذا المبلغ كهرباء، إضافة إلى أن التمديدات من أسلاك وساعة قراءة يتحملها المواطن في حين أن تكلفة الكيلو الواحد من شركة الكهرباء 5. شيكل فقط، دفعنا لعمل دراسة مالية حول كم يكلف الكيلو صاحب المولد؛ فوجدناه لا يتعدى 2.4 ش، حسب الحسبة الدقيقة التالية:
√ سعر الوقود 5 شواكل.
√ لتر الوقود يولد 3.5 كيلو.
√ تكلفة الكيلو 1.7 ش.
√ فاقد في الاسلاك 20% لتصبح تكلفة الكيلو بعد الفاقد 2.15 ش.
√ تكلفة صيانة ورأس مال .25 على الكيلو.
√ لتصبح التكلفة النهائية 2.4 شيكل للكيلو الواحد.
وبناءً على الحسبة أعلاه لو فرضنا هامش ربح 10% على كل كيلو لأصبح ثمن بيع الكيلو الواحد 2.7 ش وهذا هامش ربح مجدٍ جداً.
المتأمل في سعر البيع 4 شيكل وسعر التكلفة 2 شيكل يجد أن التجَّار يَتغوَّلون على المواطن حيث تصل أرباحهم إلى 100% في ظل وضع اقتصادي متردٍ يعيشه المواطن المغلوب على أمره والذي ليس له حيلة إلا أن يقبل مضطراً.
تجاوزات التجار واستغلالهم لا تقف عند هذا الحد، بل تصل لسرقة كهرباء الشركة والبالغ ثمنها نصف شيكل وإعادة بيعها للمواطنين بسعر 4 شواكل بادعاء أنها من المولد مستغلين اختلاف فترات القطع والوصل عن المناطق.
هذه المعاناة التي يعيشها المواطن تدفعنا للسؤال أين دور الجهات الحكومية؟ أليس من واجبها حماية المستهلك؟ فضلا عن انها ابتداءً ملزمة بتوفير الخدمة له!
ومن المستفيد من السكوت عن هكذا حال؟
أليس من الواجب على الحكومة التي صبر معها الشعب أن تحميه من جشع التجار وتعمل على التقليل قدر المستطاع من الأعباء التي ترهقه؟
ومن هنا ندعو الجهات المسؤولة إلى ضرورة تنظيم هذا الملف والرقابة عليه ووضع حد لتغوَّل التجار، لا أن تكون، بتغافلها واستهتارها، شريكة في حصار المواطن المغلوب على أمره.