في موسم التين "فش عجين"

ارشيفية
ارشيفية

غزة-الرسالة نت

منذ مطلع "آب اللهاب" تنتشر بسطات التين بأنواعه في الأسواق. فهذا يدلل على ثماره وينادي "عسل يا تين، قطر الندى يا تين"، وذاك ينادي "تين مشطب ع الندى، ما حدا يطعم حدا"، ويتهاتف الناس على الشراء إما على التين العسالي أو الموازي. وتتوفر أنواع أخرى منها "العناقي، والخضاري، البياظي، الخروبي، الخرطماني".

ويطلق على موسم التين في فلسطين "القيظ" لشدة حره ومعناه عند بعضهم التموين، إذ يستكفي بعض الفلاحين بالإفطار صباحا على ثمار التين، ومن هنا جاء المثل "في موسم التين فش عجين".

وبحسب التراث الفلسطيني يطلق على ثمار التين عند التكوين بـ "طقش"، وحين تكبر قليلا تسمي "فج"، وعند اقتراب نضجها "دفور"، وفي منتصف شهر "آب/ أغسطس" يبدأ الثمر بالنضوج، فيقال: "بشَّر التين" أو "نمر" أي بمعنى انه أثمر ثماره الأولى.

وبحسب الفلاحين فإن الندى يعجل في إنضاج ثمرة التين، فيقال حين ينضج بكثرة "هجم التين"، كما توجد معتقدات بأن أكل التين يطيل العمر، فيقولون:" أكلت من أول الثمار ريتني من طويلين الأعمار".

يقول حمزة ديرية وهو باحث في التراث الفلسطيني:" يبدأ موسم القيظ بموجة حر تسمى "الصيف الأحمر" لشدة حرّها، وهذه الموجة الحارة لابد منها لإنضاج الثمار "العَجِر" وتحديدا العنب والتين".

ويخبر ديرية "الرسالة" أن موسم القيظ يكون نهاية السنة في التقويم الفلاحي، ويستمر لحين سقوط أول قطرات المطر في شهر أيلول/سبتمبر، وهي ما تعرف بـ"شتوة المساطيح" التي يبدأ معها العام الفلاحي الجديد في فلسطين.

وبحسب ما ورد في التراث الفلسطيني فإنه بعد "شتوة المساطيح" تبدأ دورة الحياة بالعودة للقرى، ومع الناس القطين والزبيب، "وإللي معه قطين بوكل باديه الثنتين"، أو "إن وجد القطين من الجوع آمنين".

ويحكي ديرية أن موسم "القيظ" من أجمل المواسم الفلسطينية، ويعتبر "شمّة هوا" للفلاحين، مقارنة بغيره من المواسم الزراعية، وفيه تبدأ النسوة بالخطبة لأولادهن وترتيب الزواج والفرح بهم، وكذلك هو موسم خزين للشتاء، إذ يتم جمع التين والعنب وتذبيله على المُسطاح لعمل القطين والزبيب، وهما من مونة فصل الشتاء.

ويشير إلى أن موسم التين فسحة للأطفال ليمارسوا هواياتهم المفضلة في صيد العصافير بواسطة الفخ أو النقافة، وكذلك اللعب الجماعي، إذ يتيح لهم وقتهم أثناء نُطرة التين والثمار بأن يلعبوها.

وللكثير من الأعشاب وصفات شعبية لعلاج الأمراض، فقد جاء في الموروث الفلسطيني بأن التين يعالج الدمامل ولسعات الدبابير والنحل بوضع حبة قطين عليها، كما يعالج الثالول بغصن من شجرة تين سوادي ويدفن في مزبلة، ويسأل الطبيب أو المعالج الشعبي المصاب وهو يلمس الثالول: ما هذا؟ فيجيب المصاب: ثالول، فيستأذن الطبيب من المصاب قطعه وعند كل ثالول يحز الغصن حزة..

وفي نهاية موسم القيظ، يصفر ورق التين ويتساقط فيتهيأ جمع كل ما تبقى على الشجر من ثمر أو "ذبيل" أو قطين، وهي مناسبة حزينة فيندبونه قائلين "التين فرقع يا ورشة يا ويل اللي كبر كرشه", ويتمنون لو طال الموسم، فيقولون: "يا ريت التين 11 شهر وشهر قراقرة".

البث المباشر