الاستيطان يوطن الأسى والمرض بقلوب الفلسطينيين

الضفة- خاص "الرسالة نت"

 

تجلس الحاجة العائشة، في العقد السابع من عمرها، ضاربةً كف بكف ترثي أرضها التي صودرت، أخيراً، بقوة سلاح جيش الاحتلال الإسرائيلي، لصالح الاستيطان.

 

ولا تجد العجوز الفلسطينية التي تقطن مدينة سلفيت، شمال غرب الضفة الغربية المحتلة، من يواسي جرح أرض لن يندمل.. جٌرح تقول إنه فتح منذ عشرات السنين ولن يلتئم إلا بخروج إسرائيل من فلسطين. 

 

فبعد أن كانت الحاجة أم يوسف تشد رحالها إلى أرضها مع بزوغ كل شمس، أضحت اليوم ممنوعة من دخول أرضها وإصلاحها وزراعتها وجني محاصيلها إلا بتصريح من الاحتلال، ولسان حالها يقول:" حرام بلابله الدوح، حلال للطير من جنس".

 

وتقول بأسى: " لقد جرفوا 32 دونما من أرضي، وحجزوا 15 دونما أخرى بالأسلاك، ويمنع الدخول إليها إلا بالتصاريح، لقد عانيت كثيرا حتى رأيت أرضي تنتج المحاصيل، وفرحت عندما ذُقت لأول مرة زيت أرضي".

 

وتضيف:" رحل عني زوجي وأنا في بداية الأربعينيات من عمري، فكنت مضطرة لأن أعمل ليل نهار حتى أوفر لأولادي قوت يومهم وما سينفعهم في مستقبلهم، فأنا أنجبت 12 ابنا لم أهتم بهم كما فعلت بالأرض فهي الفتاة الوحيدة المدللة لدي".

 

ومضت تقول وقد تزاحمت الدمع في عينيها:" أصبحت أعمل عند الغير بعد أن كان الناس يعملون في أرضي، لأن أرضي المتبقية لا تنتج سوى 6 تنكات من زيت الزيتون، من أصل 40 وهذا ما دفعني أنا وأولادي للعمل للحصول على الزيت".

 

ودأبت الدولة العبرية على مصادرة الأراضي الزراعية لصالح توسيع المستوطنات، وبغرض شق طرقات أو توفير الأمن للمستوطنين.

 

ووفقاً لإحصائيات إسرائيلية بلغ حجم الاستيطان في الضفة الغربية بلغ نهاية العام الماضي 275 ألفا و200 مستوطن و184 ألفا و300 مستوطن في القدس المحتلة ومحيطها، وتشير الإحصاءات إلى وجود 102 نقطة استيطانية عشوائية "غير قانونية".

 

همّ واحد

 

ويمكن القول أن همّ الأرض وأشجار الزيتون هو واحد بين سكان قرى ومدن الضفة الغربية، فالحاج أبو راضي أصيب بجلطة قلبية بين أشجار الزيتون التي افترستها الآليات العسكرية الإسرائيلية، مرض أقعده الفراش.

 

يقول أبو راضي الذي ينظر من نافذة منزله إلى أرضه قرب بلدة الزاوية لـ"الرسالة.نت":" لم استطع منع الجرافات الإسرائيلية من تجريف مئات أشجار الزيتون التي يزيد عمرها على عشرات السنين، فسقطت بينها".

 

وزاد الحاج أبو راضي الذي شلّت حركته حزنا على أرضه قائلاً:" خمسين دونما أصبحت كالرماد عندما هجم الاحتلال على أرضي لبناء جدارهم ولحماية أنفسهم، فبدأت أحضن أشجاري وأتخيلها كابن من أبنائي يريدون خطفه مني، حينها أحسست بقلبي يتقطع وأن شيئا يضرب رأسي بقوة فأصابتني جلطة بين ركام الأشجار أقعدتني مشلولا على هذا الكرسي الذي يلازمني منذ أربع سنوات".

 

لكن عائلة أبو راضي لم تستسلم لقرار الاحتلال، حيث بدأت العائلة بإصلاح الأرض من جديد، وزراعتها بأشتال الزيتون، علّهم يرون أرضهم تعود لمجدها وعزّها كما يقولون.

 

توسعات استيطانية

 

وتعاني بلدة الزاوية قضاء سلفيت من مصادرة مئات الدونمات من أراضيها لصالح بناء جدار الفصل العنصري، وشق شارع استيطاني لأسباب أمنية إسرائيلية، إذ دمّر هذا الشارع 20 دونما لأراضي غير المستصلحة.

 

ويقمر الشارع الاستيطاني الذي ينطلق من مستوطنة "الكانا" بـ400 دونم، إضافة إلى شرق طريق آخر يسمى "السامرة" لربط المستوطنين مستوطنة "بركان".

 

وتقدر مساحة الأراضي التي صودرت من بلدة الزاوية بـ 12 ألف دونم منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 48، ودمر ما يعادل 600 دونما لصالح بناء الجدار، إضافة لعزل 4000 دونما خلف الجدار، والاستيلاء على 300 دونم، وتحويله لمعسكر لتدريبات الجيش الإسرائيلي.

 

تصاريح لدخول الأرض

 

وتزداد معاناة الفلسطينيين وأصحاب الأراضي المصادرة بشكل خاص، حيث يمنع أصحاب الأراضي من دخول أراضيهم لجني ثمار الزيتون، ففي بلدة قريوت الواقعة إلى الجنوب من مدينة نابلس، يعاني أهلها من صعوبة الوصول لأراضيهم، حيث يمنعون من الدخول إلا من خلال الحصول على تصاريح من قوات الاحتلال.

 

وتعتبر قرية قريوت من أكثر القرى الفلسطينية التي تعاني من الاستيطان وممارساته ، حيث تم مصادرة 78 % من أراضي القرية لمصلحة المستوطنات القريبة من البلدة مثل مستوطنة شيلو والتي لا تبعد بيوت المستوطنة عن بيوت القرية سوى مئات الأمتار .

 

ويضاف سوء الإنتاج في محصول الزيتون لهذا العام معاناة جديدة للمزارعين الفلسطينيين، حيث شهد موسم الزيتون هذا العام انتكاسة مقارنة بالأعوام السابقة، وتوقعت مصادر زراعية أن لا يزيد الإنتاج عن 15% من معدل الإنتاج السنوي عازية السبب إلى تذبذب الأمطار،  وقلتها وهو ما أثر سلبا على محاصيل الزيتون.

 

وتواصل (إسرائيل) الاستيطان في مدينة القدس المحتلة، والضفة الغربية المحتلة، ويعتبر المجتمع الدولي وقف بناء المستوطنات متطلباً أساسياً لعملية السلام في الشرق الأوسط.

 

 

 

البث المباشر