رغم أنها ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها الرائد صلاح -61 عاما- إلا أن والدته بكته صباح اليوم وهو يودعها بعدما أمضى 11 شهرا في حبسه المنزلي ليلتحق بالسجن الفعلي مدة 17 شهرا.
أم رائد شيخ الأقصى لم تستطع حبس دموعها، فحين هم ليقبل رأسها وهو يردد "إدعيلي يما"، علت تنهيدة الأم باكية وهي تربت على يديه "يرضى عليك يما"، وبقيت متشبثة بيده ويقول لها "بسيطة توكلي على الله، كلها أيام".
حاول الشيخ رائد الخروج لكن بقيت نظرات والدته التي تخطت الثمانين عاما تراقبه وهي تتمتم "ربنا ينصرك"، ثم التقط لها صورة وخرج.
في الخارج كان ينتظر الشيخ مئات الفلسطينيين الذين جاءوا من البلدات العربية في الداخل المحتل
وسط التكبيرات وذلك أمام سجن الجلمة بالقرب من مدينة حيفا، للوقوف إلى جانبه قبيل دخوله السجن، بعد إدانته من محكمة الاحتلال يوم 24 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، بتهمة "التحريض على الإرهاب"، و"تأييد منظمة محظورة" وهي الحركة الإسلامية التي تولى رئاستها قبل حظرها، يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.
وخاطب الشيخ رائد الداعمين له قبيل تغييبه في السجن: "بعد لحظات سأدخل السجن ووفق يقيني وقناعتي سأدخل قوس النصر على المؤسسة الإسرائيلية (..) فنحن المنتصرون انتصارا كبيرا بالضربة القاضية على المؤسسة (الإسرائيلية) في هذه المعركة القضائية".
وتابع: "نحن في احتفال كبير وبهيج وسعادة، فأنا لا أجامل في هذه الكلمات، فتحت هذا الجو المفعم بالأمل والتفاؤل والثبات والصمود، أوجه شكري وحبي الى أمي أم محمد وإلى زوجتي أم عمر وأبنائي وبناتي وأشقائي الذي صبروا معي طوال هذه الطريق، ولكل الذين تواصلوا معي في كل محطة وموقف خلال المعركة القضائية".
دعا الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في أراضي 1948، إلى إحياء همم المقدسيين وفي أراضي 48 وحثهم دائما على إحياء عبادة شد الرحال والنفير والرباط في المسجد الأقصى كأحد أشكال إثبات شرعية الفلسطينيين في القدس.
وأكد صلاح على أن دخول المسجد الأقصى تحت رايات النصر قريب، وأن الحاضنة المقدسية والفلسطينية والعربية والإسلامية حاضرة في جنبات الأقصى، جسد واحد وقلب واحد، وخطاب واحد ورسالة واحدة.
بدوره ذكر المحامي خالد زبارقة أحد أفراد طاقم الدفاع، أن الشيخ رائد صلاح توجه صباح اليوم إلى سجن "الجلمة" (كيشون بالعبرية)، من أجل تسليم نفسه، وتنفيذ ما تبقى من الحكم، البالغ 17 شهرا، علما بأن محكمة الاحتلال أصدرت قرارها بحبس الشيخ 28 شهرا، قضى منها 11 شهرا عام 2017 و2018.
وعن وجود الشيخ داخل السجن في زنزانة انفرادية أو ربما ضمن عدد من المعتقلين، قال زبارقة: "نحن إلى الآن لا نعلم ما هي قرارات إدارة السجن، أو كيف سيتم تصنيف الشيخ داخل السجن، ولكن ربما بعد بدء تنفيذ الحكم، تتضح الأمور وتفاصيل طبيعة التعامل معه داخل سجن "جلمة".
ويذكر أنه في منتصف أغسطس/ آب 2018، أوقفت الشرطة الإسرائيلية الشيخ رائد صلاح من منزله في مدينة أم الفحم (شمال)، ووجهت له لائحة اتهام من 12 بندا تتضمن "التحريض على العنف والإرهاب في خطب وتصريحات له".
وأمضى صلاح 11 شهرا في السجن الفعلي، قبل أن يتم الافراج عنه الى سجن منزلي، ضمن شروط مشددة حتى الآن، وخلال السجن المنزلي كان لا يسمح له بالخروج إلا لثلاث ساعات فقط ولمناطق خالية.
وكان شيخ الأقصى انتخب عام 1996 رئيسا للحركة الإسلامية، ثم أعيد انتخابه عام 2001، ولم تخل تلك الفترة من تقلده رئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية إلى حدود عام 2002، وكذلك رئيسا لمؤسسة الإغاثة الإنسانية.