بعد التهاوي نحو التطبيع.. السلطة أمام خيارات صعبة

الرسالة نت-محمد عطا الله

يضع الاتفاق الاماراتي الإسرائيلي بتطبيع العلاقات الثنائية، السلطة الفلسطينية أمام تحديات كبيرة وخيارات صعبة، لا سيما بعد أن قفزت أبو ظبي وغيرها من الدول الأخرى عن مبادرة السلام العربية التي لطالما تبنتها قيادة السلطة؛ كحل للصراع مع الاحتلال.

وأعلنت الإمارات والاحتلال الخميس الماضي تطبيع العلاقات بشكلٍ رسمي وعلني بعد أن كانت العلاقات غير رسمية خلال السنوات الماضية.

وعلى إثر ذلك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اتفاق وصفه "بالتاريخي"، بين دولة الاحتلال الإسرائيلي، ودولة الإمارات العربية المتحدة، مبينا أن الاتفاق ينص على تطبيع العلاقات بصورة رسمية بين الجانبين، وقال" الاتفاق اختراق ضخم".

وفور إعلان ترامب، علق محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، في تغريدة رسمية له عبر تويتر، "في اتصالي الهاتفي اليوم مع الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على إيقاف ضم (إسرائيل) للأراضي الفلسطينية. كما اتفقت الإمارات و(إسرائيل) على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا الى علاقات ثنائية".

ويأتي هذا الاتفاق التطبيعي الرسمي، في وقت حرج ومأزق تمر به قيادة السلطة، خاصة بعد تعثر مفاوضات التسوية وإعلان الأخيرة وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي ومنها التنسيق الأمني، إلى جانت توقف الاحتلال عن توريد أموال المقاصة للسلطة وهو ما فاقم من أزمات الأخيرة.

وفور اعلان الاتفاق عبرت قيادة السلطة عن استنكارها ورفضها للاتفاق وقالت في بيان تلاه المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة إن ما قامت به الإمارات خيانة للقدس والأقصى والقضية الفلسطينية، واعتراف بالقدس عاصمة (لإسرائيل)، مشيرا إلى أنه لا يحق لدولة الإمارات أو أي جهة أخرى التحدث بالنيابة عن الشعب الفلسطيني.

وشهد الاتفاق الاماراتي الإسرائيلي مباركة عدد من الدول العربية كمصر وسلطنة عمان، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن خيارات السلطة خلال الأيام القادمة في ظل تهافت دول عربية نحو التطبيع قبل إيجاد أي حل للقضية الفلسطينية.

ركب التطبيع

ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن السلطة سبقت الدول العربية في ركب التطبيع من خلال اعتراف منظمة التحرير بالاحتلال عبر اتفاقية أوسلو، وبالتالي لم يبق في ايديها أي أوراق وهو ما يصعب المسؤولية على الفلسطينيين ويزيد من مخاطر التحديات التي تواجههم خلال الفترة المقبلة.

ويؤكد الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أن التعقيدات ازدادت أمام الجميع خاصة أن هناك مؤشرات حقيقية بأن بعض الدول العربية الأخرى ستسلك هذا الطريق مما يزيد التحديات أمام السلطة.

ويبين أنه لم يعد هناك مبادرة عربية لكي تتمسك بها السلطة الفلسطينية وما قامت به الامارات هو نسف لهذه المبادرة ومطالبة السلطة في ردها على الامارات غير واقعية كون المبادرة تشترط إيجاد حل عادل للقضية لكن اليوم نسفت المبادرة بسير الامارات في هذا الركب ومن يصطف حولها.

ويشدد على أن ما جرى دليل على افلاس خيارات السلطة وتأكيد على أن سياسة الأمر الواقع التي ستتجسد في المنطقة ستجعل السلطة ترضخ لهذه الاتفاقيات خاصة في ظل الحديث عن قرب استئناف التنسيق الأمني وعودة أموال المقاصة.

 تواجه الانهيار

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن الخيارات المطروحة أمام السلطة عقب الاتفاق صعبة للغاية وتزيد من أزماتها، لا سيما وأن ما يجري يهدد وجود السلطة وبرنامجها القائم على مبادرة السلام العربية.

ويوضح الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أن هذا الاتفاق سيلقي أثرا كبيرا على القضية، خاصة أن المؤشرات التي بدت موجودة في عمان والمغرب وبعض الدول ومنها السعودية تدلل على أن المرحلة المقبلة خطيرة للغاية على القضية عامة والسلطة خاصة.

وعن رد فعل السلطة اتجاه الاتفاق، يرى أن السلطة تحرق السفن، فماذا ستفعل مع باقي الدول التي ستحذو حذو الامارات؟

وأشار إلى أن الحكمة تقتضي عكس ذلك، إلى جانب ضرورة البحث عن العوامل التي دفعت الامارات إلى ذلك وخاصة بقاء الانقسام الفلسطيني وحالة التيه السياسي التي تنتهجها السلطة.

ويستبعد الدجني أن تلجأ السلطة للمصالحة او الاتجاه نحو هذا الملف، متسائلا: "هل تقبل السلطة الاعتراف بفشلها ودعم خيار المقاومة والاعتراف انها سلطة تحت الاحتلال؟ لا أتوقع ذلك".

البث المباشر