جاءت أولى اتفاقات التطبيع بين الاحتلال الإسرائيلي والمحور الخليجي المتمثل في الإمارات والسعودية والبحرين وعُمان كجزء من الخطة الأمريكية البديلة عن صفقة القرن التي لم تنجح إدارة ترمب في تطبيقها لعدة أسباب كان أبرزها الرفض الفلسطيني لها.
وحاولت الإدارة الأمريكية من خلال التطبيع تعويض إخفاقها في تطبيق صفقة القرن خلال الأشهر الماضية، في ظل الإجماع الفلسطيني على رفضها، وإيجاد طرق أخرى لتمكين (إسرائيل) من طرق أبواب الدول المحيطة بها.
ومن وجهة النظر الإسرائيلية، يقول المحلل السياسي في "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن "جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترمب، والمقرب جدا من حكام السعودية والإمارات، بعد أن أدرك أنه لا يوجد احتمال تحقق قريب لخطة السلام "صفقة القرن" التي بلورها ، تبنى خطة بديلة.
وأضاف برنياع: "الخطة الجديدة تقضي بأن تحصل (إسرائيل) على تطبيع مع دولة عربية ثالثة (إضافة لمصر والأردن)؛ الإمارات تحصل على إنجاز مهم في الحلبة العربية، بإلغاء الضم؛ وأن يحصل ترمب على اتفاق سياسي واحد يكون بإمكانه التباهي به وإدخال مليارات إلى صناعات الأسلحة.
ولا يستبعد أن تكون الإمارات هي المبادرة لهذه الخطة. وثمة تفصيل واحد يختبئ في هذه الرزمة، وهو المصادقة على صفقة الأسلحة".
ويتضح من المسار الأمريكي الجديد، أن دولاً عدة ستسير على طريق الإمارات خلال المرحلة القريبة المقبلة، وهنا تتجه الأنظار إلى السعودية والبحرين، في ظل عدم وجود موجة غضب عربية ضد الاتفاق الذي عقد بين الامارات و(إسرائيل)، حتى لاقى التجاهل العربي انتقادا لاذعا من الأطراف الفلسطينية.
وفي المقابل فإن قيادة الاحتلال الإسرائيلي تسعى لاستغلال فترة إدارة ترمب حتى في مراحلها الأخيرة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية التي لم تكن تحلم بها تحت أي إدارة أمريكية أخرى، مستغلةً في الوقت نفسه التواطؤ العربي الذي بات علنيًا، إلى أن أصبحت (إسرائيل) أقرب لبعض الدول العربية من الفلسطينيين أنفسهم.
وفي التعقيب على ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم إن الإمارات جعلت من نفسها جسرا رخيصا لعبور ترمب ونتنياهو أزماتهم الداخلية، وتحقيق المصالح الاقتصادية لهما، من ثم السياسية على حساب القضية الفلسطينية.
وأضاف قاسم في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن صفقة القرن فشلت في التنفيذ على أرض الواقع، لعدة عوامل مختلفة، إلا أن الضغط الإسرائيلي المستمر على الإدارة الأمريكية من خلال اللوبي الصهيوني، يدفعها للبحث عن بدائل، يمثل التطبيع جزءاً منها.
وأوضح أن الرغبة الجامحة لدى بعض الدول العربية في التقرب من الاحتلال الإسرائيلي سهلت الطريق على ترمب لإرضاء (إسرائيل) من خلال عقد اتفاقات تطبيع بين الطرفين، على أن يتكفل الطرف العربي بدفع فاتورة هذه الاتفاقية لصالح أمريكا من ثم (إسرائيل) بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفي نهاية المطاف، يبقى الموقف الفلسطيني الموحد الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات التي تحاك على القضية الفلسطينية، حيث نجح الفلسطينيون خلال الأشهر الماضية في إفشال خطة الضم ومن قبلها صفقة القرن، وهذا ما سجلته الوقائع على الأرض وانعكس بشكل مباشر على طاولات السياسة وصناع القرار.