قائد الطوفان قائد الطوفان

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يدين منع الشرطة برام الله القضاة من دخول مجمع المحاكم

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

رام الله- الرسالة نت

أقدمت الشرطة الفلسطينية على نصب حواجز حول مجمع المحاكم في مدينة البيرة ومنعت السادة القضاة والمحامين من الدخول للمجمع، لحضور جلسات المحكمة العليا بشأن قرار ندب القضاة المطالبين بحل المجلس الانتقالي واستقلال القضاء.

 وأدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأشد العبارات قيام الشرطة بمنع القضاة والمحامين بصفاتهم أو كمواطنين عاديين من دخول مجمع المحاكم.

وأكد المركز في تصريح صحفي، وصل الـ"الرسالة نت"، مساء الإثنين، أن ما حدث تعدٍ سافر على استقلالية القضاء مما يخالف المادة (98) من القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003، كذلك يمثل انتهاكاً لمبدأ علانية المحاكمة، المنصوص عليه في المادة (105) من نفس القانون.

 ووفقا لمتابعة المركز، ففي حوالي الساعة 10:00 من صباح اليوم الموافق 7 سبتمبر 2020، توجه عدد من القضاة الذين تمت احالتهم للندب لحضور جلسات المحكمة العليا للنظر في الطعن المقدم من قبلهم بشأن قرار ندبهم، في مجمع المحاكم داخل مدينة البيرة شمال محافظة رام الله.

وكان بصحبتهم محاموهم الموكلون، وعدد من ممثلي مؤسسات حقوق الإنسان وصحفيون ووسائل اعلام.  وعند وصولهم بالقرب من المجمع فوجئوا بوجود أفراد الأمن الفلسطيني يغلقون محيط المحاكم بالحواجز الأمنية، ورفضوا السماح لهم بالدخول للمحاكم.

وقال "أفراد الأمن أن لديهم تعليمات أمنية بمنع دخولهم. وعند سؤالهم عن وجود قرار رسمي من المحكمة بذلك، وأحد الضباط المتواجدين قال أنه لا يعلم وأنه لديه تعليمات فقط، وذلك بالرغم من صدور بيان عن المحكمة نفسها تنفي منعها للقضاة والمحامين من الدخول لقاعة المحكمة".

وأشار المركز إلى أن مبدأ علانية الجلسة هو مبدأ دستوري، وبالتالي من حق الجمهور بشكل عام حضور جلسات المحاكمات، ومن باب أولى هو حق لأطراف الدعوى والمستفيدين منها، وبالتالي لا يتصور وجود أي مبرر لمنع قضاه ومحامين من حضور الجلسات.

 وأوضح أنه بكل الأحوال، لا يكون المنع من دخول جلسات المحاكم الا بقرار قضائي، وهو ما لم يحدث وفق ما أكد البيان الصادر عن المحكمة بأنها لم تمنع دخولهم، وهو ما يعد مخالفة صريحة لنص المادة (105) من القانون الأساسي الفلسطيني والتي تنص على: “جلسات المحاكم علنية، إلا إذا قررت المحكمة أن تكون سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب وفي جميع الأحوال يتم النطق بالحكم في جلسة علنية.”

 واعتبر المركز أن منع قضاة ومحامين من دخول قاعة المحكمة هو استهداف لهم بصفاتهم واشخاصهم، وهو أمر مرفوض شكلاً وموضوعاً، لما يمثله من إهدار كامل لهيبة ومكانة المنظومة القضائية، واللتين لا غنى عنهما لقيامها بدورها المنوط بها.

وقال إن "تدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية يعد مخالفة صارخة للمادة (98) من القانون الأساسي والتي تنص على: القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة".

 وشدد المركز على أن مهمة الشرطة الاساسية هي إنقاذ القانون وتنفيذ الأوامر القضائية، وأن وضع الحواجز لمنع السادة القضاة والمحامين من دخول مجمع المحاكم دون أن يكون لديهم أوامر من المحكمة نفسها بذلك، يعتبر تعسف في استخدام السلطة ومخالفة للقانون.

ولفت إلى أنه الشرطة لم تكتفي بمنع القضاء ومحاميهم من دخول قاعة المحكمة، بل منعوا الجميع من دخول مجمع المحاكم بكامله حتى المحامين الذين لديهم قضايا أخرى.

 وأكد المركز على خطورة هذه السابقة، والتي تنال من استقلالية القضاء وتهدر العدالة والحق في التقاضي، فأنه يؤكد أن هذه الحادثة هي جزء من سلسلة طويلة بدأت منذ سنوات لتقويض استقلالية القضاء بشكل كامل، واحكام سيطرة السلطة التنفيذية عليه.  وقد حذر المركز ومنظمات حقوق الإنسان من مغبة استمرار هذه السياسة في عدة مناسبات.  وكان آخرها ورقة موقف، صدرت عن سبع مؤسسات حقوقية، حذرت من خطورة مستوى تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء، وطالبتها بالكف عن المساس بقانون السلطة القضائية واستقلال القضاة.

وطالب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان السلطة التنفيذية بالتوقف فوراً عن ممارستها التعسفية ضد السلطة القضائية والقضاة، والتراجع عن محاولاتها المستمرة للسيطرة على مفاصل هذه السلطة، التي يعد استقلالها شرط أساسي للاستقرار والازدهار في أية دولة.

 كما ودعا النائب العام لفتح تحقيق جدي في الحادثة، وإعلان النتائج على الملأ، واتخاذ كافة الاجراءات القانونية والإدارية بحق المتجاوزين.

 وحذر المركز من أن مسلسل التغول على السلطة القضائية ستكون عواقبه وخيمة، وستنعكس على كافة مناحي الحياة وخاصة السلم الأهلي والوضع الاقتصادي المتدهوران أصلان.

ويشار إلى أن المركز قد رصد خلال السنوات السابقة حوادث خطيرة تعرض لها القضاء الفلسطيني، فبالإضافة إلى ما يعانيه من انقسام منذ العام 2007، رصد المركز عدد من التجاوزات الخطيرة، لعل أبرزها الإطاحة برئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، المستشار سامي صرصور، في العام 2016، والتي كشفت عن أنه وقع استقالته وقت استلام منصبه للسيطرة عليه. 

وكذلك حادثة حل مجلس القضاء الأعلى في العام 2019، وتشكيل مجلس قضاء أعلى مؤقت، تحت ذريعة إصلاح القضاء، والذي لاقى معارضة من نادي القضاة والمجتمع المدني في حينها. 

البث المباشر