في موكب عسكري وجماهيري تقدمه مقاتلون من كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، أفرج أمس عن الضابط في جهاز الأمن الداخلي محمد عمر أبو عجوة من حي الشجاعية شرق غزة بعد توقيفه لشهرين على خلفية "اشتباه أمني".
وفور الإفراج عن أبو عجوة الذي أوقف بتاريخ 30 يونيو الماضي، زار وفد قيادي من حركة حماس على رأسه القيادي البارز خليل الحية عائلة أبو عجوة حيث كان في استقباله وجهاؤها وكبارها.
وأكد الحية في كلمة بمنزل عائلة أبو عجوة أن ابنهم "بريء تمامًا مما نُسب إليه عبر وسائل الإعلام خلال حملة التشويه الممنهجة التي طالته من الأبواق المشبوهة".
وكانت قناة العربية وموقع "أمد" المدعوم إماراتيًا زعما اعتقال خلية تتبع لحركة حماس مرتبطة بالتجسس مع الاحتلال الإسرائيلي، وتداولا تفاصيل وأسماء أشخاص زعم أنهم في "مواقع حساسة للغاية"، بينهم أبو عجوة.
ونفت حماس ووزارة الداخلية في حينه "هذه الأكاذيب"، ليأتي الإفراج عن أبو عجوة تعزيزًا لهذا الموقف، وإثباتًا لزيف ما ذهبت إليه "العربية" و"أمد"، اللتان تناقلت عنهما وسائل إعلام عبرية بشكل يعزز أيضًا الاتهامات للوسيلتين بانعدام المهنية والانحياز لرواية الاحتلال.
ونبهت وزارة الداخلية في غزة عبر بيان صحافي أمس أنّ "ما نُشر في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص قضية الضابط أبو عجوة كان نتيجة استغلال جهات أمنية مشبوهة للحدث".
وشددت الداخلية على أن "تلك الجهات هدفت إلى النيل من الأجهزة الأمنية والمقاومة، والإضرار بالنسيج المجتمعي، والمساس بسمعة عائلة الضابط، وهي من العائلات المجاهدة التي لها تاريخ مشهود في النضال الوطني الفلسطيني".
"المقاومة الأحرص على أبنائها"
ويعتبر عضو مجلس العائلة سامح أبو عجوة في حديث خاص لـ"صفا" أن الإفراج عن ابنهم هو أكبر ردّ على أولئك المتربصين بالمقاومة وقيادتها".
وجدد ثقة عائلته بالمقاومة، مؤكدًا أنها ترفض استغلال قضية ابنها في الإساءة لها، مشددًا على أن "المقاومة الأحرص على أبنائها منّا".
وعلى المستوى الأمني، فإن الإفراج عن أبو عجوة بعد نحو شهرين على إيقافه يدلل- وفق مراقبين تحدثت إليهم وكالة "صفا"- على أن أمن المقاومة بالتعاون مع وزارة الداخلية لم يخضع للضغط والحملة الإعلامية التي صاحبت الحدث، كما تحلّى بالجرأة في الإفراج عنه بعد عدم ثبوت إدانته.
"تغطية لضعف إسرائيلي"
ويعتبر الخبير في الشؤون الأمنية رامي أبو زبيدة أن "الحملة الإعلامية (من العربية وأمد) جاءت للتغطية على نقاط ضعف ومشاكل يعاني منها الاحتلال وأجهزته الأمنية في حرب الأدمغة مع المقاومة".
وذكر أبو زبيدة في حديث لـ"صفا" أن ما تقوم به قناة العربية ووسائل إعلام أخرى في قضية أبو عجوة يأتي ضمن استهداف واضح للمقاومة الفلسطينية تشترك فيه العديد من الأجهزة الاستخبارية المعادية لشعبنا".
وأضاف أن هذه الأجهزة الاستخبارية تعتمد على الوسائل الإعلامية في التأثير على الرأي العام، وبلورة رأي عام ضاغط على المقاومة، لكنه أكد أن "المقاومة اليوم أكثر قوة من قبل".
أما على المستوى الدعائي والإعلامي، فيرى الباحث المختص في الدعاية والإعلام السياسي حيدر المصدّر أن قضية أبو عجوة تظهر مؤشرات على وجود اشتغال دعائي منظم وربما مدعوم بخلفية استخبارية.
زعزعة الثقة
ويقول المصدر لـ"صفا" إن "الموضوع ببساطة شأن روتيني داخلي للمقاومة، إلا أنه شق طريقه إلى السطح بطريقة مجهولة، وهو الأمر الذي تلقفته قناة العربية الفضائية ووظفته سلبًا وبشكل غير أخلاقي دون مراعاة لأصول المهنة الإعلامية من تحقق وتثبت وعودة لجهات الاختصاص".
ويضيف "الملفت أن أسلوب القناة يشبه تماماً أسلوب العدو الصهيوني السائد حاليًا، سيما توجيه دفة التشويه نحو عناصر من كتائب القسام بغية تحقيق أهداف أهمها ضرب مصداقية الكتائب وزعزعة الثقة بها وصولاً إلى فض الجماهير من حولها".
ويعتبر أن طبيعة هذه الأهداف تشي أنها لا تخدم سوى رؤى سياسية معادية.
"باختصار، لا نجد وصفاً ملائماً لما قامت به قناة العربية سوى أنه نشاط دعائي مقصود يتغذى على معلومات أمنية ميدانية لتحقيق أهدافه"، يقول المصدر.
ويوضح أن هذا بحد ذاته انتقال من حالة بدائية في العمل الدعائي إلى حالة معقدة تمزج بين علم الاتصال وأنشطة الاستخبارات المعادية.
وسائل التواصل
وبشأن التعاطي مع المصادر غير الرسمية، يقول المصدر إنه "لا يجوز بأي حالة من الأحوال تناول قضايا المقاومة وما يرتبط بها من أنشطة دون العودة إلى المصادر الرسمية".
ويذكر "لعل أكثر ما لفت انتباهي، جرأة بعض مستخدمي مواقع الشبكات الاجتماعية على الخوض في قضية أبو عجوة دون اعتبار إنساني، أو دون إدراك كاف أن مجرد التعاطي مع الموضوع هو بحد ذاته تساوق مع سياسة الاغتيال المعنوي التي حرضت عليها قناة العربية".
ويذكر أنه من أهم الدروس المستفادة في قضية أبو عجوة، ضرورة إيجاد حلّ جذري لمعضلة الثقافة الاتصالية السائدة عند رواد المنصات الاجتماعية، خاصة ما يتصل بسلوكيات الفضول السلبي والتساؤل غير المشروع والتعبير الضمني "وغيرها من الممارسات الرعناء التي لا تصب إلا في صالح الطرف المعادي"، وفق تعبيره.
وتعتبر قضية الضابط أبو عجوة من الاختبارات التي أثبت فيها أمن غزة القدرة على العمل تحت الضغط، بما يضمن سلامة المقاومة وأمنها، وفي الوقت نفسه سقوط جديد لوسائل إعلام ممولة إماراتيًا، في اختبار المهنية.
المصدر/ وكالة صفا