قائمة الموقع

مقال: فلسطين بين الأبيض والأسود

2010-10-27T16:37:00+02:00

د. فايز أبو شمالة

للقضية الفلسطينية أبعاد عالمية، وعلى نبع مقدساتها ترد كل الطيور والحيوانات، منها من يرتوي رشداً، ويتعظ من التجربة، ومنها ما يفسد المكان، ويلوث الأجواء بتصريحات مدفوعة الأجر، ولو تتبع أي مراقب تصريحات السياسيين والأكاديميين الغربيين لأكتشف التناقض الرهيب بين المواقف، تناقض يقول للعرب: إن موقف دول العالم بما في ذلك دول الغرب قابل للتطور، والانحياز للقضية الفلسطينية إذا أنتم وقفتم مع أنفسكم، وإن موقف الغرب قد يغرق أكثر في التبعية "لإسرائيل" إن أغمضتم عيناً عن حقوقكم.

في الأسبوع الأخير يمكن رصد ثلاثة تصريحات خطيرة لشخصيات دولية تتعلق بالقضية الفلسطينية. الأولى صدرت من أمريكا نفسها، وفيها يقول البروفيسور الأمريكي "هاوكار سيديك": "إن من ينشد السلام في الشرق الأوسط عليه أن يزيل أسباب التوتر، وأن يعيد الحقوق إلى أهلها، وأسباب التوتر هو وجود دولة "إسرائيل" ذاتها، التي اغتصبت حقوق الفلسطينيين، وهي السبب في انعدام السلام في المنطقة، وبزوالها يزول التوتر!.

هذا التصريح الواعي الواعد لشخصية أكاديمية أمريكية أقام "إسرائيل" ولم يقعدها، وهي تحرك أتباعها من الأجانب للتصدي لمثل هذا الرأي الحر الجريء، فجاء تصريح "اندرو ويتلي" مدير مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا" في نيويورك والذي أدلى بتصريحات تفيد "بأن على اللاجئين الفلسطينيين أن لا يعيشوا على وهم تحقيق حق العودة وبأن على الدول العربية أن تبحث عن مكان لهم في أراضيها لتوطينهم فيها".

لم يأت مدير مكتب الأونروا بكلام جديد، إنه يعكس الحالة السياسية العربية السائدة في كواليس الأمم المتحدة، ويفصح عما يهمس فيه بعض العرب في أروقة الأمم المتحدة، ولو أدرك الرجل أن تصريحاته ستحرك ردة فعل عربي غاضب، وإصرار على طرده من وظيفته في الأمم المتحدة، على أقل تقدير، لو عرف ذلك لما تفوه بهذه السخافات السياسية التي تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان، وقواعد العمل في منظمة دولية تدعي الحياد.

بين هذا وذاك حاول "روبرت سيري" المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط أن يسير على خط المنتصف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فندد من الضفة الغربية بتدمير المستوطنين الغاصبين لأشجار الزيتون الفلسطينية، ولكنه في الوقت نفسه طالب السلطة بمحاربة ما يسميه "الإرهاب" وفي تقديري أن "روبرت سيري" ما كان ليجرؤ على وصف المقاومة بالإرهاب لولا درايته بأن فياض يمارس فعلاً التصدي للمقاومة، فجاء حديثه منسجماً مع موقعه، ومع السياسة الفلسطينية.

الفلسطينيون أكثر الشعوب حاجة إلى توثيق كل حرف يصدر عن الأجانب، وله علاقة بالقضية الفلسطينية، والفلسطينيون قبل الجميع مطالبين بتحديد موقف من كل تصريح يمس صلب قضيتهم، واجبهم أن يرفعوا فوق رؤوسهم من يقف إلى جانب الحق والعدل، وأن يصبوا نار غضبهم، وحقدهم على كل مأجور يقفز عن حقوقهم، وقبل هذا وذاك، فالوطن يقضي أن يحدد الفلسطينيون موقفهم من قضيتهم قبل الجميع.

اخبار ذات صلة