قائد الطوفان قائد الطوفان

حـمـاس و "سحرة فرعون ".. !!

عادل-أبو-هاشم-500x330.jpg
عادل-أبو-هاشم-500x330.jpg

بـقـلـم : عـادل أبو هـاشـم

تعاود بعض وسائل الإعـلام المصرية ومجموعة من الأعلاميين من " مثقفي الردة " و " كتبة المارينز " هذه الأيام لعـب أدوارها السيئة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في حملة جديدة و مستهجنة من المحاولات الحثيثة والجادة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال "شيطنة حركة حماس " .. !!
شاهدنا بدايات هذه الحملة في العدوان الأسرائيلي على غزة في عدوان 2014 م على غزة حيث تسللت مشاعر الشماتة بأهل غزة إلى نفوس بعض المصريين كمرض خبيث لا يمت للأخلاق أو الشهامة والمروءة بصلة ، وقد طالت هذه المشاعر نخبة من الكتاب والإعلاميين الذين وجدوا فى هذه النكبة الجديدة فرصة لتصفية الحسابات مع حركة حماس ، و إلقاء عليها كل أخطاء التاريخ ، ولا يدرون أنهم بذلك يتوحدون مع مشاعر الضغينة والبغضاء التي يكنها الإسرائيليون لكل ما هو فلسطينى ، حيث لم يتوان بعض الإعلاميين المصريين بالتغني و الأشادة بالعدوان الإسرائيلي على غزة ، واتهام الفلسطينيين بأنهم هم الذين تسببوا فى قتل أنفسهم!
ولو تتبعنا ما بثته الفضائيات والصحف المصرية التي تلاعبت بعقول المصريين ، وما كتبه بعض الإعلاميين من سباب وردح وشتائم ، لكان المشهد أكثر بؤسًا!
لقد حمًل " سحرة فرعون " في الإعلام المصري حركة حماس عبء فشل ثورة 25 يناير ، ودم الشهداء الذى ضاع ، والقتلة الذين أفلتوا من العقاب ، و الإرهابيين الذين يعيثون قتلاً فى جنود سيناء ، والقنابل الموقوتة المندسة في المدن و المحافظات المصرية!
اخترع " سحرة فرعون " أسطورة معاصرة لتبرير هذه الكراهية ، حيث حوّلوا واقعة ميدان التحرير إلى أسطورة ، وتجاهلوا القتلة الحقيقيين ، وتقارير لجان تقصى الحقائق التى حددت بدقة ووضوح من قام بقتل المتظاهرين .!
برأ " سحرة فرعون " القتلة رغم أنهم اعترفوا ضمنا بفعلتهم وهم يدورون من بيت لبيت ليدفعوا دية القتلى ، ويرغمون الأهالى على التنازل عن قضايا قتل أولادهم ، ومن قام بدفع الحيوانات وسط جموع المتظاهرين ، ومن سمح لهم بالعبور ، ومن اعتلى أسطح العمارات ليقتنص المتظاهرين ، واخترعوا أسطورة مغايرة لكل هذه الوقائع تسمى " أسطورة عمر سليمان " .!
تقول الأسطورة إن مجموعة من القتلة المسلحين من " حركة حماس " استطاعوا أن يعبروا الأنفاق بصحبتهم " بلدوزرات " ثقيلة ساروا بها أكثر من 500كم فى صحراء مكشوفة دون أن يقابلهم أحد، وتجاوزوا مدنا آهلة بالسكان دون عائق، حتى وصلوا إلى منطقة السجون القريبة من القاهرة، فاقتحموا 11 سجنًا دفعة واحدة، وأفرجوا عن أعضائهم المسجونين، وأعضاء التنظيم التابعين له، ومنهم الدكتور محمد مرسى ، ثم توجهوا بعد ذلك إلى ميدان التحرير فقتلوا المتظاهرين، وأحرقوا أقسام الشرطة، وقتلوا بعضًا من الأهالى أمامها، ثم اجتازوا نفس المسافة الصحراوية الممتدة وعادوا إلى أنفاقهم مع بلدوزراتهم دون أن يمسك بهم أحد، ودون أن يراهم أحد إلا شخص وحيد هو اللواء عمر سليمان، الرجل الذى خرج من قلب النظام السابق ليحميه ويحمى جهاز الأمن التابع له من شبهة إصدار أى أوامر بالقتل!
وأصبحت هذه الأسطورة هى الحكاية المعتمدة والتى تمسكت بها كل الأطراف لتدفع بها التهمة عن نفسها :
تمسك بها حسني مبارك ليبرئ نفسه من قتل المتظاهرين!
وتمسكت بها الشرطة ووجدوا فيها منفذًا لإسقاط التهم عن أفرادها دون حاجة إلى دفع الديات!
وتمسكت بها فلول النظام التى طالتهم الاتهامات فى موقعة الجمل!
و تمسك بها "سحرة فرعون" لنيل رضا الأدارة الأمريكية والحكومة الأسرائيلية!
ودفع الشعب الفلسطيني في غزة ثمن هذه الأسطورة المبتذلة:
فأغلقت المعابر في وجوههم، ودمرت أنفاقهم، ومنع مرضاهم من السفر للخارج للعلاج ، والطلبة من الالتحاق بدراستهم في الخارج، وتعرض الفلسطينيون لسيل من الشتائم والسباب تدل على ما وصل إليه "سحرة فرعون" من حقارة لا حدود لها، ووضاعة وخسة وقلة إدراك، والتهديد اليومي بعمل عسكري مصري ضد قطاع غزة!
لقد عرف تاريخ الإعلام المصري سحرة كثيرين، لكنهم لم يكونوا يضطرون إلى إظهار فجاجة خطابهم أمام الناس، كون المرحلة آنذاك، لم تكن تتطلب ذلك.
لكن المخيف أن هناك من يصدق، بل إن هناك من يتبنون "مواقف سياسية" استناداً إلى المنطق الذي تقدمه الوصلات الإعلامية المصرية، إن هذه الوصلات على الشاشات المصرية لا ينطبق عليها علميًا مصطلح إعلام، ولا وصف مصرية، فالواقع المعاش اليوم في الإعلام المصري فاق كل المبالغات التي اعتاد الساخرون تقديمها لجمهورهم على سبيل النكتة، والأعمال الفنية الساخرة التي يراد لها أن تكون كوميدية أو ساخرة جادة أكثر من اللازم في مقابل "الأعمال الكوميدية الإعلامية " على شاشات التلفزة المصرية التي تنتقد ليل نهار الشعب الفلسطينى وترمى عليه كل أخطاء التاريخ!
ويتساءل المواطن العربي في كل مكان :
ما سر هذه الهجمة التي تبدو غريبة على المشهد العربي على حركة مقاومة قاومت العدو الصهيوني في أربع حروب على مدار ثمان سنوات ؟!
وكيف تحولت حماس فجأة، وعلى الرغم من أنها ضحية ، ويفترض أنها تناجز عدو الأمة العربية الأول تاريخيا ( كما كانت تصدح الحناجر ) إلى "عدو" بديل ، وتوجهت السهام إليها .؟!
وكيف يجرؤ عربي على الانحياز إلى صف "العدو" الصهيوني جهاراً نهاراً ، ويتنكر لحركة قدمت كبار قادتها وأبناءهم و زوجاتهم شهداء و معتقلين و مطاردين في سبيل الله .؟!
إن الحقيقة الكبرى التي لا مراء فيها أن حركة حماس أعادت الصراع مع الصهيونية إلى جذوره التاريخية ، فهي الوحيدة التي تذكر الأنظمة العربية بأن إسرائيل لم تزل عدواً، وليست حليفاً في مواجهة الربيع العربي ، وهو أمر يحرج هذه الأنظمة ، ويكشف زيفها ، وخداعها شعوبها ، على مدار عشرات السنين .!

البث المباشر