قائمة الموقع

خبراء: عودة المدارس أصبحت ضرورة.. والتعليم عن بُعد رفاهية غير متاحة للجميع

2020-09-27T09:03:00+03:00
التعليم وكورونا.jpg
الرسالة نت- وكالات

عاد الملايين من طلاب المدارس والجامعات إلى مقاعد الدراسة في مختلف أنحاء العالم، عقب الإغلاق الذي فرضته الجائحة، لكن الخبراء يرون أن التعليم بعد أزمة "كوفيد-19" سيكون مختلفا تماما عما كان عليه قبلها.

وفي هذا التقرير، تسلّط مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية الضوء على جوانب مختلفة من تأثيرات فيروس كورونا المستجد على أنظمة التعليم عبر العالم، من خلال آراء مجموعة من الخبراء والأكاديميين.

التكنولوجيا تهدد نفوذ الجامعات

يعتقد مايكل سميث، أستاذ تكنولوجيا المعلومات والتسويق في جامعة كارنيغي ميلون، أن الجامعات ستبقى كما نعرفها، ولكنها ستفقد المكانة التي كانت تحظى بها قبل تفشي الفيروس.

ويؤكد سميث أن الجامعات استمدت نفوذها لعدة قرون من تحكمها في عدد الطلاب الذين يصلون إلى مقاعدها، وقلة عدد المدرسين المميزين، وحاجة الطلاب إلى شهاداتها للدخول إلى سوق العمل.

وحسب رأيه، فإن اعتماد التقنيات الرقمية في التعليم عن بُعد، وسهولة حصول الطلاب على المواد الدراسية، والآليات الجديدة للتوظيف عبر الإنترنت، كلّها عوامل ستحدّ من نفوذ الجامعات خلال الفترة المقبلة.

ويرى الكثير من الخبراء في الأوساط الأكاديمية أن التطورات الأخيرة تشكل تهديدا كبيرا على الجامعات من الناحية المالية. ويقول سميث إنه "بدلاً من الذعر، يحتاج المدرسون إلى تبني هذه التغييرات باعتبارها فرصة للقيام بمهمتهم الأساسية، والتي تتلخص في مساعدة الطلاب على اكتشاف مهاراتهم وتطوير مواهبهم واستخدامها لإحداث تغيير إيجابي في العالم".

ضرورة العودة إلى المدارس

يؤكد لودغر ووسمان، أستاذ الاقتصاد بجامعة ميونيخ ومدير مركز "إيفو" لأبحاث الاقتصاد، أن التعليم عن بُعد لم يكن بديلاً جيدًا للتعليم التقليدي.

وقد أظهر استطلاع أُجري مؤخرًا على أكثر من ألف من أولياء طلاب المدارس في ألمانيا، أن الوقت الذي يقضيه الطلاب بالمدرسة وأداء الواجبات المنزلية انخفض من 7.4 إلى 3.6 ساعات فقط في اليوم، بينما تضاعف الوقت الذي يقضونه في مشاهدة التلفزيون أو اللعب بالحاسوب أو استخدام الهواتف المحمولة ليصل إلى 5.2 ساعات في اليوم.

وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن الأولياء الأفضل تعليما أكثر قدرة على توفير بيئة تعليم منزلية ملائمة، فإن الاستطلاع أظهر أن الوقت الذي يقضيه أطفالهم في الدراسة تراجع بشكل حادّ تماما مثلما هي الحال بالنسبة لأبناء الأولياء الأقل تعليما.

أما الفارق الأساسي الذي أظهرته الدراسة، فيتمثل في أن الطلاب الذين كان أداؤهم ضعيفًا بالفعل في المدرسة، بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية والاقتصادية، أصبحوا يقضون مزيدا من الوقت في اللعب بدلا من الدراسة مقارنة بأقرانهم الذين كان أداؤهم الدراسي جيدا.

ويرى "ووسمان" أنه من الضروري أن نبذل كل ما في وسعنا للعودة إلى التعليم التقليدي في أسرع وقت ممكن، مع اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، وفي حال لم يكن ذلك ممكنا، يجب وضع جدول زمني كامل للتعليم عبر الإنترنت.

كما يشدد على ضرورة تعويض الطلاب عما أضاعوه في دراستهم خلال الفترة الماضية، وإلا فإن تطورهم في المستقبل سيتضرر بشكل خطير حسب قوله.

أكاديميون يطالبون بعودة التعليم التقليدي في أسرع وقت حتى لا يتضرر مستقبل الطلاب (بيكسابي)

تدابير وقائية وخطط صارمة

تؤكد جينيفر نوزو، عالمة الأوبئة في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة أن فتح المدارس في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى والعودة إلى التعليم التقليدي، أظهر الحاجة إلى تطبيق إجراءات صارمة من أجل الحد من انتشار الفيروس.

وتضيف عالمة الأوبئة أنه من المهم أن تخطط المدارس لاحتمال إصابة بعض من طلابها أو مدرسيها أو موظفيها بالفيروس، وأن تكون مستعدة للتعامل مع هذا الطارئ من خلال وضع خطط واضحة للإغلاق، ومدة بقاء الطلاب في المنازل، ومواعيد العودة.

مشاكل عميقة في البلدان النامية

يقول ديفيش كابور، الأستاذ المتخصص في دراسات جنوب آسيا ومدير برامج آسيا في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، إنه لا شك بأن وباء "كوفيد-19" ستكون له تأثيرات عميقة على سكان الدول الأشد فقرا، ولكن السؤال الذي يُطرح هو مدى شدة ذلك التأثير والمدة التي قد يستغرقها.

ويوضح كابور أن الهند على سبيل المثال، كانت تواجه تحديات ومشاكل كبيرة على مستوى منظومتها التعليمية حتى قبل الجائحة، مع وجود نحو 260 مليون طفل في المدارس وما يقرب من 40 مليون طالب في الجامعات. ويظهر ذلك بوضوح من خلال ضعف النتائج المدرسية والمعدلات العالية للانقطاع عن الدراسة.

وأضاف كابور أنه على الرغم من الزيادة الهائلة في انتشار الإنترنت والهواتف الذكية بالأعوام الأخيرة، فلا يزال حوالي 70% من الهنود الذين يعيشون في المناطق الريفية غير قادرين على الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية، مما يجعل عودة التعليم التقليدي أمرا بالغ الأهمية في هذه المناطق، حسب قوله.

ملايين الطلاب حول العالم غير قادرين على الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية (بيكسلز)

تراجع أعداد طلاب الجامعات في الخارج

يتوقع سالفاتوري بابونيز، الباحث المساعد في مركز الدراسات المستقلة، الأستاذ المشارك في جامعة سيدني، أن يشهد انتقال الطلاب بين الدول تراجعا في فترة ما بعد الوباء عقب أن توقف بشكل شبه تام خلال الجائحة، خصوصا بسبب العلاقة المتدهورة بين الصين والغرب.

ويؤكد بابونيز أن الصين -التي يشكل طلابها 20% من الطلاب الدارسين في الخارج حول العالم- قد تعمد إلى تخفيض أعداد طلابها في الجامعات الغربية، خاصة أنها تعاني من قلة أعداد خريجي المدارس الثانوية بسبب سياسة الطفل الواحد، وتحتاج بشدة إلى إنقاذ جامعاتها من خطر الإفلاس، والحفاظ على رصيدها من العملات الأجنبية.

وحسب الخبير الأسترالي، فإن الصين ستواصل إرسال طلابها المتفوقين للدراسة في الخارج من أجل الحصول على أفضل تكوين علمي والإلمام بآخر التطورات التكنولوجية، لكنها ستعمد في المقابل إلى إبقاء عدد كبير من طلابها في الجامعات الصينية، وهو ما يشكل حسب رأيه تحديا كبيرا أمام الجامعات الغربية.

الاهتمام بالوظيفة

تؤكد منى مرشد، الرئيس التنفيذي لمنظمة "جينيريشن" (الجيل Generation)، أن آفاق الحصول على عمل لحاملي الشهادات أصبحت أصعب مما كانت عليه قبل الوباء، حيث فقد حوالي 400 مليون شخص وظائفهم حول العالم، لينضموا إلى 200 مليون عاطل عن العمل، وهذا ما يجعل الانتقال من التعليم إلى الوظيفة عملية غير موثوق بها أكثر من السابق.

وتقول منى، إن الوباء سيجبر الجامعات وكليات التدريب المهني وغيرها من مؤسسات ما بعد المرحلة الثانوية، على تغيير توجهاتها، لأن الطلاب سيكونون بحاجة ماسّة إلى دخول سوق العمل في أقرب وقت ممكن بعد التخرج، ولن يكونوا مستعدين للاستثمار في التعليم إذا لم يحصلوا على ضمانات بالحصول على وظائف.

خبراء: التعليم عن بُعد لم يكن بديلاً جيدًا للتعليم التقليدي (بيكسلز)

أزمة مالية تواجه الجامعات الأميركية

يقول ديك ستارتز، أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، إن إيرادات الجامعات الأميركية خصوصا الحكومية، تراجعت بشكل حاد خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب توقف الدراسة، فضلا عن أن التحول إلى التدريس عبر الإنترنت يتطلب استثمارات كبيرة في المعدات وخدمات الحوسبة السحابية والدعم الفني.

ويعتقد ستارتز أن الجامعات الأميركية تستطيع تجاوز هذه الأزمة خلال السنوات المقبلة وتستعيد عافيتها ومواردها، لكنه يؤكد أن هناك تحديين كبيرين أمام التعليم الجامعي في الولايات المتحدة، الأول هو تخفيض الدعم الحكومي للتعليم العالي مثلما حدث في أزمة 1929، والثاني هو انتقال الكثير من الطلاب الأجانب من الجامعات الأميركية إلى الجامعات الأسترالية والأوروبية بسبب تشديد قيود الهجرة إلى الولايات المتحدة.

المصدر : الصحافة الأميركية

اخبار ذات صلة