باتت مشاهد استخدام السلاح خارج إطار القانون في مدن الضفة الغربية معتادة، خصوصا في المشاكل العائلية والأعراس والجنائز، ما أدى لمقتل وإصابة العشرات من المدنيين، دون أي اجتهاد من سلطة حركة فتح للتخلص منه، فيما يرعى الاحتلال انتشار السلاح في المناطق الفلسطينية.
وشهدت مدن الضفة منذ مطلع العام الجاري عديد جرائم القتل والشجارات العائلية التي أدت لمقتل وإصابة العشرات، كان آخرها قتل شاب وشقيقته وخطيبته قبل عدة أسابيع قرب وادي النار، بالإضافة إلى مقتل أحد رجالات المسجد الأقصى من عائلة السلايمة شرق القدس، ومنذ يومين قتل ثلاثة مواطنين وأصيب آخرون وأحرقت عشرات المنازل والمحال التجارية في قرية قباطية قرب جنين شمال الضفة.
ولطالما جرى الحديث عن ضرورة جمع السلاح من العائلات ومليشيات الزعران كما يتم وصفها في الضفة، والتي تعمل على رعب المواطنين، ونشر الفوضى والعربدة في الأراضي الفلسطينية، بما يخدم الاحتلال الإسرائيلي الذي يرعى فوضى السلاح في الضفة.
ولا تقوم المؤسسة الأمنية التابعة لسلطة حركة فتح بعملها لضبط الساحة، بل يجري الحديث عن جمع بعض المتنفذين في قيادة السلطة للأسلحة استعدادا للمرحلة المقبلة التي قد تشهد انهيارا للسلطة نتيجة تطورات سياسية دراماتيكية في العلاقة مع الاحتلال أو برحيل الرئيس عباس عن سدة الحكم.
وتشير التقديرات إلى أن السلطة تغض الطرف عن مئات الأسلحة الموزعة على المحافظات كافة من الخليل وحتى جنين، حيث يبقى في أيدي العائلات حتى بعد استخدامه في المشاكل العائلية في ظل عدم سعي الأجهزة الأمنية إلى جمعه أو أنها لا تقدر على فعل ذلك، وكذلك الحال مع مطلقي النار الذين لا يزالون طلقاء رغم كل الجرائم التي وقعت.
وبحسب آخر إحصائية صادرة عن الشرطة الفلسطينية التي نقلها الناطق باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات، فإن العام الجاري شهد ارتفاعا كبيرا في عدد جرائم القتل بعد تراجعها خلال السنوات الأربع الماضية، حيث سجلت 43 جريمة قتل، مقابل 25 جريمة العام الماضي.
وقال ارزيقات في تصريحات إذاعية: "في الشجارات، الان نحن على مفترق طرق أما نسلم ونتخذ اجراءات عقابية ضد كل من يرتكب جريمة وان لا نوفر له الغطاء العشائري، او ننزلق الى اللاعودة، ندعو وجهاء العشائر لصياغة ميثاق وطني يجرم كل من يرتكب الجريمة في المجتمع الفلسطيني".
وبشأن خطة سحب السلاح، أوضح ارزيقات أنه بدأ تطبيقها خاصة بعد توجيهات الرئيس بضبط السلاح، وخلال الايام الماضية كان هناك ضبط لعدد من قطع السلاح الموجودة بأيدي الاشخاص الذين ممكن أن يوجهوه الى صدور الفلسطينيين.
وفي تفاصيل المشهد، يقول الكاتب والصحفي علاء الريماوي، إن أي قرية فلسطينية بالضفة يتواجد بها عشرات قطع السلاح الذي يستخدم في الفوضى ورعب المواطنين، فيما لا يبحث الاحتلال الإسرائيلي في مداهماته عن هذه الأسلحة أو مستخدميها، وكذلك السلطة لا تجتهد في جمع هذه الأسلحة من المجتمع.
وأوضح الريماوي في تعقيبه على الشجار القائم في بلدة قباطية قرب جنين الذي راح ضحيته ثلاثة مواطنين وعدد من الإصابات وحرق للمنازل، إن استخدام السلاح في كل أنحاء الضفة ولأي سبب كان، بات سمة معروفة لا يمكن إنكارها، إذ تهدد السلم المجتمعي الذي بات في خطر واضح.
وأكد أن بعض العائلات في الضفة باتت تجمع اشتراكات شهرية لشراء الأسلحة، وتسعى الكثير من العشائر والعائلات إلى جمع أكبر قدر من الأسلحة وخصوصا الثقيلة منها، للتباهي بذلك في حال وقوع أي شجار أو مناسبة لدى العائلة.
وأشار إلى أن المواطنين في بعض المناطق باتوا لا يأمنون على أنفسهم التحرك في ظل انتشار المسلحين والمليشيات التي من شأنها الاعتداء على أي مواطن وباستخدام السلاح في وضح النهار، في حين أن أقل مشكلة في الضفة بات يستخدم فيها المسدسات.
ودعا إلى ضرورة التحرك العاجل من جميع الأطراف لتدارك الموقف قبل أن تذهب الأمور إلى الهاوية، مشيرا إلى أن القضاء على ظاهرة السلاح بحاجة إلى تضافر الجهود من السلطة والمنظمات والعائلات أيضا.