تستغل سلطات الاحتلال جائحة كورونا، لإحداث تغييرات في القدس ضمن الخطط التي تهدف إليها منذ سنوات، لتغيير ملامح المدينة المقدسة وافراغها عنوة من أهلها.
ويعمد الاحتلال لإغلاق أسواق القدس والتضييق على المقدسيين ضمن حجج مكافحة فيروس كورونا، ويضع غرامات بآلاف الشواكل على التجار المخالفين، في ابتزاز واضح لهم.
وتراكمت الديون على تجار البلدة القديمة في القدس، بسبب سياسات الاحتلال خلال السنوات الماضية، من بينها ارتفاع النفقات التشغيلية، والتأخر عن دفع الضرائب للبلدية بشكل منتظم، وهو ما دفع بلدية الاحتلال إلى الاستيلاء على عشرات المحلات.
خسائر كبيرة!
وعلى مدخل سوق القطانين في القدس، يقف التاجر خالد الهدمي على مقربة من محله ينظر إليه من بعيد عاجزا عن فتحه خوفا من مخالفات سلطات الاحتلال.
وقال الهدمي في اتصال مع "الرسالة نت": "منذ بداية العام، وسلطات الاحتلال تأخذ من فيروس كورونا مبررا لإبعادنا عن محالنا التجارية وللتنغيص علينا وزيادة خسائرنا".
وأشار إلى أن الخسائر تفاقمت في ظل الاغلاق، في حين أن الضرائب الباهظة التي تفرضها سلطات الاحتلال لا تزال كما هي دون تخفيض أو اعفاء.
ودعا الهدمي إلى ضرورة دعم صمود التاجر المقدسي، مؤكدا أن "هناك تقصير واضح من الجميع تجاه القدس وأهلها، والاحتلال يستفرد بمن يشاء لتمرير سياساته دون حسيب".
ومن أشهر أسواق القدس، سوق العطارين واللحامين وباب القطانين وسوق الحصر والبازار وباب السلسلة والخواجات وباب خان الزيت وغيرها.
بدوره، أكد مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد حموري، أن لدى الاحتلال مخطط واضح يعمل عليه منذ سنوات، يهدف لإضعاف الاقتصاد المقدسي والتضييق على المقدسيين وتجارهم لترك المدينة.
وقال حموري في حديث لـ "الرسالة نت": "عوامل كثيرة ينفذها الاحتلال ضد التجار وإحدى هذه الفرص استغلال كورونا بشكل جيد، وبالتالي من يدخل البلدة القديمة لا يجد محال مفتوحة وهو ما يعكس مردودا سيئا جدا على القطاع التجاري".
وتوقع أن وجود الكثير من القضايا المتعسرة على التجار المقدسيين خلال الفترة المقبلة، "فالمقدسيون بحاجة لوقفة جادة من الدول العربية والإسلامية لدعمهم حتى يستطيعوا الصمود أمام عنجهية الاحتلال وخططه في تطفيش المقدسيين".
وشدد حموري على أن المطلوب اليوم مساعدة المقدسيين وتجارهم على البقاء، محذرا من انهيارهم في ظل عمل الاحتلال على خلعهم من منازلهم ومحالهم التجارية.
وتحدث عن الضرائب التي تفرضها سلطات الاحتلال على المقدسيين والتي تهدف لتعزيز الاقتصاد (الإسرائيلي) ووجوده في القدس، مضيفا: "ضريبة الأرنونا الهم الأكبر الذي يثقل كاهل التجار المقدسيين، وحتى المنازل تعاني من ذلك، فأغلبية المقدسيين مطالبون بتسديد أموال لبلدية الاحتلال، والديون على كاهلهم كبيرة".
وتحسب تكلفة الأرنونا في القدس وفق المساحة، فالمتر حوالي 360 شيكلا –أكثر من مائة دولار أمريكي-، وتقدر ضريبة محل 100 متر 36 ألف شيكل سنويا.
ولطالما طالب تجار البلدة القديمة في القدس، السلطة الفلسطينية بتبني قضاياهم والتعويض عن هذه الخسائر، أو تغطية الفواتير الشهرية لبعض النفقات التشغيلية أو دعم أسعار البضائع، "خاصة وأن مولات الاحتلال تضارب على أسواق البلدة خاصة في مواسم أعياد المسلمين والمسيحيين.
من جهته، قدّر مدير مركز معلومات وادي حلوة جواد صيام إن خسائر المقدسيين جراء الاغلاقات التي يفرضها الاحتلال تفوق الثمانية ملايين شيكل يوميا، مشيرا إلى أن الاحتلال يهدف إلى خنق مدينة القدس وتهجير المقدسيين منها.
وقال صيام في تصريح صحفي، إن الاحتلال يفرض اغلاقا محكما على البلدة القديمة، الأمر الذي أدى إلى شلل في الحركة التجارية وحركة المواطنين في المدينة.