من الواضح أن جهود استعادة الوحدة الوطنية المتواصلة في الفترة الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية وحركتي فتح وحماس، باتت تصطدم بجدار ضغوط العديد من الأطراف الدولية التي تدفع باتجاه افشالها وإبقاء الوضع السياسي الفلسطيني على ما هو عليه، دون تجديد للسلطات!
وكشف اللواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح عن وجود ضغوط وإغراءات لعدم إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.
وقال الرجوب في حوار مع قناة الميادين: "نتمنى من بعض الفصائل أن يدركوا أننا نتعرض لضغوط وإغراءات من أطراف باسم أمريكا و(إسرائيل) لعدم إجراء الانتخابات تحت أي ظرف من الظروف"، مبينا أن الولايات المتحدة الامريكية و(إسرائيل) وأطراف إقليمية ترفض المصالحة وإجراء الانتخابات الفلسطينية.
وعقد في الثالث من شهر سبتمبر الماضي ولأول مرة اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، في رام الله والعاصمة اللبنانية بيروت عبر نظام الربط التلفزيوني "الفيديو كونفرنس".
ويبدو أن تلك الضغوط نجحت في عرقلة انعقاد الاجتماع الثاني للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، والذي كان من المقرر عقده بداية الأسبوع الجاري، برئاسة الرئيس محمود عباس، لبحث ما تم التوافق عليه بين حركتي فتح وحماس، خلال المحادثات التي جرت بالعاصمة التركية إسطنبول.
ويمكن القول إن العصيّ التي تحاول أطراف دولية وإقليمية وضعها في دواليب عجلة الوحدة الفلسطينية، تمثل اختبارا حقيقيا أمام قيادة السلطة الفلسطينية، وتضعها أمام الاختيار بين استقلالية القرار الفلسطيني أو السقوط في مربع الاستقطاب.
مؤشر خطير
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد بأن أطرافا معينة في المنطقة وتابعة للإدارة الامريكية وتدور في فلكها تخشى من أن تكون هناك قيادة فلسطينية ينتخبها الشعب الفلسطيني وتريد هندسة قيادة فلسطينية تتماشى مع صفقة القرن ومشروع الحل الأمني.
ويوضح العقاد في حديثه لـ"الرسالة" أن الخطوات التي خطتها الفصائل من خلال مؤتمر الأمناء العامين ولقاءات إسطنبول كان مؤشرا خطيرا لدى بعض الأطراف بأن الشعب الفلسطيني يريد أن ينشئ قيادته وينتخب من يعبر عن طموحه ويقود نضاله.
ويبين أن هذه الأطراف تخشى من النافذة الجديدة التي فتحتها الفصائل هذه المرة، لا سيما عبر طرف جديد فاعل وهو تركيا التي باتت الدولة صاحبة الحضور القوي في العديد من الملفات الدولية والإقليمية.
ويشير إلى أن ذلك وضع السلطة أمام جملة من التهديدات ومحاولة التخويف من تلك الأطراف التي تمعن في قراءة المشهد، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الشعب الفلسطيني هو الوحيد القادر على حسم خياراته ولا يرتهن لأي أحد.
اختبار حقيقي
ويرى الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن تأخير اجتماع الأمناء العامين للفصائل يقرأ في سياق الضغوط التي يمارسها المحور السعودي الاماراتي؛ في إطار حسابات سياسية معينة باتجاه فرض رؤى تنسجم مع توجهات هذا المحور ومن يصطف في صفه.
ويؤكد الغريب لـ"الرسالة" أن الجهود السياسية التي تبذل من أجل ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ووصولا لإجراء الانتخابات ستواجه بعض التأخير والتأجيل، لا سيما أن هناك مؤشرا واضحا أن الأمور ليست كما يُخطط لها وهو نابع من التطورات الأخيرة التي تحدث عنها الرجوب على قناة الميادين.
ويلفت إلى أنه من ضمن الأهداف الموضوعة على الطاولة عدم اغلاق الباب أمام توجهات المحور الاماراتي السعودي لفرض قيادة بديلة للشعب الفلسطيني، وهو أمر يضع السلطة على المحك وأمام اختبار حقيقي لإثبات مدى استقلالية القرار الفلسطيني.