قائمة الموقع

مقال: تأثير التغيرات الدولية على القضية الفلسطينية

2020-10-29T14:26:00+02:00
احمد المدلل.PNG
بقلم: أحمد المدلل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي

                 أحمد المدلل

  

لا يزال العالم يعيش حالة من التغيرات والأحداث التى تصنعها دول وأشخاص ومخلوقات لا يعلمها إلا الله وأحيانا تبدأ التغيرات بفعل فردى ثم تصبح ظاهرة ، أو تبدأ فى إطار المجموع ثم يتفرد فيها شخص واحد ، وللأسف فى ظل هذا العالم المتلاطم الأمواج ، وحرص بعض الدول للحفاظ على الذات وتقويتها مثل ماليزيا وايران وتركيا والصين او  محاولة التفرد والهيمنة مثل أمريكا وإسرائيل ودول أوروبية كثيرة ، يُصر العرب  أن يبقوا مفعولا به لا فاعلا ولا مؤثرا فى مجريات الاحداث التى تموج فى هذا العالم ، ومن الصعب التكهن بما ستؤول اليه الأمور  نتيجة عوارض لم تكن فى الحسبان مثل جائحة كورونا التى لا تزال لها التأثير الأكبر على سوسيولوجيا البشرية وأثرت على كل شئ ، الصين التى أثارت حفيظة أمريكا (المتفردة) بتقدمها الاقتصادى والتكنولوجى السريع ،  ظاهرة الإسلاموفوبيا وصناعة الرعب فى اوروبا من الاسلام ، الغزو الاسرائيلى للعالم العربى وهذه المرة ليس بالحرب ولكن بالتطبيع ، الصراع المتحرك الدائر فى الشرق الأوسط بين محورين أحدهما تمثله تركيا وايران ومعهاالشعوب الحرة ومقاومتها  والثانى تمثله أمريكا و اسرائيل وأنظمة عربية ، الانتخابات الأمريكية ومستقبل الولايات المتحدة الداخلى اذا فاز بايدن ونفذ ترامب تهديداته بحرب أهليةتشهد انفصال ولايات عن الاتحاد الفيدرالى الأمريكى، هذه عناوين كبيرة ستكون سببا فى صنع واجهة العالم من جديد ... من يجول بنظره ويربط الاحداث بعضها ببعض سيكتشف أن كل هذا سيكون له انعكاساته على المنطقة العربية والقضية الفلسطينية ... أحداث الربيع العربى أكدت لنا أن أى صراع كونى ستكون آثاره مدمرة على المنطقة العربية  وفي قلبها اسرائيل المستفيدة الوحيدة من هذه التغيرات الكونية والصراعات التى تحدث وهى التى تأسست لتكون حارسة لمصالح أمريكا والامبريالية العالمية فى المنطقة إلى جانب القواعد العسكرية الامريكية والغربية المنتشرة فى منطقة الشرق الأوسط ، ومدى تحمّل الصين وروسيا وايران  التحدى الأمريكى اذا بقى ترامب يهدد ويلوح بعقوبات وحروب وهيمنة، وهو الذى يمتلك اليد الطولى فى التغيرات الحاصلة فى الشرق الاوسط من خلال صفقة القرن التى تريد ان تجعل دولة الاحتلال كياناً طبيعياً   ومقبولاً من دول المنطقة ، وترامب نفسه الذى يعمل جاهدا من أجل انهاء عمل الأونروا وإلغاء صفة اللاجئ الفلسطينى ويسعى من أجل توطين الفلسطينيين فى البلاد التى يتواجدون فيها وهذا متوقع أن يصبح واقعا فى كل لحظة حين يكون ضغط أمريكى جدى على الدول المانحة ومن ثَمّ  حصر دولة فلسطين فى قطاع غزة لتأخذ شكل الفاتيكان ليس بالشكل الدينى ولكن بحكم ذاتى بعيدا عن السيادة والعسكرة ، وثروات العرب تُقسم محاصصة بين امريكا والغرب واسرائيل والأنظمة الحاكمة التى تحفظ أمن اسرائيل، ليس مستبعدا ان يحدث هذا كله اذا بقيت الشعوب العربية على هذه الحال من الاستكانة والضعف وفى ظل محاولات قوية لتدجينها وكى وعيها وما نراه من اتساع رقعة النخب السياسية والثقافية والاقتصادية العربية التى تميل الى المحور التطبيعى دليل على مستقبل المنطقة المتحور جيوسياسيا ... والوقائع تقول إن فاز ترامب فى الإنتخابات الأمريكية القادمة  سيقوم بإكمال مشروعه فى الشرق الأوسط وستتحرك بوصلته باتجاه الصين وإيران بافتعال صدام مباشر ثم يتحول الى أمريكا اللاتينية لفرض هيمنة أمريكا من جديد على القارة الأمريكية ولكن السؤال هنا حول الوضع الأمريكى الداخلى وقد فشل ترامب فى مواجهة كورونا وتخبط سياسته الاقتصادية وتكريس العنصرية داخل المجتمع الأمريكى وهناك ولايات لا تزال عند موقفها بالإنفصال إن فاز ترامب وبقيت سياسته كما هى واستمرت سيطرة الإنجيليين واستحواذهم على الوظائف العليا والتحكم فى السياسة الأمريكية يعنى قد تذهب أمريكا الى حرب داخلية تعيد بعثرة الأوراق كلها من جديد ومن المتوقع فوز ترامب لأن ( الملأ)وهم رجال المال والأعمال والإعلام والجنرالات وشركات الأسلحة واللوبى الصهيونى، هو الذى جاء به وهو يريده لإنهاء المهمة التى لم تكتمل بعد ، ولو فرضنا جدلاً أن القادم الى رئاسة البيت الأبيض بايدن فإنه لن يستطيع أن يُلغى شيئاً مما أحدثه ترامب من تغييرات  حتى ولو اعترض الحزب الديمقراطى على سياسة ترامب ، لن يسمحوا للصين بمزيد من التفوق الاقتصادى والتكنولوجى ، لن يعملوا على اعادة السفارة الأمريكية الى تل أبيب ولن يعترضوا على التطبيع بين دولة الإحتلال والأنظمة العربية ولن يوقفوا النهم الأمريكى للهيمنة والسيطرة على ثروات ومقدرات العرب.  واذا حدث صدام بين امريكا والصين او امريكا وايران سيتشكل وجه آخر للمنطقة لا يمكن تحديده نتيجة الطحن الهائل الذى سيحدث ...

من الضرورى فى هذه المرحلة ان نحدد أولوياتنا كفلسطينيين لمواجهة المرحلة القادمة التى ستشهد تصفية للقضية الفلسطينية شئنا أم أبينا وأن نغادر ثقافة الأنا ، لأننا وحدنا من يستطيع أن يوقف هذا الانهيار الذى ستشهده الأمة كلها، وكما قال د. فتحى الشقاقى رحمه الله " إن فلسطين هى مركز الصراع الكونى " ،لذا فإننا نحتاج إلى أمرين مهمين هما  :   أولاً -  وحدة حقيقية تقوم على الشراكة الوطنية  وصياغة رؤية مشتركة لمواجهة التحديات التى تعصف بالقضية الفلسطينية .      ثانياً - إشعال جذوة الصراع وإدامة الإشتباك  مع العدو الصهيونى على ألا يتخلف منا أحد ، وكلما طالت فترة الانتظار والتردد لن يكون فى صالحنا واذا جاء بايدن او ترامب لن يغير من واقع الأمور شيئا لأن الذى يحكم أمريكا رئاسة وشعباً ويحدد سياساتها هم (الملأ) وليس شخص الرئيس لأنه اداة تنفيذية فقط ، لا رهان على الانتخابات الأمريكية ، ولا رهان على انتخابات صهيونية فإن المجتمع الصهيونى بكُلّيته يذهب بحدية باتجاه التطرف وإقامة دولة اسرائيل الكبرى ،  ولا رهان على الأنظمة العربية أمام مسلسل التطبيع وضعف الشعوب ، وكل الدول القوية فى عالمنا إن كانت اسلامية أو غير اسلامية لها مشاريعها الخاصة بها وهذا من حقها ، ونستطيع نحن اذا اتفقنا على مشروع وطنى واحد أن نكون عامل جذب لأحرار الأمة العربية والإسلامية نحو المقدس لنا ولهم ، اذا توفرت القناعة والارادة والعزيمة نستطيع أن نغير مجرى تاريخ المنطقة والعالم لأنها فلسطين كما أكد الشقاقى رحمه الله : "إن الوحدة حول فلسطين هى وحدة التاريخ والواقع مع القرآن وهى وحدة مشروع النهضة كله " .

اخبار ذات صلة