صوتٌ واحدٌ وصلنا من هناك، الجموع تهتف معًا، جميعها تنساب من بوابات الأقصى صوب القبة الذهبية، كان التجمع الأخير حولها، ثم نداء واحد "إلا رسول الله".
كان لزامًا على المسرى أن ينتفض نصرة للرسول وتنديدا بالرسوم المسيئة له، وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتمسكه بنشر الرسوم بدعوى حرية التعبير.
"لبيك يا رسول الله" جاب ذاك الصوت باحات الأقصى من مداخل باب العامود والأسباط ، تلته شعارات رفعها المتظاهرون المقدسيون "فداك أبي وأمي يا رسول الله".
خطبة ومقاطعة!
لهذه الجمعة طابع مختلف، لقد حاول الكثير من أبناء الضفة والداخل المحتل الوصول لباحات الأقصى رغم منع الجنود على الأطراف وعند المداخل، كانت المخاطرة تهون عندما تلامس الجباه أرضية الأقصى، وحينما تنادي الحناجر "إلا رسول الله".
"الزم حدك".. كان فعل الأمر حاضرًا خلال هتافات المشاركين في المسيرة المقدسية، أمر وتهديد في آن واحد موجه للرئيس الفرنسي ماكرون.
ماكرون الذي قال في تصريحات صحفية، إن فرنسا لن تتخلى عن "الرسوم الكاريكاتورية" المسيئة للإسلام، هو ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي، في حين أُطلقت في بعض الدول حملات مقاطعة للمنتجات والبضائع الفرنسية.
باحات المسجد الأقصى كانت على موعد مع مسيرة حاشدة بعد صلاة الجمعة نصرة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
تكبيرات وهتافات وصلت عنان السماء، الهتاف الثابت بينها "لن تركع أمة قائدها محمد" وسط دعوات رفعها المتظاهرون على لافتات تدعو لمقاطعة المنتجات الفرنسية.
محيط المسجد تغيرت معالمه، الجميع هنا على قلب واحد، الهم كبير هذه المرة، هذا رسول الله وهذه نصرته.
حواجز حديدية!
لطالما شهدت هذه الباحات دعاء المصلين طلبًا لشفاعة الرسول، حفظت الجدران همساتهم ومناجاتهم لله ليلًا وبعد كل فجر، هي اليوم تنتفض حبًا لشفيعها!
أزيلت الحواجز من أمام المصلين، فحشود المشاركين في المسيرة أجبرت جنود الاحتلال على إزالة الحواجز الحديدية التي وضعت لمنعهم من دخول الأقصى لأداء صلاة الجمعة.
ماذا عن خطبة الجمعة هذه المرة؟، هل اختلفت هي الأخرى؟، لقد بدأ الشيخ عكرمة صبري خطبته بعد إبعاد لأشهر، كانت مختلفة بطبيعة الحال فلقد أعلن البراءة من المطبعين مع الاحتلال والخائنين والمفرطين بأرض الإسراء والمعراج.
خطيب الجمعة وجه برسائله لفرنسا والتي يرى أن تاريخها أسودًا من خلال حملات الفرنجة ضد المسلمين، والجرائم التي ارتكبت بحق مليون مواطن في الجزائر.
كما يرى الكثيرون بعد الإساءة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام أكد الشيخ صبري أن الرئيس الفرنسي أعلن عداءه للمسلمين في العالم، وهو الذي يتحمل مسؤولية ما يجري من أعمال عنف.
تفرقت الجموع من الأقصى وبقي حب المصطفى عامرًا في المسرى وفي قلوب الفلسطينيين الذين ما فتئوا ينصروه باتباع سنته قبل الهتاف!