قائد الطوفان قائد الطوفان

الانقسام يفوز بولاية أخرى

أحمد الكومي.jpg
أحمد الكومي.jpg

بقلم/ أحمد الكومي

 أعجبتني تغريدة لمدير مركز العودة الفلسطيني طارق حمود عبر حسابه في موقع "تويتر" تعليقًا على فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، كتب فيها أنه "مع تقدم بايدن باتجاه البيت الأبيض، هناك شخصان يحزمان حقائبهما، دونالد ترمب وجبريل الرجوب".

لا تحتاج هذه التغريدة إلى شرحٍ وافٍ حول مقاصد كاتبها من زجّ اسم الرجوب ضمن الراحلين، لكن الإيجاز فيها يحمل المعنى الكثير لهذا الفوز على مستقبل المصالحة الفلسطينية، وهي بلاغة أغنت عن إطناب لا فائدة منه.

تعبّر التغريدة عن هواجسنا، فقد أصبحنا من واقع التجربة، أكثر دراية بالمسالك والتوجهات السياسية للسلطة وموضع قدمها، بناء على ما تفرضه الظروف والمتغيرات الخارجية، وهو مؤشر على مستوى الارتهان الخارجي الذي يجيب عن سوء الحال السياسي الذي تمرّ به القضية الفلسطينية.

إن أول دلالات ما لا نرجوه من تأثير فوز بايدن على الشأن الفلسطيني الداخلي، هو أن توجّه السلطة وحركة فتح إلى التوافق مع حركة حماس، كان فقط شكلًا من أشكال التعبير عن الغضب ضد ممارسات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والرئيس ترامب، ولا توجد في الوضع الحالي، وبعد الحوارات الأخيرة، أي إشارات تأتي بالنقيض من ذلك.

إنما يضفي ذلك مصداقية على تقديرات في حينه بأن التقارب كان دافعه شراء الوقت؛ حتى تتحقق هذه اللحظة التي تعود فيها الآمال بعودة القطار إلى سكّته المهترئة، وما يعني ذلك من منح الانقسام الفلسطيني ولاية زمنية أخرى، حتى التحق هو الآخر بالملفات التي يحدد مصيرها الوافدون الجدد إلى البيت الأبيض

إن فكرة انتظار ما يحمله الآخرون لنا هي تصريح باللاسيادة لنا وفقدان الشخصية الوطنية الاعتبارية، في الصراع الذي لا تحسمه سوى القدرة على قول لا، في عالم تفوّق فيه آخرون أصحاب قضايا وهموم مثلنا، واستردّوا حقوقهم؛ لأنهم أنفسهم تحكموا بمسارات الأمور والعلاقات.

تعوّل السلطة الفلسطينية، مع الرئيس الجديد بايدن، على عودة الأمور إلى ما كانت عليه في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، والمبادرة إلى تبنّي المقترح الذي تقدّم به الرئيس عباس بعقد مؤتمر دولي للسلام في مطلع العام المقبل 2021، إلا أن ما يجب الانتباه له هو أن ترامب ترك إرثاً ثقيلًا وسيئاً في القضية الفلسطينية، لن يكون سهلًا على بايدن، الذي يوصف بأنه "مؤيّد صريح" لـ(إسرائيل)، التعامل معه أو معالجة آثاره.

كما أن عودة العلاقة الفلسطينية الأمريكية على المستوى الرسمي، والقبول بفتح مسار جديد للسلام وإعادة إطلاق عملية التسوية -لن يكون في العام الأوّل لبايدن غالبًا- لن يكون هو الآخر بالمرونة التي تعتقدها السلطة، وغالبًا ستميل الإدارة الجديدة إلى التدرّج في ذلك، مع ما يعني ذلك من إعلان رسمي بالتراجع عن مطلب تدويل القضية أو تجميده، وتكرار نفس الخطأ والرهان على فرصة جديدة، وكأننا نملك ترف الوقت.

أوباما أنهى ولايتين ولم يتخل عن التأييد المطلق لـ (إسرائيل)، وكذلك سيكون الأمر مع بايدن الذي قال في خطاب ألقاه عام 2015 إنه يجب على الولايات المتحدة التمسك "بوعدها المقدس بحماية وطن الشعب اليهودي". وكما فشل أوباما في التوصل لتسوية نهائية أو مجرّد اتفاق، سيفشل بايدن كذلك في إذعان نتنياهو والضغط عليه، وبالتالي، فإن الرؤية ستكون باتجاه محاولة إعادة المفاوضات وإبقاء الأمل بالحلّ، ولو بلا نتيجة.

البث المباشر